( 4731 ) مسألة ; قال : ( ومن أوصى لأهل قرية ، لم يعط من فيها من الكفار ، إلا أن يذكرهم ) يعني به المسلم ، إذا
nindex.php?page=treesubj&link=27135أوصى لأهل قريته أو لقرابته بلفظ عام ، يدخل فيه مسلمون وكفار ، فهي للمسلمين خاصة ، ولا شيء للكفار . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يدخل فيه الكفار ; لأن اللفظ يتناولهم بعمومه ، ولأن الكافر لو أوصى لأهل قريته أو قرابته ، دخل فيه المسلم والكافر ، فكذلك المسلم . ولنا ، أن الله تعالى قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين }
فلم يدخل فيه
[ ص: 123 ] الكفار إذا كان الميت مسلما ، وإذا لم يدخلوا في وصية الله تعالى مع عموم اللفظ ، فكذلك في وصية المسلم ، ولأن ظاهر حاله أنه لا يريد الكفار ، لما بينه وبينهم من عداوة الدين ، وعدم الوصلة ، المانع من الميراث ، ووجوب النفقة على فقيرهم ، ولذلك خرجوا من عموم اللفظ في الأولاد والإخوة والأزواج ، وسائر الألفاظ العامة في الميراث ، فكذا هاهنا ، لأن الوصية أجريت مجرى الميراث . وإن صرح بهم ، دخلوا في الوصية ; لأن صريح المقال لا يعارض بقرينة الحال . وإن وصى لهم وأهل القرية كلهم كفار ، أو وصى لقرابته ، وكلهم كفار ، دخلوا في الوصية ; لأنه لا يمكن تخصيصهم
إذ في إخراجهم رفع اللفظ بالكلية . وإن كان فيها مسلم واحد ، والباقي كفار ، دخلوا في الوصية ; لأن إخراجهم بالتخصيص هاهنا بعيد ، وفيه مخالفة الظاهر من وجهين ; أحدهما ، مخالفة لفظ العموم . والثاني ، حمل اللفظ الدال على الجمع على المفرد . وإن كان أكثر أهلها كفارا ، فظاهر كلام
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي أنه للمسلمين ; لأنه أمكن حمل اللفظ عليهم ، وصرفه إليهم والتخصيص يصح وإن كان بإخراج الأكثر . ويحتمل أن يدخل الكفار في الوصية ; لأن التخصيص في مثل هذا بعيد ، فإن تخصيص الصورة النادرة قريب ، وتخصيص الأكثر بعيد يحتاج فيه إلى دليل قوي
والحكم في سائر ألفاظ العموم ، مثل أن يوصي لإخوته ، أو عمومته ، أو بني عمه ، أو لليتامى ، أو للمساكين ، كالحكم فيما إذا أوصى لأهل قريته . فأما إن أوصى بذلك كافر ، فإن وصيته تتناول أهل دينه ; لأن لفظه يتناولهم ، وقرينة حاله إرادتهم ، فأشبه وصية المسلم التي يدخل فيها أهل دينه . وهل يدخل في وصيته المسلمون ؟ نظرنا ، فإن وجدت قرينة دالة على دخولهم ، مثل أن لا يكون في القرية إلا مسلمون ، دخلوا في الوصية ، وكذلك إن لم يكن فيها إلا كافر واحد ، وسائر أهلها مسلمون ، وإن انتفت القرائن ، ففي دخولهم وجهان ; أحدهما ، لا يدخلون ، كما لم يدخل الكفار في وصية المسلم
والثاني ، يدخلون ; لأن عموم اللفظ يتناولهم ، هم أحق بوصيته من غيرهم ، فلا يصرف اللفظ عن مقتضاه ، ومن هو أحق بحكمه إلى غيره . وإن كان في القرية كافر من غير أهل دين الموصي ، لم يدخل في وصيته ; لأن قرينة حال الموصي تخرجه ، ولم يوجد فيه ما وجد في المسلم من الأولوية ، فبقي خارجا بحاله . ويحتمل أن لا يخرج ، بناء على توريث الكفار بعضهم من بعض على اختلاف دينهم .
( 4731 ) مَسْأَلَةٌ ; قَالَ : ( وَمَنْ أَوْصَى لِأَهْلِ قَرْيَةٍ ، لَمْ يُعْطَ مَنْ فِيهَا مِنْ الْكُفَّارِ ، إلَّا أَنْ يَذْكُرَهُمْ ) يَعْنِي بِهِ الْمُسْلِمَ ، إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=27135أَوْصَى لِأَهْلِ قَرْيَتِهِ أَوْ لِقَرَابَتِهِ بِلَفْظٍ عَامٍّ ، يَدْخُلُ فِيهِ مُسْلِمُونَ وَكُفَّارٌ ، فَهِيَ لِلْمُسْلِمِينَ خَاصَّةً ، وَلَا شَيْءَ لِلْكُفَّارِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : يَدْخُلُ فِيهِ الْكُفَّارُ ; لِأَنَّ اللَّفْظَ يَتَنَاوَلُهُمْ بِعُمُومِهِ ، وَلِأَنَّ الْكَافِرَ لَوْ أَوْصَى لِأَهْلِ قَرْيَتِهِ أَوْ قَرَابَتِهِ ، دَخَلَ فِيهِ الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ ، فَكَذَلِكَ الْمُسْلِمُ . وَلَنَا ، أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ }
فَلَمْ يَدْخُلْ فِيهِ
[ ص: 123 ] الْكُفَّارُ إذَا كَانَ الْمَيِّتُ مُسْلِمًا ، وَإِذَا لَمْ يَدْخُلُوا فِي وَصِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ عُمُومِ اللَّفْظِ ، فَكَذَلِكَ فِي وَصِيَّةِ الْمُسْلِمِ ، وَلِأَنَّ ظَاهِرَ حَالِهِ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ الْكُفَّارَ ، لِمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ مِنْ عَدَاوَةِ الدِّينِ ، وَعَدَمِ الْوَصْلَةِ ، الْمَانِعِ مِنْ الْمِيرَاثِ ، وَوُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَى فَقِيرِهِمْ ، وَلِذَلِكَ خَرَجُوا مِنْ عُمُومِ اللَّفْظِ فِي الْأَوْلَادِ وَالْإِخْوَةِ وَالْأَزْوَاجِ ، وَسَائِرِ الْأَلْفَاظِ الْعَامَّةِ فِي الْمِيرَاثِ ، فَكَذَا هَاهُنَا ، لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ أُجْرِيَتْ مُجْرَى الْمِيرَاثِ . وَإِنْ صَرَّحَ بِهِمْ ، دَخَلُوا فِي الْوَصِيَّةِ ; لِأَنَّ صَرِيحَ الْمَقَالِ لَا يُعَارَضُ بِقَرِينَةِ الْحَالِ . وَإِنْ وَصَّى لَهُمْ وَأَهْلُ الْقَرْيَةِ كُلُّهُمْ كُفَّارٌ ، أَوْ وَصَّى لِقَرَابَتِهِ ، وَكُلُّهُمْ كُفَّارٌ ، دَخَلُوا فِي الْوَصِيَّةِ ; لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَخْصِيصُهُمْ
إذْ فِي إخْرَاجِهِمْ رَفْعُ اللَّفْظِ بِالْكُلِّيَّةِ . وَإِنْ كَانَ فِيهَا مُسْلِمٌ وَاحِدٌ ، وَالْبَاقِي كُفَّارٌ ، دَخَلُوا فِي الْوَصِيَّةِ ; لِأَنَّ إخْرَاجَهُمْ بِالتَّخْصِيصِ هَاهُنَا بَعِيدٌ ، وَفِيهِ مُخَالَفَةُ الظَّاهِرِ مِنْ وَجْهَيْنِ ; أَحَدُهُمَا ، مُخَالَفَةُ لَفْظِ الْعُمُومِ . وَالثَّانِي ، حَمْلُ اللَّفْظِ الدَّالِ عَلَى الْجَمْعِ عَلَى الْمُفْرَدِ . وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ أَهْلِهَا كُفَّارًا ، فَظَاهِرُ كَلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=14209الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ ; لِأَنَّهُ أَمْكَنَ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَيْهِمْ ، وَصَرْفُهُ إلَيْهِمْ وَالتَّخْصِيصُ يَصِحُّ وَإِنْ كَانَ بِإِخْرَاجِ الْأَكْثَرِ . وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَدْخُلَ الْكُفَّارُ فِي الْوَصِيَّةِ ; لِأَنَّ التَّخْصِيصَ فِي مِثْلِ هَذَا بَعِيدٌ ، فَإِنَّ تَخْصِيصَ الصُّورَةِ النَّادِرَةِ قَرِيبٌ ، وَتَخْصِيصَ الْأَكْثَرِ بَعِيدٌ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى دَلِيلٍ قَوِيٍّ
وَالْحُكْمُ فِي سَائِرِ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ ، مِثْلَ أَنْ يُوصِيَ لِإِخْوَتِهِ ، أَوْ عُمُومَتِهِ ، أَوْ بَنِي عَمِّهِ ، أَوْ لِلْيَتَامَى ، أَوْ لِلْمَسَاكِينِ ، كَالْحُكْمِ فِيمَا إذَا أَوْصَى لِأَهْلِ قَرْيَتِهِ . فَأَمَّا إنْ أَوْصَى بِذَلِكَ كَافِرٌ ، فَإِنَّ وَصِيَّتَهُ تَتَنَاوَلُ أَهْلَ دِينِهِ ; لِأَنَّ لَفْظَهُ يَتَنَاوَلُهُمْ ، وَقَرِينَةُ حَالِهِ إرَادَتُهُمْ ، فَأَشْبَهَ وَصِيَّةَ الْمُسْلِمِ الَّتِي يَدْخُلُ فِيهَا أَهْلُ دِينِهِ . وَهَلْ يَدْخُلُ فِي وَصِيَّتِهِ الْمُسْلِمُونَ ؟ نَظَرْنَا ، فَإِنْ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى دُخُولِهِمْ ، مِثْلُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي الْقَرْيَةِ إلَّا مُسْلِمُونَ ، دَخَلُوا فِي الْوَصِيَّةِ ، وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا كَافِرٌ وَاحِدٌ ، وَسَائِرُ أَهْلِهَا مُسْلِمُونَ ، وَإِنْ انْتَفَتْ الْقَرَائِنُ ، فَفِي دُخُولِهِمْ وَجْهَانِ ; أَحَدُهُمَا ، لَا يَدْخُلُونَ ، كَمَا لَمْ يَدْخُلْ الْكُفَّارُ فِي وَصِيَّةِ الْمُسْلِمِ
وَالثَّانِي ، يَدْخُلُونَ ; لِأَنَّ عُمُومَ اللَّفْظِ يَتَنَاوَلُهُمْ ، هُمْ أَحَقُّ بِوَصِيَّتِهِ مِنْ غَيْرِهِمْ ، فَلَا يُصْرَفُ اللَّفْظُ عَنْ مُقْتَضَاهُ ، وَمَنْ هُوَ أَحَقُّ بِحُكْمِهِ إلَى غَيْرِهِ . وَإِنْ كَانَ فِي الْقَرْيَةِ كَافِرٌ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ دِينِ الْمُوصِي ، لَمْ يَدْخُلْ فِي وَصِيَّتِهِ ; لِأَنَّ قَرِينَةَ حَالِ الْمُوصِي تُخْرِجُهُ ، وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ مَا وُجِدَ فِي الْمُسْلِمِ مِنْ الْأَوْلَوِيَّةِ ، فَبَقِيَ خَارِجًا بِحَالِهِ . وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَخْرُجَ ، بِنَاءً عَلَى تَوْرِيثِ الْكُفَّارِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ عَلَى اخْتِلَافِ دِينِهِمْ .