1429 - مسألة : ومن باع ممن ذكرنا الظاهر دون المغيب ، أو
nindex.php?page=treesubj&link=4457باع مغيبا : يجوز بيعه بصفة ، كالصوف في الفراش ، والعسل في الظرف ، والثوب في الجراب ، فإنه إن كان المكان للبائع فعليه تمكين المشتري من أخذ ما اشترى ولا بد ، وإلا كان غاصبا مانع حق ، وعلى المشتري إزالة ماله عن مكان غيره ، وإلا كان غاصبا للمكان مانع حق ; فإن كان المكان للمشتري فعلى البائع نزع ماله عن مكان غيره ، وإلا كان ظالما مانع حق ، فإن كان المكان لهما جميعا فأيهما أراد تعجيل انتفاعه بمتاعه فعليه أخذه ، ولا يجبر الآخر على ما لا يريد تعجيله من أخذ متاعه .
فإن كان المكان لغيرهما فعليهما جميعا أن ينزع كل واحد منهما ماله من مكان غيره ، وإلا فهو ظالم مانع حق ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47739إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام } .
{
nindex.php?page=hadith&LINKID=50593ولقوله صلى الله عليه وسلم إذ قال nindex.php?page=showalam&ids=23سلمان nindex.php?page=showalam&ids=4لأبي الدرداء أعط كل ذي حق حقه ، فصدقه عليه السلام ، وصوب قوله } .
فمن
nindex.php?page=treesubj&link=4457باع تمرا دون نواها ، فأخذ التمرة وتخليصها من النوى على المشتري لأنه مأمور بأخذ متاعه ونقله وترك النوى مكانه - إن كان المكان للبائع - فإن أبى أجبر ، واستؤجر عليه من يزيل التمر عن النوى ، ولا يكلف البائع ذلك إلا أن يشاء ; لأنه لا يلزمه فتح ثمرة غيره ، ولا أن يعمل له فيه عملا .
فإن كان المكان للمشتري ، فإن أراد المشتري قلع ثمرته فله ذلك ، ولا يترك غيره يؤثر له فيها أثرا لا يريده ، فإن أبى المشتري من ذلك فعلى البائع إخراج نواه ونقله على ألطف ما يمكن ، ولا شيء عليه فإن تعدى ضمن مقدار تعديه في إفساد الثمرة .
[ ص: 306 ] فإن كان المكان لهما ؟ فكما قلنا : أيهما أراد تعجيل أخذ متاعه فله أخذه ، فإن أراد ذلك الذي له النوى كان له إخراج نواه بألطف ما يمكن ، إذ لا بد له من ذلك ، ولا شيء عليه ; لأنه فعل مباحا له ، فإن تعدى ضمن .
فإن كان المكان لغيرهما أجبرا جميعا على العمل معا في تخليص كل واحد منهما ماله .
وهكذا القول في نافجة المسك ، والظروف دون ما فيها ، والقشور دون ما فيها ، والشمع دون العسل ، والتبن دون الحب ، وجلد الحيوان المذبوح أو المنحور ، ولحمة الزيتون ، والسمسم ، وكل ذي دهن .
وأما من
nindex.php?page=treesubj&link=24265باع الأرض دون البذر ، أو دون الزرع ، أو دون الشجر ، أو دون البناء ، فالحصاد على الذي له الزرع ، والقلع على الذي له الشجر ، والبناء والقطع أيضا عليه ; لأن فرضا عليه إزالة ماله عن أرض غيره .
ومن
nindex.php?page=treesubj&link=24265باع الحيوان دون اللبن ، أو دون الحمل ، فالحلب على الذي له اللبن ولا بد - وأجرة القابلة عليه أيضا ; لأن واجبا عليه إزالة لبنه عن ضرع حيوان غيره ، وليس على صاحب الحيوان إلا إمكانه من ذلك فقط ، لا خدمته في حلب لبنه .
وكذلك على الذي له ملك الولد : العمل في العون في أخذ مملوكه ، أو مملوكته في بطن أمة غيره بما أبيح له من ذلك .
ومن
nindex.php?page=treesubj&link=24265باع سارية خشب ، أو حجر في بناء فعلى المشتري قلع ذلك بألطف ما يقدر عليه من التدعيم لما حول السارية من البناء ، وهدم ما حواليها مما لا بد له من هدمه ، ولا شيء عليه في ذلك ; لأن له أخذ متاعه كما يقدر .
ومن هو مأمور بشيء ، ويعمل في شيء فلا ضمان عليه ; لأنه يفعل ما يفعل من ذلك : محسن ، وقد قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=91ما على المحسنين من سبيل } ، {
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=42إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق } فإن تعدى ضمن لما ذكرنا .
1429 - مَسْأَلَةٌ : وَمَنْ بَاعَ مِمَّنْ ذَكَرْنَا الظَّاهِرَ دُونَ الْمُغَيَّبِ ، أَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=4457بَاعَ مُغَيَّبًا : يَجُوزُ بَيْعُهُ بِصِفَةٍ ، كَالصُّوفِ فِي الْفِرَاشِ ، وَالْعَسَلِ فِي الظَّرْفِ ، وَالثَّوْبِ فِي الْجِرَابِ ، فَإِنَّهُ إنْ كَانَ الْمَكَانُ لِلْبَائِعِ فَعَلَيْهِ تَمْكِينُ الْمُشْتَرِي مِنْ أَخْذِ مَا اشْتَرَى وَلَا بُدَّ ، وَإِلَّا كَانَ غَاصِبًا مَانِعَ حَقٍّ ، وَعَلَى الْمُشْتَرِي إزَالَةُ مَالِهِ عَنْ مَكَانِ غَيْرِهِ ، وَإِلَّا كَانَ غَاصِبًا لِلْمَكَانِ مَانِعَ حَقٍّ ; فَإِنْ كَانَ الْمَكَانُ لِلْمُشْتَرِي فَعَلَى الْبَائِعِ نَزْعُ مَالِهِ عَنْ مَكَانِ غَيْرِهِ ، وَإِلَّا كَانَ ظَالِمًا مَانِعَ حَقٍّ ، فَإِنْ كَانَ الْمَكَانُ لَهُمَا جَمِيعًا فَأَيُّهُمَا أَرَادَ تَعْجِيلَ انْتِفَاعِهِ بِمَتَاعِهِ فَعَلَيْهِ أَخْذَهُ ، وَلَا يُجْبَرُ الْآخَرُ عَلَى مَا لَا يُرِيدُ تَعْجِيلَهُ مِنْ أَخْذِ مَتَاعِهِ .
فَإِنْ كَانَ الْمَكَانُ لِغَيْرِهِمَا فَعَلَيْهِمَا جَمِيعًا أَنْ يَنْزِعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَالَهُ مِنْ مَكَانِ غَيْرِهِ ، وَإِلَّا فَهُوَ ظَالِمٌ مَانِعُ حَقٍّ ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47739إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ } .
{
nindex.php?page=hadith&LINKID=50593وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=23سَلْمَانُ nindex.php?page=showalam&ids=4لِأَبِي الدَّرْدَاءِ أَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ ، فَصَدَّقَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَصَوَّبَ قَوْلَهُ } .
فَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=4457بَاعَ تَمْرًا دُونَ نَوَاهَا ، فَأَخْذُ التَّمْرَةِ وَتَخْلِيصُهَا مِنْ النَّوَى عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِأَخْذِ مَتَاعِهِ وَنَقْلِهِ وَتَرْكِ النَّوَى مَكَانَهُ - إنْ كَانَ الْمَكَانُ لِلْبَائِعِ - فَإِنْ أَبَى أُجْبِرَ ، وَاسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ مَنْ يُزِيلُ التَّمْرَ عَنْ النَّوَى ، وَلَا يُكَلَّفُ الْبَائِعُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ ; لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فَتْحُ ثَمَرَةِ غَيْرِهِ ، وَلَا أَنْ يَعْمَلَ لَهُ فِيهِ عَمَلًا .
فَإِنْ كَانَ الْمَكَانُ لِلْمُشْتَرِي ، فَإِنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي قَلْعَ ثَمَرَتِهِ فَلَهُ ذَلِكَ ، وَلَا يَتْرُكُ غَيْرَهُ يُؤَثِّرُ لَهُ فِيهَا أَثَرًا لَا يُرِيدُهُ ، فَإِنْ أَبَى الْمُشْتَرِي مِنْ ذَلِكَ فَعَلَى الْبَائِعِ إخْرَاجُ نَوَاهُ وَنَقْلُهُ عَلَى أَلْطَفِ مَا يُمْكِنُ ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَإِنْ تَعَدَّى ضَمِنَ مِقْدَارَ تَعَدِّيه فِي إفْسَادِ الثَّمَرَةِ .
[ ص: 306 ] فَإِنْ كَانَ الْمَكَانُ لَهُمَا ؟ فَكَمَا قُلْنَا : أَيُّهُمَا أَرَادَ تَعْجِيلَ أَخْذِ مَتَاعِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ ، فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ الَّذِي لَهُ النَّوَى كَانَ لَهُ إخْرَاجُ نَوَاهُ بِأَلْطَفِ مَا يُمْكِنُ ، إذْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ ذَلِكَ ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ فَعَلَ مُبَاحًا لَهُ ، فَإِنْ تَعَدَّى ضَمِنَ .
فَإِنْ كَانَ الْمَكَانُ لِغَيْرِهِمَا أُجْبِرَا جَمِيعًا عَلَى الْعَمَلِ مَعًا فِي تَخْلِيصِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَالَهُ .
وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي نَافِجَةِ الْمِسْكِ ، وَالظُّرُوفِ دُونَ مَا فِيهَا ، وَالْقُشُورِ دُونَ مَا فِيهَا ، وَالشَّمْعِ دُونَ الْعَسَلِ ، وَالتِّبْنِ دُونَ الْحَبِّ ، وَجِلْدِ الْحَيَوَانِ الْمَذْبُوحِ أَوْ الْمَنْحُورِ ، وَلَحْمَةِ الزَّيْتُونِ ، وَالسِّمْسِمِ ، وَكُلِّ ذِي دُهْنٍ .
وَأَمَّا مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=24265بَاعَ الْأَرْضَ دُونَ الْبَذْرِ ، أَوْ دُونَ الزَّرْعِ ، أَوْ دُونَ الشَّجَرِ ، أَوْ دُونَ الْبِنَاءِ ، فَالْحَصَادُ عَلَى الَّذِي لَهُ الزَّرْعُ ، وَالْقَلْعُ عَلَى الَّذِي لَهُ الشَّجَرُ ، وَالْبِنَاءُ وَالْقَطْعُ أَيْضًا عَلَيْهِ ; لِأَنَّ فَرْضًا عَلَيْهِ إزَالَةُ مَالِهِ عَنْ أَرْضِ غَيْرِهِ .
وَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=24265بَاعَ الْحَيَوَانَ دُونَ اللَّبَنِ ، أَوْ دُونَ الْحَمْلِ ، فَالْحَلْبُ عَلَى الَّذِي لَهُ اللَّبَنُ وَلَا بُدَّ - وَأُجْرَةُ الْقَابِلَةِ عَلَيْهِ أَيْضًا ; لِأَنَّ وَاجِبًا عَلَيْهِ إزَالَةُ لَبَنِهِ عَنْ ضَرْعِ حَيَوَانِ غَيْرِهِ ، وَلَيْسَ عَلَى صَاحِبِ الْحَيَوَانِ إلَّا إمْكَانُهُ مِنْ ذَلِكَ فَقَطْ ، لَا خِدْمَتُهُ فِي حَلْبِ لَبَنِهِ .
وَكَذَلِكَ عَلَى الَّذِي لَهُ مِلْكِ الْوَلَدِ : الْعَمَلُ فِي الْعَوْنِ فِي أَخْذِ مَمْلُوكِهِ ، أَوْ مَمْلُوكَتِهِ فِي بَطْنِ أَمَةِ غَيْرِهِ بِمَا أُبِيحَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ .
وَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=24265بَاعَ سَارِيَةَ خَشَبٍ ، أَوْ حَجَرٍ فِي بِنَاءٍ فَعَلَى الْمُشْتَرِي قَلْعُ ذَلِكَ بِأَلْطَفِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ التَّدْعِيمِ لِمَا حَوْلَ السَّارِيَةِ مِنْ الْبِنَاءِ ، وَهَدْمُ مَا حَوَالَيْهَا مِمَّا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ هَدْمِهِ ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ; لِأَنَّ لَهُ أَخْذَ مَتَاعِهِ كَمَا يَقْدِرُ .
وَمَنْ هُوَ مَأْمُورٌ بِشَيْءٍ ، وَيَعْمَلُ فِي شَيْءٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكَ : مُحْسِنٌ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=91مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ } ، {
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=42إنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ } فَإِنْ تَعَدَّى ضَمِنَ لِمَا ذَكَرْنَا .