( 2116 ) مسألة : قال ( وإذا اشتبهت الأشهر على الأسير ، فإن صام شهرا يريد به شهر رمضان ، فوافقه ، أو ما بعده ; أجزأه ، وإن وافق ما قبله ، لم يجزه ) وجملته أن من
nindex.php?page=treesubj&link=22765كان محبوسا أو مطمورا ، أو في بعض النواحي النائية عن الأمصار لا يمكنه تعرف الأشهر بالخبر ، فاشتبهت عليه الأشهر ، فإنه يتحرى ويجتهد ، فإذا غلب على ظنه عن أمارة تقوم في نفسه دخول شهر رمضان صامه ، ولا يخلو من أربعة أحوال : أحدها ، أن لا ينكشف له الحال ، فإن صومه صحيح ، ويجزئه ; لأنه أدى فرضه باجتهاده . فأجزأه ، كما لو صلى في يوم الغيم بالاجتهاد . الثاني : أن ينكشف له أنه وافق الشهر أو ما بعده ، فإنه يجزئه في قول عامة الفقهاء .
وحكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14117الحسن بن صالح أنه لا يجزئه في هاتين الحالتين ; لأنه صامه على الشك فلم يجزئه ، كما لو صام يوم الشك فبان من رمضان . وليس بصحيح ; لأنه أدى فرضه بالاجتهاد في محله ، فإذا أصاب أو لم يعلم الحال ; أجزأه كالقبلة إذا اشتبهت ، أو الصلاة في يوم الغيم إذا اشتبه وقتها ، وفارق يوم الشك ، فإنه ليس بمحل الاجتهاد ، فإن الشرع أمر بالصوم عند أمارة عينها ، فما لم توجد لم يجز الصوم . الحال الثالث : وافق قبل الشهر ، فلا يجزئه ، في قول عامة الفقهاء .
وقال بعض الشافعية : يجزئه في أحد الوجهين ، كما لو اشتبه يوم
عرفة فوقفوا قبله . ولنا أنه أتى بالعبادة قبل وقتها ، فلم يجزئه ، كالصلاة في يوم الغيم . وأما الحج فلا نسلمه إلا فيما إذا أخطأ الناس كلهم ، لعظم المشقة عليهم ، وإن وقع ذلك لنفر منهم لم يجزئهم . ولأن ذلك لا يؤمن مثله في القضاء ، بخلاف الصوم . الحال الرابع : أن يوافق بعضه رمضان دون بعض ، فما وافق رمضان أو بعده ; أجزأه وما وافق قبله ; لم يجزئه . ( 2117 )
فصل : وإذا
nindex.php?page=treesubj&link=22765وافق صومه بعد الشهر ، اعتبر أن يكون ما صامه بعدة أيام شهره الذي فاته ، سواء وافق ما بين هلالين أو لم يوافق ، وسواء كان الشهران تامين أو ناقصين . ولا يجزئه أقل من ذلك .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي : ظاهر كلام
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي : أنه إذا وافق شهرا بين هلالين أجزأه ، سواء كان الشهران تامين أو ناقصين ، أو أحدهما تاما والآخر ناقصا . وليس بصحيح ; فإن الله تعالى قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فعدة من أيام أخر } . ولأنه فاته شهر رمضان ، فوجب أن يكون صيامه بعدة ما فاته ، كالمريض والمسافر . وليس في كلام
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي تعرض لهذا التفصيل ، فلا يجوز
[ ص: 51 ] حمل كلامه على ما يخالف الكتاب والصواب .
فإن قيل : أليس إذا نذر صوم شهر يجزئه ما بين هلالين ؟ قلنا : الإطلاق يحمل على ما تناوله الاسم ، والاسم يتناول ما بين الهلالين ، وهاهنا يجب قضاء ما ترك ، فيجب أن يراعى فيه عدة المتروك ، كما أن من نذر صلاة أجزأه ركعتان ، ولو ترك صلاة وجب قضاؤها بعدة ركعاتها ، كذلك هاهنا الواجب بعدة ما فاته من الأيام ، سواء كان ما صامه بين هلالين أو من شهرين ، فإن دخل في صيامه يوم عيد لم يعتد به ، وإن وافق أيام التشريق ، فهل يعتد بها ؟ على روايتين : بناء على صحة صومها على الفرض . ( 2118 )
فصل : وإن
nindex.php?page=treesubj&link=22765لم يغلب على ظن الأسير دخول رمضان فصام ، لم يجزئه ، وإن وافق الشهر ; لأنه صامه على الشك ; فلم يجزئه ، كما لو نوى ليلة الشك ، إن كان غدا من رمضان ; فهو فرضي . وإن غلب على ظنه من غير أمارة ، فقال القاضي : عليه الصيام ، ويقضي إذا عرف الشهر ، كالذي خفيت عليه دلائل القبلة ويصلي على حسب حاله ويعيد . وذكر
أبو بكر في من خفيت عليه دلائل القبلة هل يعيد ؟ على وجهين كذلك يخرج على قوله هاهنا . وظاهر كلام
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي أنه يتحرى ، فمتى غلب على ظنه دخول الشهر صح صومه ، وإن لم يبن على دليل ; لأنه ليس في وسعه معرفة الدليل ، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها . وقد ذكرنا مثل هذا في القبلة .
( 2119 ) فصل : وإذا
nindex.php?page=treesubj&link=22765صام تطوعا ، فوافق شهر رمضان ، لم يجزئه . نص عليه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وقال أصحاب الرأي : يجزئه . وهذا ينبني على تعيين النية لرمضان ، وقد مضى القول فيه .
( 2116 ) مَسْأَلَةٌ : قَالَ ( وَإِذَا اشْتَبَهَتْ الْأَشْهُرُ عَلَى الْأَسِيرِ ، فَإِنْ صَامَ شَهْرًا يُرِيدُ بِهِ شَهْرَ رَمَضَانَ ، فَوَافَقَهُ ، أَوْ مَا بَعْدَهُ ; أَجْزَأَهُ ، وَإِنْ وَافَقَ مَا قَبْلَهُ ، لَمْ يُجْزِهِ ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=22765كَانَ مَحْبُوسًا أَوْ مَطْمُورًا ، أَوْ فِي بَعْضِ النَّوَاحِي النَّائِيَةِ عَنْ الْأَمْصَارِ لَا يُمْكِنُهُ تَعَرُّفُ الْأَشْهُرِ بِالْخَبَرِ ، فَاشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْأَشْهُرُ ، فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى وَيَجْتَهِدُ ، فَإِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَنْ أَمَارَةٍ تَقُومُ فِي نَفْسِهِ دُخُولُ شَهْرِ رَمَضَانَ صَامَهُ ، وَلَا يَخْلُو مِنْ أَرْبَعَةِ أَحْوَالٍ : أَحَدُهَا ، أَنْ لَا يَنْكَشِفَ لَهُ الْحَالُ ، فَإِنَّ صَوْمَهُ صَحِيحٌ ، وَيُجْزِئُهُ ; لِأَنَّهُ أَدَّى فَرْضَهُ بِاجْتِهَادِهِ . فَأَجْزَأَهُ ، كَمَا لَوْ صَلَّى فِي يَوْمِ الْغَيْمِ بِالِاجْتِهَادِ . الثَّانِي : أَنْ يَنْكَشِفَ لَهُ أَنَّهُ وَافَقَ الشَّهْرَ أَوْ مَا بَعْدَهُ ، فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ .
وَحُكِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14117الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ ; لِأَنَّهُ صَامَهُ عَلَى الشَّكِّ فَلَمْ يُجْزِئُهُ ، كَمَا لَوْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَبَانَ مِنْ رَمَضَان . وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ ; لِأَنَّهُ أَدَّى فَرْضَهُ بِالِاجْتِهَادِ فِي مَحَلِّهِ ، فَإِذَا أَصَابَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْحَالَ ; أَجْزَأَهُ كَالْقِبْلَةِ إذَا اشْتَبَهَتْ ، أَوْ الصَّلَاةِ فِي يَوْمِ الْغَيْمِ إذَا اشْتَبَهَ وَقْتُهَا ، وَفَارَقَ يَوْمَ الشَّكِّ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَحَلِّ الِاجْتِهَادِ ، فَإِنَّ الشَّرْعَ أَمَرَ بِالصَّوْمِ عِنْدَ أَمَارَةٍ عَيَّنَهَا ، فَمَا لَمْ تُوجَدْ لَمْ يَجُزْ الصَّوْمُ . الْحَالُ الثَّالِثُ : وَافَقَ قَبْلَ الشَّهْرِ ، فَلَا يُجْزِئُهُ ، فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ .
وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ : يُجْزِئُهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ، كَمَا لَوْ اشْتَبَهَ يَوْمُ
عَرَفَةَ فَوَقَفُوا قَبْلَهُ . وَلَنَا أَنَّهُ أَتَى بِالْعِبَادَةِ قَبْلَ وَقْتِهَا ، فَلَمْ يُجْزِئْهُ ، كَالصَّلَاةِ فِي يَوْمِ الْغَيْمِ . وَأَمَّا الْحَجُّ فَلَا نُسَلِّمُهُ إلَّا فِيمَا إذَا أَخْطَأَ النَّاسُ كُلُّهُمْ ، لِعَظَمِ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمْ ، وَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ لِنَفَرٍ مِنْهُمْ لَمْ يُجْزِئْهُمْ . وَلِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُؤْمَنُ مِثْلُهُ فِي الْقَضَاءِ ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ . الْحَالُ الرَّابِعُ : أَنْ يُوَافِقَ بَعْضُهُ رَمَضَانَ دُونَ بَعْضٍ ، فَمَا وَافَقَ رَمَضَانَ أَوْ بَعْدَهُ ; أَجْزَأَهُ وَمَا وَافَقَ قَبْلَهُ ; لَمْ يُجْزِئْهُ . ( 2117 )
فَصْلٌ : وَإِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=22765وَافَقَ صَوْمُهُ بَعْدَ الشَّهْرِ ، اُعْتُبِرَ أَنْ يَكُونَ مَا صَامَهُ بِعِدَّةِ أَيَّامِ شَهْرِهِ الَّذِي فَاتَهُ ، سَوَاءٌ وَافَقَ مَا بَيْنَ هِلَالَيْنِ أَوْ لَمْ يُوَافِقْ ، وَسَوَاءٌ كَانَ الشَّهْرَانِ تَامَّيْنِ أَوْ نَاقِصَيْنِ . وَلَا يُجْزِئُهُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي : ظَاهِرُ كَلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=14209الْخِرَقِيِّ : أَنَّهُ إذَا وَافَقَ شَهْرًا بَيْنَ هِلَالَيْنِ أَجْزَأَهُ ، سَوَاءٌ كَانَ الشَّهْرَانِ تَامَّيْنِ أَوْ نَاقِصَيْنِ ، أَوْ أَحَدُهُمَا تَامًّا وَالْآخَرُ نَاقِصًا . وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ ; فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } . وَلِأَنَّهُ فَاتَهُ شَهْرُ رَمَضَانَ ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ صِيَامُهُ بِعِدَّةِ مَا فَاتَهُ ، كَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ . وَلَيْسَ فِي كَلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=14209الْخِرَقِيِّ تَعَرُّضٌ لِهَذَا التَّفْصِيلِ ، فَلَا يَجُوزُ
[ ص: 51 ] حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى مَا يُخَالِفُ الْكِتَابَ وَالصَّوَابَ .
فَإِنْ قِيلَ : أَلَيْسَ إذَا نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ يُجْزِئُهُ مَا بَيْنَ هِلَالَيْنِ ؟ قُلْنَا : الْإِطْلَاقُ يُحْمَلُ عَلَى مَا تَنَاوَلَهُ الِاسْمُ ، وَالِاسْمُ يَتَنَاوَلُ مَا بَيْنَ الْهِلَالَيْنِ ، وَهَاهُنَا يَجِبُ قَضَاءُ مَا تَرَكَ ، فَيَجِبُ أَنْ يُرَاعَى فِيهِ عِدَّةُ الْمَتْرُوكِ ، كَمَا أَنَّ مَنْ نَذَرَ صَلَاةً أَجْزَأَهُ رَكْعَتَانِ ، وَلَوْ تَرَكَ صَلَاةً وَجَبَ قَضَاؤُهَا بِعِدَّةِ رَكَعَاتِهَا ، كَذَلِكَ هَاهُنَا الْوَاجِبُ بِعِدَّةِ مَا فَاتَهُ مِنْ الْأَيَّامِ ، سَوَاءٌ كَانَ مَا صَامَهُ بَيْن هِلَالَيْنِ أَوْ مِنْ شَهْرَيْنِ ، فَإِنْ دَخَلَ فِي صِيَامِهِ يَوْمُ عِيدٍ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ ، وَإِنْ وَافَقَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ ، فَهَلْ يُعْتَدُّ بِهَا ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ : بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ صَوْمِهَا عَلَى الْفَرْضِ . ( 2118 )
فَصْلٌ : وَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=22765لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّ الْأَسِيرِ دُخُولُ رَمَضَان فَصَامَ ، لَمْ يُجْزِئْهُ ، وَإِنْ وَافَقَ الشَّهْرَ ; لِأَنَّهُ صَامَهُ عَلَى الشَّكِّ ; فَلَمْ يُجْزِئْهُ ، كَمَا لَوْ نَوَى لَيْلَةَ الشَّكِّ ، إنْ كَانَ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ ; فَهُوَ فَرْضِي . وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ مِنْ غَيْرِ أَمَارَةٍ ، فَقَالَ الْقَاضِي : عَلَيْهِ الصِّيَامُ ، وَيَقْضِي إذَا عَرَفَ الشَّهْرَ ، كَاَلَّذِي خَفِيَتْ عَلَيْهِ دَلَائِلُ الْقِبْلَةِ وَيُصَلِّي عَلَى حَسَبِ حَالِهِ وَيُعِيدُ . وَذَكَرَ
أَبُو بَكْرٍ فِي مَنْ خَفِيَتْ عَلَيْهِ دَلَائِلُ الْقِبْلَةِ هَلْ يُعِيدُ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ كَذَلِكَ يُخَرَّجُ عَلَى قَوْلِهِ هَاهُنَا . وَظَاهِرُ كَلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=14209الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ يَتَحَرَّى ، فَمَتَى غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ دُخُولُ الشَّهْرِ صَحَّ صَوْمُهُ ، وَإِنْ لَمْ يَبْنِ عَلَى دَلِيلٍ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي وُسْعِهِ مَعْرِفَةُ الدَّلِيلِ ، وَلَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا . وَقَدْ ذَكَرْنَا مِثْلَ هَذَا فِي الْقِبْلَةِ .
( 2119 ) فَصْلٌ : وَإِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=22765صَامَ تَطَوُّعًا ، فَوَافَقَ شَهْرَ رَمَضَان ، لَمْ يُجْزِئْهُ . نَصَّ عَلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ ، وَبِهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ . وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ : يُجْزِئُهُ . وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى تَعْيِينِ النِّيَّةِ لِرَمَضَانَ ، وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيهِ .