nindex.php?page=treesubj&link=28678_28723_32501_28978nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=190فلما آتاهما صالحا وهو ما سألاه أصالة من النسل أو ما طلباه أصالة واستتباعا من الولد وولد الولد ما تناسلوا
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=190جعلا أي النسل الصالح السوي، وثنى الضمير باعتبار أن ذلك النسل صنفان ذكر وأنثى، وقد جاء أن حواء كانت تلد في كل بطن كذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=190له أي: لله سبحانه وتعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=190شركاء من الأصنام والأوثان
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=190فيما آتاهما من الأولاد حيث أضافوا ذلك إليهم، والتعبير (بما) لأن هذه الإضافة عند الولادة، والأولاد إذ ذاك ملحقون بما لا يعقل.
وقيل: المراد بالموصول ما يعم سائر النعم؛ فإن المشركين ينسبون ذلك إلى آلهتهم، ووجه العدول عن الإضمار حيث لم يقل شركاء فيه على الوجهين ظاهر، وإسناد الجعل للنسل على حد: بنو تميم قتلوا فلانا،
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=190فتعالى الله عما يشركون تنزيه فيه معنى التعجب، والفاء لترتيبه على ما فصل من
nindex.php?page=treesubj&link=28675_33679قدرته سبحانه عز وجل وآثار نعمته الزاجرة عن الشرك الداعية إلى التوحيد، وضمير الجمع لأولئك النسل الذين جعلوا لله شركاء وفيه تغليب المذكر على المؤنث، وإيذان بعظم شركهم، والمراد بذلك إما التسمية أو مطلق الإشراك، و (ما) إما مصدرية أي: عن إشراكهم أو موصولة أو موصوفة أي: عما يشركون به تعالى، وهذه الآية عندي من المشكلات، وللعلماء فيها كلام طويل ونزاع عريض، وما ذكرناه هو الذي يشير إليه كلام
nindex.php?page=showalam&ids=13980الجبائي وهو مما لا بأس به بعد إغضاء العين عن مخالفته للمرويات سوى تثنية الضمير تارة وجمعه أخرى مع كون المرجع مفردا لفظا ولم نجد ذلك في الفصيح.
واختار غير واحد أن في جعلا وآتاهما بعد مضافا محذوفا وضمير التثنية فيهما
لآدم وحواء على طرز ما قبل أي: جعل أولادهما فيما آتى أولادهما من الأولاد وإنما قدروه في موضعين ولم يكتفوا بتقديره في الأول وإعادة الضمير من الثاني على المقدر أولا لأن الحذف لم تقم عليه قرينة ظاهرة فهو كالمعدوم فلا يحسن عود الضمير عليه، والمراد بالشرك فيما آتى الأولاد تسمية كل واحد من أولادهم بنحو عبد العزى وعبد شمس.
واعترض أولا بأن ما ذكر من حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه إنما يصار إليه فيما يكون للفعل ملابسة ما بالمضاف إليه أيضا بسرايته إليه حقيقة أو حكما ويتضمن نسبته إليه صورة مزية يقتضيها المقام كما في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=141وإذ أنجيناكم من آل فرعون الآية. فإن الإنجاء منهم مع أن تعلقه حقيقة ليس إلا بأسلاف اليهود، وقد نسب إلى أخلافهم بحكم سرايته إليهم توفية لمقام الامتنان حقه، وكذا يقال في نظائره وهنا ليس كذلك؛ إذ لا ريب في أن
آدم وحواء عليهما السلام بريئان من سراية الجعل المذكور إليهما بوجه من الوجوه فلا وجه لإسناده إليهما صورة، وثانيا بأن إشراكهم بإضافة أولادهم بالعبودية إلى أصنامهم من لازم اتخاذ تلك الأصنام آلهة ومتفرع
[ ص: 140 ] له لا أمر حدث عنهم لم يكن قبل؛ فينبغي أن يكون التوبيخ على هذا دون ذلك، وثالثا بأن إشراك أولادهما لم يكن حين آتاهما الله تعالى صالحا بل بعده بأزمنة متطاولة، ورابعا بأن إجراء جعلا على غير ما أجري عليه الأول والتعقيب بالفاء يوجب اختلال النظم الكريم.
وأجيب عن الأول بأن وجه ذلك الإسناد الإيذان بتركهما الأولى حيث أقدما على نظم أولادهما في سلك أنفسهما والتزما شكرهم في ضمن شكرهما، وأقسما على ذلك قبل تعرف أحوالهم ببيان أن إخلالهم بالشكر الذي وعداه وعدا مؤكدا باليمين بمنزلة إخلالهما بالذات في استيجاب الحنث والخلف مع ما فيه من الإشعار بتضاعف جنايتهم ببيان أنهم بجعلهم المذكور أوقعوهما في ورطة الحنث والخلف وجعلوهما كأنهما باشراه بالذات فجمعوا بين الجناية مع الله تعالى والجناية عليهما عليهما السلام، وعن الثاني بأن المقام يقتضي التوبيخ على هذا لأنه لما ذكر ما أنعم سبحانه وتعالى به وعليهم من الخلق من نفس واحدة وتناسلهم وبخهم على جهلهم وإضافتهم تلك النعم إلى غير معطيها وإسنادها إلى من لا قدرة له على شيء ولم يذكر أولا أمرا من أمور الألوهية قصدا حتى يوبخوا على اتخاذ الآلهة، وعن الثالث بأن كلمة لما ليست للزمان المتضايق بل الممتد فلا يلزم أن يقع الشرط والجزاء في يوم واحد أو شهر أو سنة بل يختلف ذلك باختلاف الأمور كما يقال: لما ظهر الإسلام طهرت البلاد من الكفر والإلحاد، وعن الرابع بما حرره صاحب الكشف في اختيار هذا القول وإيثاره على القول بأن الشرك راجع
لآدم وحواء عليهما السلام وليس المتعارف بل ما نقل من تسمية الولد عبد الحرث وهو أن الظاهر أن قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=189هو الذي خلقكم من نفس واحدة خطاب لأهل
مكة وأنه بعد ما ختمت قصة اليهود بما ختمت تسلية وتشجيعا للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم وحملا له على التثبت والصبر اقتداء بإخوته من أولي العزم عليه وعليهم الصلاة والسلام لا سيما مصطفاه وكليمه موسى عليه السلام فإن ما قاساه من بني إسرائيل كان شديد الشبه بما كان يقاسيه صلى الله تعالى عليه وسلم من
قريش وذيلت بما يقتضي العطف على المعنى الذي سيق له الكلام أولا؛ أعني قوله سبحانه وتعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=181وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وقع التخلص إلى ذكر أهل
مكة في (حاق) موقعه فقيل:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=182والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم وذكر سؤالهم عما لا يعنيهم فلما أريد بيان أن ذلك مما لا يهمكم وإنما المهم إزالة ما أنتم عليه منغمسون فيه من أوضار الشرك والآثام مهد له، هو الذي خلقكم مضمنا معنى الامتنان والمالكية المقتضيين للتوحيد والعبودية ثم قيل:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=190فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء أي: جعلتم يا أولادهما، ولقد كان في أبويكم أسوة حسنة في قولهما:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=189لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين وكأن المعنى والله تعالى أعلم: فلما آتاهما صالحا ووفيا بما وعدا به ربهما من القيام بموجب الشكر خالفتم أنتم يا أولادهما فأشركتم وكفرتم النعمة، وفي هذا الالتفات ثم إضافة فعلهم إلى الأبوين على عكس ما جعل من خلق الأب وتصويره في معرض الامتنان متعلقا بهم إيماء إلى غاية كفرانهم وتماديهم في الغي، وعليه ينطبق قوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=190فتعالى الله عما يشركون ثم قال: فظهر أن إجراء جعلا له على غير ما أجري عليه الأول، والتعقيب بالفاء لا يوجب اختلال النظم بل يوجب التئامه، والإنصاف أن الأسئلة والآية على هذا الوجه من قبيل اللغز، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة أن ضمير جعلا وآتاهما يعود على النفس وزوجها من ولد
آدم لا إلى
آدم وحواء عليهما السلام، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13720الأصم قال: ويكون المعنى في قوله سبحانه
[ ص: 141 ] وتعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=189خلقكم من نفس واحدة خلق كل واحد منكم من نفس واحدة وخلق لكل نفس زوجا من جنسها فلما تغشى كل نفس زوجها حملت حملا خفيفا وهو ماء الفحل، فلما أثقلت بمصير ذلك الماء لحما ودما وعظما دعا الرجل والمرأة ربهما: لئن آتيتنا صالحا أي: ذكرا سويا لنكونن من الشاكرين، وكانت عادتهم أن يئدوا البنات فلما آتاهما أي: فلما أعطى الله تعالى الأب والأم ما سألاه جعلا له شركاء؛ فسميا عبد اللات وعبد العزى وغير ذلك، ثم رجعت الكناية في قوله سبحانه وتعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=190فتعالى الله عما يشركون إلى الجميع. ولا تعلق للآية
بآدم وحواء عليهما السلام أصلا، ولا يخفى أن المتبادر من صدرها
آدم وحواء ولا يكاد يفهم غيرهما رأسا، نعم اختار
ابن المنير ما مآله هذا في الانتصاف وادعى أنه أقرب وأسلم مما تقدم وهو أن يكون المراد جنسي الذكر والأنثى ولا يقصد معين من ذلك، ثم قال: وكأن المعنى والله تعالى أعلم: هو الذي خلقكم جنسا واحدا وجعل أزواجكم منكم أيضا لتسكنوا إليهن، فلما تغشى الجنس الذي هو الذكر الجنس الذي هو الأنثى جرى من هذين الجنسين كيت وكيت، وإنما نسب هذه المقالة إلى الجنس وإن كان فيهم الموحدون لأن المشركين منهم فجاز أن يضاف الكلام إلى الجنس على طريقة: قتل بنو تميم فلانا، وإنما قتله بعضهم، ومثله قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=66ويقول الإنسان أإذا ما مت لسوف أخرج حيا و
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=17قتل الإنسان ما أكفره إلى غير ذلك وتعقب بأن فيه إجراء جميع ألفاظ الآية على الأوجه البعيدة.
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12150أبي مسلم أن صدر الآية
لآدم وحواء كما هو الظاهر إلا أن حديثهما ما تضمنه قوله سبحانه وتعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=189هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها وانقطع الحديث ثم خص المشركين من أولاد
آدم بالذكر، ويجوز أن يذكر العموم ثم يخص البعض بالذكر، وهو كما ترى. وقيل: يجوز أن يكون ضمير جعلا
لآدم وحواء كما هو الظاهر والكلام خارج مخرج الاستفهام الإنكاري والكناية في (فتعالى) إلخ للمشركين، وذلك أنهم كانوا يقولون: إن
آدم عليه السلام كان يعبد الأصنام ويشرك كما نشرك فرد عليهم بذلك، ونظير هذا أن ينعم رجل على آخر بوجوه كثيرة من الإنعام ثم يقال لذلك المنعم: إن الذي أنعمت عليه يقصد إيذاءك وإيصال الشر إليك فيقول: فعلت في حقه كذا وكذا وأحسنت إليه بكذا وكذا ثم إنه يقابلني بالشر والإساءة؛ ومراده أنه بريء من ذلك ومنفي عنه.
وقيل: يحتمل أن يكون الخطاب في (خلقكم) لقريش وهم آل قصي فإنهم خلقوا من نفس
قصي وكان له زوج من جنسه عربية قريشية وطلبا من الله تعالى الولد فأعطاهما أربعة بنين فسمياهم
عبد مناف وعبد شمس وعبد العزى وعبد الدار يعني بها
دار الندوة، ويكون الضمير في (يشركون) لهما ولأعقابهما المقتدين بهما، وأيد ذلك بقوله في قصة
أم معبد: فيا لقصي ما زوى الله عنكم به من فخار لا يبارى وسؤدد
واستبعد ذلك في الكشف بأن المخاطبين لم يخلقوا من نفس قصي لا كلهم ولا جلهم وإنما هو: مجتمع
قريش وبأن القول بأن زوجه قرشية خطأ؛ لأنها إنما كانت بنت سيد
مكة من
خزاعة، وقريش إذ ذاك متفرقون ليسوا في
مكة، وأيضا من أين العلم أنهما وعدا عند الحمل أن يكونا شاكرين لله تبارك وتعالى ولا كفران أشد من الكفر الذي كانا فيه.
وما مثل من فسر بذلك إلا كمن عمر قصرا فهدم مصرا، وأما البيت فإنما خص فيه
بنو قصي بالذكر لأنهم ألصق برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، أو لأنه لما كان سيدهم وأميرهم شمل ذكره الكل شمول
فرعون لقومه ومعلوم أن الكل ليسوا من نسل
فرعون، (وأجيب) عن قوله: من أين العلم إلخ بأنه من
[ ص: 142 ] إعلام الله تعالى إن كان ذلك هو معنى النظم، ومنه يعلم أن كون زوجته غير قرشية في حيز المنع. نعم في كون قصي هو أحد أجداد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان مشركا مخالفة لما ذهب إليه جمع من أن أجداده عليه الصلاة والسلام كلهم غير مشركين، وقيل: إن ضمير له للولد، والمعنى أنهما طلبا من الله تعالى أمثالا للولد الصالح الذي آتاهما، وقيل: هو لإبليس، والمعنى جعلا لإبليس شركاء في اسمه حيث سميا ولدهما بعبد الحرث، وكلا القولين ردهما
nindex.php?page=showalam&ids=14552الآمدي في أبكار الأفكار، وهما لعمري أوهن من بيت العنكبوت، لكني ذكرتهما استيفاء للأقوال، وذهب جماعة من السلف
كابن عباس، nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد، nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب وغيرهم إلى أن ضمير جعلا يعود
لآدم وحواء عليهما السلام، والمراد بالشرك بالنسبة إليهما غير المتبادل بل ما أشرنا إليه آنفا إلى قوله سبحانه وتعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=92فتعالى عما يشركون تخلص إلى قصة
العرب وإشراكهم الأصنام فهو كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي من الموصول لفظا المفصول معنى، ويوضح ذلك كما قيل تغيير الضمير إلى الجمع بعد التثنية ولو كانت القصة واحدة لقيل: يشركان، وكذلك الضمائر بعد، وأيد ذلك بما أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وحسنه.
nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وصححه، عن
سمرة بن جندب رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=700103«لما ولدت حواء طاف بها إبليس وكان لا يعيش لها ولد فقال لها: سميه عبد الحرث فإنه يعيش فسمته بذلك فعاش، فكان ذلك من وحي الشيطان، وأمره وأراد بالحرث نفسه فإنه كان يسمى به بين الملائكة».
ولا يعد هذا شركا بالحقيقة على ما قال
القطب؛ لأن أسماء الأعلام لا تفيد مفهوماتها اللغوية لكن أطلق عليه الشرك تغليظا وإيذانا بأن ما عليه أولئك السائلون عما لا يعنيهم أمر عظيم لا يكاد يحيط بفظاعته عبارة.
وفي لباب التأويل أن إضافة عبد إلى الحرث على معنى أنه كان سببا لسلامته وقد يطلق اسم العبد على ما لا يراد به الملوك كقوله:
وإني لعبد الضيف ما دام ثاويا
ولعل نسبة الجعل إليهما مع أن الحديث ناطق بأن الجاعل
حواء لا هي
وآدم لكونه عليه السلام أقرها على ذلك، وجاء في بعض الروايات التصريح بأنهما سمياه بذلك. وتعقب هذا القول بعض المدققين بأن الحديث لا يصلح تأييدا له؛ لأنه لم يرد مفسرا للآية ولا إنكارا لصدور ذلك منهما عليهما السلام فإنه ليس بشرك. نعم كان الأولى بهما التنزه عن ذلك إنما المنكر حمل الآية على ذلك مع ما فيه من العدول عن الظاهر لا سيما على قراءة الأكثرين (شركاء) بلفظ الجمع، ومن حمل (فتعالى) إلخ على أنه ابتداء كلام وهو راجع إلى المشركين من الكفار، والفاء فصيحة، وكونه منقولا عن السلف معارض بأن غيره منقول أيضا عن جمع منهم. انتهى. وقد يقال: أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11الحبر أن الآية نزلت في تسمية
آدم وحواء ولديهما بعبد الحرث، ومثل ذلك لا يكاد يقال من قبل الرأي، وهو ظاهر في كون الخبر تفسيرا للآية، وارتكاب خلاف الظاهر في تفسيرها مما لا مخلص عنه كما لا يخفى على المنصف.
ووجه جمع الشركاء زيادة في التغليظ لأن من جوز الشرك جوز الشركاء، فلما جعلا شريكا فكأنهما جعلا شركاء، وحمل
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=190فتعالى الله إلخ على الابتداء مما يستدعيه السباق والسياق وبه وصرح كثير من أساطين الإسلام والذاهبون إلى غير هذا الوجه نزر قليل بالنسبة إلى الذاهبين إليه وهم دونهم أيضا في العلم والفضل وشتان ما بين دندنة النحل وألحان معبد، ومن هنا قال العلامة
الطيبي: إن هذا القول أحسن الأقوال بل لا قول غيره ولا معول إلا عليه لأنه مقتبس من مشكاة النبوة وحضرة الرسالة صلى الله تعالى عليه وسلم، وأنت قد علمت مني أنه إذا
[ ص: 143 ] صح الحديث فهو مذهبي، وأراه قد صح ولذلك أحجم كميت قلمي عن الجري في ميدان التأويل كما جرى غيره والله تعالى الموفق للصواب، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع nindex.php?page=showalam&ids=11948وأبو بكر: (شركا) بصيغة المصدر أي: شركة أو ذوي شركة وهم الشركاء.
nindex.php?page=treesubj&link=28678_28723_32501_28978nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=190فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا وَهُوَ مَا سَأَلَاهُ أَصَالَةً مِنَ النَّسْلِ أَوْ مَا طَلَبَاهُ أَصَالَةً وَاسْتِتْبَاعًا مِنَ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ مَا تَنَاسَلُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=190جَعَلا أَيِ النَّسْلَ الصَّالِحَ السَّوِيَّ، وَثَنَّى الضَّمِيرَ بِاعْتِبَارِ أَنَّ ذَلِكَ النَّسْلَ صِنْفَانِ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، وَقَدْ جَاءَ أَنَّ حَوَّاءَ كَانَتْ تَلِدُ فِي كُلِّ بَطْنٍ كَذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=190لَهُ أَيْ: لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=190شُرَكَاءَ مِنَ الْأَصْنَامِ وَالْأَوْثَانِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=190فِيمَا آتَاهُمَا مِنَ الْأَوْلَادِ حَيْثُ أَضَافُوا ذَلِكَ إِلَيْهِمْ، وَالتَّعْبِيرُ (بِمَا) لِأَنَّ هَذِهِ الْإِضَافَةَ عِنْدَ الْوِلَادَةِ، وَالْأَوْلَادُ إِذْ ذَاكَ مُلْحَقُونَ بِمَا لَا يَعْقِلُ.
وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْمَوْصُولِ مَا يَعُمُّ سَائِرَ النِّعَمِ؛ فَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ يَنْسُبُونَ ذَلِكَ إِلَى آلِهَتِهِمْ، وَوَجْهُ الْعُدُولِ عَنِ الْإِضْمَارِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ شُرَكَاءَ فِيهِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ ظَاهِرٌ، وَإِسْنَادُ الْجَعْلِ لِلنَّسْلِ عَلَى حَدِّ: بَنُو تَمِيمٍ قَتَلُوا فُلَانًا،
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=190فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ تَنْزِيهٌ فِيهِ مَعْنَى التَّعَجُّبِ، وَالْفَاءُ لِتَرْتِيبِهِ عَلَى مَا فَصَّلَ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28675_33679قُدْرَتِهِ سُبْحَانَهُ عَزَّ وَجَلَّ وَآثَارِ نِعْمَتِهِ الزَّاجِرَةِ عَنِ الشِّرْكِ الدَّاعِيَةِ إِلَى التَّوْحِيدِ، وَضَمِيرُ الْجَمْعِ لِأُولَئِكَ النَّسْلِ الَّذِينَ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ وَفِيهِ تَغْلِيبُ الْمُذَكَّرِ عَلَى الْمُؤَنَّثِ، وَإِيذَانٌ بِعِظَمِ شِرْكِهِمْ، وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ إِمَّا التَّسْمِيَةُ أَوْ مُطْلَقُ الْإِشْرَاكِ، وَ (مَا) إِمَّا مَصْدَرِيَّةٌ أَيْ: عَنْ إِشْرَاكِهِمْ أَوْ مَوْصُولَةٌ أَوْ مَوْصُوفَةٌ أَيْ: عَمَّا يُشْرِكُونَ بِهِ تَعَالَى، وَهَذِهِ الْآيَةُ عِنْدِي مِنَ الْمُشْكِلَاتِ، وَلِلْعُلَمَاءِ فِيهَا كَلَامٌ طَوِيلٌ وَنِزَاعٌ عَرِيضٌ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ هُوَ الَّذِي يُشِيرُ إِلَيْهِ كَلَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=13980الْجُبَّائِيِّ وَهُوَ مِمَّا لَا بَأْسَ بِهِ بَعْدَ إِغْضَاءِ الْعَيْنِ عَنْ مُخَالَفَتِهِ لِلْمَرْوِيَّاتِ سِوَى تَثْنِيَةِ الضَّمِيرِ تَارَةً وَجَمْعِهِ أُخْرَى مَعَ كَوْنِ الْمَرْجِعِ مُفْرَدًا لَفْظًا وَلَمْ نَجِدْ ذَلِكَ فِي الْفَصِيحِ.
وَاخْتَارَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ فِي جَعَلَا وَآتَاهُمَا بَعْدُ مُضَافًا مَحْذُوفًا وَضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ فِيهِمَا
لِآدَمَ وَحَوَّاءَ عَلَى طَرْزِ مَا قَبْلُ أَيْ: جَعَلَ أَوْلَادُهُمَا فِيمَا آتَى أَوْلَادَهُمَا مِنَ الْأَوْلَادِ وَإِنَّمَا قَدَّرُوهُ فِي مَوْضِعَيْنِ وَلَمْ يَكْتَفُوا بِتَقْدِيرِهِ فِي الْأَوَّلِ وَإِعَادَةُ الضَّمِيرِ مِنَ الثَّانِي عَلَى الْمُقَدَّرِ أَوَّلًا لِأَنَّ الْحَذْفَ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ فَهُوَ كَالْمَعْدُومِ فَلَا يَحْسُنُ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَيْهِ، وَالْمُرَادُ بِالشِّرْكِ فِيمَا آتَى الْأَوْلَادَ تَسْمِيَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَوْلَادِهِمْ بِنَحْوِ عَبْدِ الْعُزَّى وَعَبْدِ شَمْسٍ.
وَاعْتُرِضَ أَوَّلًا بِأَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ مَقَامَهُ إِنَّمَا يُصَارُ إِلَيْهِ فِيمَا يَكُونُ لِلْفِعْلِ مُلَابَسَةٌ مَا بِالْمُضَافِ إِلَيْهِ أَيْضًا بِسِرَايَتِهِ إِلَيْهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَيَتَضَمَّنُ نِسْبَتَهُ إِلَيْهِ صُورَةَ مَزِيَّةٍ يَقْتَضِيهَا الْمَقَامُ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=141وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ الْآيَةَ. فَإِنَّ الْإِنْجَاءَ مِنْهُمْ مَعَ أَنَّ تَعَلُّقَهُ حَقِيقَةً لَيْسَ إِلَّا بِأَسْلَافِ الْيَهُودِ، وَقَدْ نُسِبَ إِلَى أَخْلَافِهِمْ بِحُكْمِ سِرَايَتِهِ إِلَيْهِمْ تَوْفِيَةً لِمَقَامِ الِامْتِنَانِ حَقَّهُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي نَظَائِرِهِ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ؛ إِذْ لَا رَيْبَ فِي أَنَّ
آدَمَ وَحَوَّاءَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ بَرِيئَانِ مِنْ سِرَايَةِ الْجَعْلِ الْمَذْكُورِ إِلَيْهِمَا بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ فَلَا وَجْهَ لِإِسْنَادِهِ إِلَيْهِمَا صُورَةً، وَثَانِيًا بِأَنَّ إِشْرَاكَهُمْ بِإِضَافَةِ أَوْلَادِهِمْ بِالْعُبُودِيَّةِ إِلَى أَصْنَامِهِمْ مِنْ لَازِمِ اتِّخَاذِ تِلْكَ الْأَصْنَامِ آلِهَةً وَمُتَفَرِّعٌ
[ ص: 140 ] لَهُ لَا أَمْرٌ حَدَثَ عَنْهُمْ لَمْ يَكُنْ قَبْلُ؛ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّوْبِيخُ عَلَى هَذَا دُونَ ذَلِكَ، وَثَالِثًا بِأَنَّ إِشْرَاكَ أَوْلَادِهِمَا لَمْ يَكُنْ حِينَ آتَاهُمَا اللَّهُ تَعَالَى صَالِحًا بَلْ بَعْدَهُ بِأَزْمِنَةٍ مُتَطَاوِلَةٍ، وَرَابِعًا بِأَنْ إِجْرَاءَ جَعَلَا عَلَى غَيْرِ مَا أُجْرِيَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ وَالتَّعْقِيبُ بِالْفَاءِ يُوجِبُ اخْتِلَالَ النَّظْمِ الْكَرِيمِ.
وَأُجِيبَ عَنِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ وَجْهَ ذَلِكَ الْإِسْنَادِ الْإِيذَانُ بِتَرْكِهِمَا الْأَوْلَى حَيْثُ أَقْدَمَا عَلَى نَظْمِ أَوْلَادِهِمَا فِي سِلْكِ أَنْفُسِهِمَا وَالْتَزَمَا شُكْرَهُمْ فِي ضِمْنِ شُكْرِهِمَا، وَأَقْسَمَا عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ تَعَرُّفِ أَحْوَالِهِمْ بِبَيَانِ أَنَّ إِخْلَالَهُمْ بِالشُّكْرِ الَّذِي وَعَدَاهُ وَعْدًا مُؤَكَّدًا بِالْيَمِينِ بِمَنْزِلَةِ إِخْلَالِهِمَا بِالذَّاتِ فِي اسْتِيجَابِ الْحِنْثِ وَالْخُلْفِ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الْإِشْعَارِ بِتَضَاعُفِ جِنَايَتِهِمْ بِبَيَانِ أَنَّهُمْ بِجَعْلِهِمُ الْمَذْكُورَ أَوْقَعُوهُمَا فِي وَرْطَةِ الْحِنْثِ وَالْخُلْفِ وَجَعَلُوهُمَا كَأَنَّهُمَا بَاشَرَاهُ بِالذَّاتِ فَجَمَعُوا بَيْنَ الْجِنَايَةِ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِمَا عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَعَنِ الثَّانِي بِأَنَّ الْمَقَامَ يَقْتَضِي التَّوْبِيخَ عَلَى هَذَا لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ مَا أَنْعَمَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ وَعَلَيْهِمْ مِنَ الْخَلْقِ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَتَنَاسُلِهِمْ وَبَّخَهُمْ عَلَى جَهْلِهِمْ وَإِضَافَتِهِمْ تِلْكَ النِّعَمَ إِلَى غَيْرِ مُعْطِيهَا وَإِسْنَادِهَا إِلَى مَنْ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى شَيْءٍ وَلَمْ يَذْكُرْ أَوَّلًا أَمْرًا مِنْ أُمُورِ الْأُلُوهِيَّةِ قَصْدًا حَتَّى يُوَبَّخُوا عَلَى اتِّخَاذِ الْآلِهَةِ، وَعَنِ الثَّالِثِ بِأَنَّ كَلِمَةَ لَمَّا لَيْسَتْ لِلزَّمَانِ الْمُتَضَايِقِ بَلِ الْمُمْتَدِّ فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَقَعَ الشَّرْطُ وَالْجَزَاءُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ بَلْ يَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأُمُورِ كَمَا يُقَالُ: لَمَّا ظَهَرَ الْإِسْلَامُ طَهُرَتِ الْبِلَادُ مِنَ الْكُفْرِ وَالْإِلْحَادِ، وَعَنِ الرَّابِعِ بِمَا حَرَّرَهُ صَاحِبُ الْكَشْفِ فِي اخْتِيَارِ هَذَا الْقَوْلِ وَإِيثَارِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الشِّرْكَ رَاجِعٌ
لِآدَمَ وَحَوَّاءَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَلَيْسَ الْمُتَعَارَفُ بَلْ مَا نُقِلَ مِنْ تَسْمِيَةِ الْوَلَدِ عَبْدَ الْحَرْثِ وَهُوَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=189هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ خِطَابٌ لِأَهْلِ
مَكَّةَ وَأَنَّهُ بَعْدَ مَا خُتِمَتْ قِصَّةُ الْيَهُودِ بِمَا خُتِمَتْ تَسْلِيَةً وَتَشْجِيعًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَمْلًا لَهُ عَلَى التَّثَبُّتِ وَالصَّبْرِ اقْتِدَاءً بِإِخْوَتِهِ مِنْ أُولِي الْعَزْمِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَا سِيَّمَا مُصْطَفَاهُ وَكَلِيمُهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنَّ مَا قَاسَاهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ شَدِيدَ الشَّبَهِ بِمَا كَانَ يُقَاسِيهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ
قُرَيْشٍ وَذُيِّلَتْ بِمَا يَقْتَضِي الْعَطْفَ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي سِيقَ لَهُ الْكَلَامُ أَوَّلًا؛ أَعْنِي قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=181وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَقَعَ التَّخَلُّصُ إِلَى ذِكْرِ أَهْلِ
مَكَّةَ فِي (حَاقَ) مَوْقِعَهُ فَقِيلَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=182وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ وَذُكِرَ سُؤَالُهُمْ عَمَّا لَا يَعْنِيهِمْ فَلَمَّا أُرِيدَ بَيَانُ أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَهُمُّكُمْ وَإِنَّمَا الْمُهِمُّ إِزَالَةُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مُنْغَمِسُونَ فِيهِ مِنْ أَوْضَارِ الشِّرْكِ وَالْآثَامِ مَهَّدَ لَهُ، هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مُضَمَّنًا مَعْنَى الِامْتِنَانِ وَالْمَالِكِيَّةِ الْمُقْتَضِيَيْنِ لِلتَّوْحِيدِ وَالْعُبُودِيَّةِ ثُمَّ قِيلَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=190فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ أَيْ: جَعَلْتُمْ يَا أَوْلَادَهُمَا، وَلَقَدْ كَانَ فِي أَبَوَيْكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي قَوْلِهِمَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=189لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ وَكَأَنَّ الْمَعْنَى وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ: فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا وَوَفَيَا بِمَا وَعَدَا بِهِ رَبَّهُمَا مِنَ الْقِيَامِ بِمُوجِبِ الشُّكْرِ خَالَفْتُمْ أَنْتُمْ يَا أَوْلَادَهُمَا فَأَشْرَكْتُمْ وَكَفَرْتُمُ النِّعْمَةَ، وَفِي هَذَا الِالْتِفَاتِ ثُمَّ إِضَافَةُ فِعْلِهِمْ إِلَى الْأَبَوَيْنِ عَلَى عَكْسِ مَا جُعِلَ مِنْ خَلْقِ الْأَبِ وَتَصْوِيرِهِ فِي مَعْرِضِ الِامْتِنَانِ مُتَعَلِّقًا بِهِمْ إِيمَاءً إِلَى غَايَةِ كُفْرَانِهِمْ وَتَمَادِيهِمْ فِي الْغَيِّ، وَعَلَيْهِ يَنْطَبِقُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=190فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ثُمَّ قَالَ: فَظَهَرَ أَنَّ إِجْرَاءَ جَعَلَا لَهُ عَلَى غَيْرِ مَا أُجْرِيَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ، وَالتَّعْقِيبُ بِالْفَاءِ لَا يُوجِبُ اخْتِلَالَ النَّظْمِ بَلْ يُوجِبُ الْتِئَامَهُ، وَالْإِنْصَافُ أَنَّ الْأَسْئِلَةَ وَالْآيَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مِنْ قَبِيلِ اللُّغْزِ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةَ أَنَّ ضَمِيرَ جَعَلَا وَآتَاهُمَا يَعُودُ عَلَى النَّفْسِ وَزَوْجِهَا مِنْ وَلَدِ
آدَمَ لَا إِلَى
آدَمَ وَحَوَّاءَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13720الْأَصَمِّ قَالَ: وَيَكُونُ الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ
[ ص: 141 ] وَتَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=189خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ خَلَقَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ لِكُلِّ نَفْسٍ زَوْجًا مِنْ جِنْسِهَا فَلَمَّا تَغَشَّى كُلُّ نَفْسٍ زَوْجَهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا وَهُوَ مَاءُ الْفَحْلِ، فَلَمَّا أَثْقَلَتْ بِمَصِيرِ ذَلِكَ الْمَاءِ لَحْمًا وَدَمًا وَعَظْمًا دَعَا الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ رَبَّهُمَا: لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا أَيْ: ذَكَرًا سَوِيًّا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ، وَكَانَتْ عَادَتُهُمْ أَنْ يَئِدُوا الْبَنَاتِ فَلَمَّا آتَاهُمَا أَيْ: فَلَمَّا أَعْطَى اللَّهُ تَعَالَى الْأَبَ وَالْأُمَّ مَا سَأَلَاهُ جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ؛ فَسَمَّيَا عَبْدَ اللَّاتِ وَعَبْدَ الْعُزَّى وَغَيْرَ ذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعَتِ الْكِنَايَةُ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=190فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ إِلَى الْجَمِيعِ. وَلَا تَعَلُّقَ لِلْآيَةِ
بِآدَمَ وَحَوَّاءَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ أَصْلًا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ صَدْرِهَا
آدَمُ وَحَوَّاءُ وَلَا يَكَادُ يُفْهَمُ غَيْرُهُمَا رَأْسًا، نَعَمِ اخْتَارَ
ابْنُ الْمُنِيرِ مَا مَآلُهُ هَذَا فِي الِانْتِصَافِ وَادَّعَى أَنَّهُ أَقْرَبُ وَأَسْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ جِنْسَيِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَلَا يُقْصَدُ مُعَيَّنٌ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: وَكَأَنَّ الْمَعْنَى وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ جِنْسًا وَاحِدًا وَجَعَلَ أَزْوَاجَكُمْ مِنْكُمْ أَيْضًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهِنَّ، فَلَمَّا تَغَشَّى الْجِنْسُ الَّذِي هُوَ الذَّكَرُ الْجِنْسَ الَّذِي هُوَ الْأُنْثَى جَرَى مِنْ هَذَيْنِ الْجِنْسَيْنِ كَيْتَ وَكَيْتَ، وَإِنَّمَا نَسَبَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ إِلَى الْجِنْسِ وَإِنْ كَانَ فِيهِمُ الْمُوَحِّدُونَ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ مِنْهُمْ فَجَازَ أَنْ يُضَافَ الْكَلَامُ إِلَى الْجِنْسِ عَلَى طَرِيقَةِ: قَتَلَ بَنُو تَمِيمٍ فُلَانًا، وَإِنَّمَا قَتَلَهُ بَعْضُهُمْ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=66وَيَقُولُ الإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=17قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَتُعُقِّبُ بِأَنَّ فِيهِ إِجْرَاءَ جَمِيعِ أَلْفَاظِ الْآيَةِ عَلَى الْأَوْجُهِ الْبَعِيدَةِ.
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12150أَبِي مُسْلِمٍ أَنَّ صَدْرَ الْآيَةِ
لِآدَمَ وَحَوَّاءَ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ إِلَّا أَنَّ حَدِيثَهُمَا مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=189هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَانْقَطَعَ الْحَدِيثُ ثُمَّ خَصَّ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَوْلَادِ
آدَمَ بِالذَّكَرِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُذْكَرَ الْعُمُومُ ثُمَّ يُخَصُّ الْبَعْضُ بِالذِّكْرِ، وَهُوَ كَمَا تَرَى. وَقِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ضَمِيرُ جَعَلَا
لِآدَمَ وَحَوَّاءَ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَالْكَلَامُ خَارِجٌ مَخْرَجَ الِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِيِّ وَالْكِنَايَةِ فِي (فَتَعَالَى) إِلَخْ لِلْمُشْرِكِينَ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّ
آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَعْبُدُ الْأَصْنَامَ وَيُشْرِكُ كَمَا نُشْرِكُ فَرَدَّ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ، وَنَظِيرُ هَذَا أَنْ يُنْعِمَ رَجُلٌ عَلَى آخَرَ بِوُجُوهٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الْإِنْعَامِ ثُمَّ يُقَالُ لِذَلِكَ الْمُنْعِمِ: إِنَّ الَّذِي أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ يَقْصِدُ إِيذَاءَكَ وَإِيصَالَ الشَّرِّ إِلَيْكَ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ فِي حَقِّهِ كَذَا وَكَذَا وَأَحْسَنْتُ إِلَيْهِ بِكَذَا وَكَذَا ثُمَّ إِنَّهُ يُقَابِلُنِي بِالشَّرِّ وَالْإِسَاءَةِ؛ وَمُرَادُهُ أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ ذَلِكَ وَمَنْفِيٌّ عَنْهُ.
وَقِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْخِطَابُ فِي (خَلَقَكُمْ) لِقُرَيْشٍ وَهُمْ آلُ قُصَيٍّ فَإِنَّهُمْ خُلِقُوا مِنْ نَفْسِ
قُصَيٍّ وَكَانَ لَهُ زَوْجٌ مِنْ جِنْسِهِ عَرَبِيَّةٌ قُرَيْشِيَّةٌ وَطَلَبَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى الْوَلَدَ فَأَعْطَاهُمَا أَرْبَعَةَ بَنِينَ فَسَمَّيَاهُمْ
عَبْدَ مَنَافٍ وَعَبْدَ شَمْسٍ وَعَبْدَ الْعُزَّى وَعَبْدَ الدَّارِ يَعْنِي بِهَا
دَارَ النَّدْوَةِ، وَيَكُونُ الضَّمِيرُ فِي (يُشْرِكُونَ) لَهُمَا وَلِأَعْقَابِهِمَا الْمُقْتَدِينَ بِهِمَا، وَأُيِّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فِي قِصَّةِ
أُمِّ مَعْبَدٍ: فَيَا لِقُصَيٍّ مَا زَوَى اللَّهُ عَنْكُمُ بِهِ مِنْ فَخَارٍ لَا يُبَارَى وَسُؤْدَدِ
وَاسْتُبْعِدَ ذَلِكَ فِي الْكَشْفِ بِأَنَّ الْمُخَاطَبِينَ لَمْ يُخْلَقُوا مِنْ نَفْسِ قُصَيٍّ لَا كُلُّهُمْ وَلَا جُلُّهُمْ وَإِنَّمَا هُوَ: مُجْتَمَعُ
قُرَيْشٍ وَبِأَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ زَوْجَهُ قُرَشِيَّةٌ خَطَأٌ؛ لِأَنَّهَا إِنَّمَا كَانَتْ بِنْتَ سَيِّدِ
مَكَّةَ مِنْ
خُزَاعَةَ، وَقُرَيْشٌ إِذْ ذَاكَ مُتَفَرِّقُونَ لَيْسُوا فِي
مَكَّةَ، وَأَيْضًا مِنْ أَيْنَ الْعِلْمُ أَنَّهُمَا وَعَدَا عِنْدَ الْحَمْلِ أَنْ يَكُونَا شَاكِرَيْنِ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَلَا كُفْرَانَ أَشَدَّ مِنَ الْكُفْرِ الَّذِي كَانَا فِيهِ.
وَمَا مِثْلُ مَنْ فَسَّرَ بِذَلِكَ إِلَّا كَمَنْ عَمَّرَ قَصْرًا فَهَدَمَ مِصْرًا، وَأَمَّا الْبَيْتُ فَإِنَّمَا خُصَّ فِيهِ
بَنُو قُصَيٍّ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُمْ أَلْصَقُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ سَيِّدَهُمْ وَأَمِيرَهُمْ شَمِلَ ذِكْرُهُ الْكُلَّ شُمُولَ
فِرْعَوْنَ لِقَوْمِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكُلَّ لَيْسُوا مِنْ نَسْلِ
فِرْعَوْنَ، (وَأُجِيبَ) عَنْ قَوْلِهِ: مِنْ أَيْنَ الْعِلْمُ إِلَخْ بِأَنَّهُ مِنْ
[ ص: 142 ] إِعْلَامِ اللَّهِ تَعَالَى إِنْ كَانَ ذَلِكَ هُوَ مَعْنَى النَّظْمِ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ كَوْنَ زَوْجَتِهِ غَيْرَ قُرَشِيَّةٍ فِي حَيِّزِ الْمَنْعِ. نَعَمْ فِي كَوْنِ قُصَيٍّ هُوَ أَحَدُ أَجْدَادِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُشْرِكًا مُخَالَفَةٌ لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ جَمْعٌ مِنْ أَنَّ أَجْدَادَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كُلَّهُمْ غَيْرُ مُشْرِكِينَ، وَقِيلَ: إِنَّ ضَمِيرَ لَهُ لِلْوَلَدِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمَا طَلَبَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَمْثَالًا لِلْوَلَدِ الصَّالِحِ الَّذِي آتَاهُمَا، وَقِيلَ: هُوَ لِإِبْلِيسَ، وَالْمَعْنَى جَعَلَا لِإِبْلِيسَ شُرَكَاءَ فِي اسْمِهِ حَيْثُ سَمَّيَا وَلَدَهُمَا بِعَبْدِ الْحَرْثِ، وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ رَدَّهُمَا
nindex.php?page=showalam&ids=14552الْآمِدِيُّ فِي أَبْكَارِ الْأَفْكَارِ، وَهُمَا لَعَمْرِي أَوْهَنُ مِنْ بَيْتِ الْعَنْكَبُوتِ، لَكِنِّي ذَكَرْتُهُمَا اسْتِيفَاءً لِلْأَقْوَالِ، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ
كَابْنِ عَبَّاسٍ، nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٍ، nindex.php?page=showalam&ids=15990وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَغَيْرِهِمْ إِلَى أَنَّ ضَمِيرَ جَعَلَا يَعُودُ
لِآدَمَ وَحَوَّاءَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَالْمُرَادُ بِالشِّرْكِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِمَا غَيْرُ الْمُتَبَادَلِ بَلْ مَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ آنِفًا إِلَى قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=92فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ تَخَلَّصَ إِلَى قِصَّةِ
الْعَرَبِ وَإِشْرَاكِهِمُ الْأَصْنَامَ فَهُوَ كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ مِنَ الْمَوْصُولِ لَفْظًا الْمَفْصُولِ مَعْنًى، وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ كَمَا قِيلَ تَغْيِيرُ الضَّمِيرِ إِلَى الْجَمْعِ بَعْدَ التَّثْنِيَةِ وَلَوْ كَانَتِ الْقِصَّةُ وَاحِدَةً لَقِيلَ: يُشْرِكَانِ، وَكَذَلِكَ الضَّمَائِرُ بَعْدُ، وَأُيِّدَ ذَلِكَ بِمَا أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ، nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ.
nindex.php?page=showalam&ids=14070وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، عَنْ
سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=700103«لَمَّا وَلَدَتْ حَوَّاءُ طَافَ بِهَا إِبْلِيسُ وَكَانَ لَا يَعِيشُ لَهَا وَلَدٌ فَقَالَ لَهَا: سَمِّيهِ عَبْدَ الْحَرْثِ فَإِنَّهُ يَعِيشُ فَسَمَّتْهُ بِذَلِكَ فَعَاشَ، فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ وَحْيِ الشَّيْطَانِ، وَأَمَرَهُ وَأَرَادَ بِالْحَرْثِ نَفْسَهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُسَمَّى بِهِ بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ».
وَلَا يُعَدُّ هَذَا شِرْكًا بِالْحَقِيقَةِ عَلَى مَا قَالَ
الْقُطْبُ؛ لِأَنَّ أَسْمَاءَ الْأَعْلَامِ لَا تُفِيدُ مَفْهُومَاتِهَا اللُّغَوِيَّةَ لَكِنْ أُطْلِقَ عَلَيْهِ الشِّرْكُ تَغْلِيظًا وَإِيذَانًا بِأَنَّ مَا عَلَيْهِ أُولَئِكَ السَّائِلُونَ عَمَّا لَا يَعْنِيهِمْ أَمْرٌ عَظِيمٌ لَا يَكَادُ يُحِيطُ بِفَظَاعَتِهِ عِبَارَةٌ.
وَفِي لُبَابِ التَّأْوِيلِ أَنَّ إِضَافَةَ عَبْدٍ إِلَى الْحَرْثِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ كَانَ سَبَبًا لِسَلَامَتِهِ وَقَدْ يُطْلَقُ اسْمُ الْعَبْدِ عَلَى مَا لَا يُرَادُ بِهِ الْمُلُوكُ كَقَوْلِهِ:
وَإِنِّي لَعَبْدُ الضَّيْفِ مَا دَامَ ثَاوِيًا
وَلَعَلَّ نِسْبَةَ الْجَعْلِ إِلَيْهِمَا مَعَ أَنَّ الْحَدِيثَ نَاطِقٌ بِأَنَّ الْجَاعِلَ
حَوَّاءُ لَا هِيَ
وَآدَمُ لِكَوْنِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَقَرَّهَا عَلَى ذَلِكَ، وَجَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُمَا سَمَّيَاهُ بِذَلِكَ. وَتَعَقَّبَ هَذَا الْقَوْلَ بَعْضُ الْمُدَقِّقِينَ بِأَنَّ الْحَدِيثَ لَا يَصْلُحُ تَأْيِيدًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ مُفَسِّرًا لِلْآيَةِ وَلَا إِنْكَارًا لِصُدُورِ ذَلِكَ مِنْهُمَا عَلَيْهِمَا السَّلَامُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِشِرْكٍ. نَعَمْ كَانَ الْأَوْلَى بِهِمَا التَّنَزُّهَ عَنْ ذَلِكَ إِنَّمَا الْمُنْكَرُ حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى ذَلِكَ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الْعُدُولِ عَنِ الظَّاهِرِ لَا سِيَّمَا عَلَى قِرَاءَةِ الْأَكْثَرِينَ (شُرَكَاءَ) بِلَفْظِ الْجَمْعِ، وَمَنْ حَمَلَ (فَتَعَالَى) إِلَخْ عَلَى أَنَّهُ ابْتِدَاءُ كَلَامٍ وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى الْمُشْرِكِينَ مِنَ الْكُفَّارِ، وَالْفَاءُ فَصِيحَةٌ، وَكَوْنُهُ مَنْقُولًا عَنِ السَّلَفِ مَعَارَضٌ بِأَنَّ غَيْرَهُ مَنْقُولٌ أَيْضًا عَنْ جَمْعٍ مِنْهُمُ. انْتَهَى. وَقَدْ يُقَالُ: أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11الْحَبْرِ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي تَسْمِيَةِ
آدَمَ وَحَوَّاءَ وَلَدَيْهِمَا بِعَبْدِ الْحَرْثِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يَكَادُ يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي كَوْنِ الْخَبَرِ تَفْسِيرًا لِلْآيَةِ، وَارْتِكَابُ خِلَافِ الظَّاهِرِ فِي تَفْسِيرِهَا مِمَّا لَا مُخَلِّصَ عَنْهُ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُنْصِفِ.
وَوَجْهُ جَمْعِ الشُّرَكَاءِ زِيَادَةً فِي التَّغْلِيظِ لِأَنَّ مَنْ جَوَّزَ الشِّرْكَ جَوَّزَ الشُّرَكَاءَ، فَلَمَّا جَعَلَا شَرِيكًا فَكَأَنَّهُمَا جَعَلَا شُرَكَاءَ، وَحُمِلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=190فَتَعَالَى اللَّهُ إِلَخْ عَلَى الِابْتِدَاءِ مِمَّا يَسْتَدْعِيهِ السِّبَاقُ وَالسِّيَاقُ وَبِهِ وَصَرَّحَ كَثِيرٌ مِنْ أَسَاطِينِ الْإِسْلَامِ وَالذَّاهِبُونَ إِلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ نَزْرٌ قَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الذَّاهِبِينَ إِلَيْهِ وَهُمْ دُونَهُمْ أَيْضًا فِي الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ وَشَتَّانَ مَا بَيْنَ دَنْدَنَةِ النَّحْلِ وَأَلْحَانِ مَعْبَدٍ، وَمِنْ هُنَا قَالَ الْعَلَّامَةُ
الطِّيبِيُّ: إِنَّ هَذَا الْقَوْلَ أَحْسَنُ الْأَقْوَالِ بَلْ لَا قَوْلَ غَيْرُهُ وَلَا مُعَوِّلَ إِلَّا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُقْتَبَسٌ مِنْ مِشْكَاةِ النُّبُوَّةِ وَحَضْرَةِ الرِّسَالَةِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنْتَ قَدْ عَلِمْتَ مِنِّي أَنَّهُ إِذَا
[ ص: 143 ] صَحَّ الْحَدِيثُ فَهُوَ مَذْهَبِي، وَأَرَاهُ قَدْ صَحَّ وَلِذَلِكَ أَحْجَمَ كُمَيْتُ قَلَمِي عَنِ الْجَرْيِ فِي مَيْدَانِ التَّأْوِيلِ كَمَا جَرَى غَيْرُهُ وَاللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نَافِعٌ nindex.php?page=showalam&ids=11948وَأَبُو بَكْرٍ: (شِرْكًا) بِصِيغَةِ الْمَصْدَرِ أَيْ: شَرِكَةً أَوْ ذَوِي شَرِكَةٍ وَهُمُ الشُّرَكَاءُ.