( 1700 ) مسألة : قال : ( فإذا زادت على عشرين ومائة ، ففي كل أربعين بنت لبون ، وفي كل خمسين حقة ) ظاهر هذا أنها
nindex.php?page=treesubj&link=2744_2747_2750_2757إذا زادت على العشرين والمائة واحدة ففيها ثلاث بنات لبون ، وهو إحدى الروايتين عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، ومذهب
الأوزاعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
وإسحاق .
والرواية الثانية ، لا يتعدى الفرض إلى ثلاثين ومائة ، فيكون فيها حقة وبنتا لبون . وهذا مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق بن يسار ،
nindex.php?page=showalam&ids=12074وأبي عبيد .
nindex.php?page=showalam&ids=16867ولمالك روايتان ; لأن الفرض لا يتغير بزيادة الواحدة ; بدليل سائر الفروض . ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=23515فإذا زادت على عشرين ومائة ، ففي كل أربعين بنت لبون } . والواحدة زيادة ، وقد جاء مصرحا به في حديث الصدقات الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عند ال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب . رواه
أبو داود ،
والترمذي ، وقال : هو حديث حسن . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : هو أحسن شيء روي في أحاديث الصدقات . وفيه : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=23562فإذا كانت إحدى وعشرين ومائة ، ففيها ثلاث بنات لبون } . وفي لفظ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=118942إلى عشرين ومائة ، فإذا زادت واحدة ففي كل أربعين بنت لبون ، وفي كل خمسين حقة } أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني .
وأخرج حديث
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ، من رواية
إسحاق بن راهويه ، عن
النضر بن إسماعيل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة ، قال : أخذنا هذا الكتاب من
ثمامة يحدث به عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس . وفيه : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=118943فإذا بلغت إحدى وعشرين ومائة ، ففي كل أربعين بنت لبون ، وفي كل خمسين حقة } . ولأن سائر ما جعله النبي صلى الله عليه وسلم غاية للفرض ، إذا زاد عليه واحدة تغير الفرض ، كذا هذا . وقولهم : إن الفرض لا يتغير بزيادة الواحدة . قلنا : وهذا ما تغير بالواحدة وحدها ، وإنما تغير بها مع ما قبلها ، فأشبهت الواحدة الزائدة عن التسعين والستين وغيرهما .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة : إذا زادت الإبل على عشرين ومائة ، استؤنفت الفريضة ، في كل خمس شاة إلى خمس وأربعين ومائة ، فيكون فيها حقتان وبنت مخاض ، إلى خمسين ومائة ، ففيها ثلاث حقاق . وتستأنف الفريضة في كل خمس شاة ; لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب
لعمرو بن حزم كتابا ، ذكر فيه الصدقات والديات ، وذكر فيه مثل هذا .
[ ص: 235 ] ولنا ، أن في حديثي الصدقات الذي كتبه
أبو بكر nindex.php?page=showalam&ids=9لأنس ، والذي كان عند آل
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب مثل مذهبنا ، وهما صحيحان ، وقد رواه
أبو بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49200هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين } . وأما كتاب
عمرو بن حزم ، فقد اختلف في صفته ، فرواه
nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم في " سننه " مثل مذهبنا .
والأخذ بذلك أولى ، لموافقته الأحاديث الصحاح ، وموافقته القياس ، فإن المال إذا وجب فيه من جنسه لم يجب من غير جنسه ، كسائر بهيمة الأنعام ، ولأنه مال احتمل المواساة من جنسه ، فلم يجب من غير جنسه ، كالبقر والغنم .
وإنما وجب في الابتداء من غير جنسه ، لأنه ما احتمل المواساة من جنسه ، فلم يجب من غير جنسه ، فعدلنا إلى غير الجنس ضرورة ، وقد زال ذلك بزيادة المال وكثرته ، ولأنه عندهم ينقل من بنت مخاض إلى حقة ، بزيادة خمس من الإبل ، وهي زيادة يسيرة لا تقتضي الانتقال إلى حقة ، فإنا لم ننقل في محل الوفاق من بنت مخاض إلى حقة ، إلا بزيادة إحدى وعشرين ، وإن زادت على مائة وعشرين جزءا من بعير ، لم يتغير الفرض عند أحد من الناس ; لأن في بعض الروايات : " فإذا زادت واحدة " .
وهذا يقيد مطلق الزيادة في الرواية الأخرى ، ولأن سائر الفروض لا تتغير بزيادة جزء . وعلى كلتا الروايتين متى بلغت الإبل مائة وثلاثين ففيها حقة وبنتا لبون ، وفي مائة وأربعين حقتان وبنتا لبون ، وفي مائة وخمسين ثلاث حقاق ، وفي مائة وستين أربع بنات لبون . ثم كلما زادت عشرا أبدلت مكان بنت لبون حقة ، ففي مائة وسبعين حقة وثلاث بنات لبون ، وفي مائة وثمانين حقتان وابنتا لبون ، وفي مائة وتسعين ثلاث حقاق وبنت لبون .
فإذا بلغت مائتين اجتمع الفرضان ; لأن فيهما خمسين أربع مرات ، وأربعين خمس مرات ، فيجب عليه أربع حقاق أو خمس بنات لبون ، أي الفرضين شاء أخرج ، وإن كان الآخر أفضل منه . وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أن عليه أربع حقاق . وهذا محمول على أن عليه أربع حقاق بصيغة التخيير ، اللهم إلا أن يكون المخرج وليا ليتيم أو مجنون ، فليس له أن يخرج من ماله إلا أدنى الفرضين .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : الخيرة إلى الساعي . ومقتضى قوله أن رب المال إذا أخرج لزمه إخراج أعلى الفرضين ، واحتج بقول الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون } . ولأنه وجد سبب الفرضين ، فكانت الخيرة إلى مستحقه أو نائبه ، كقتل العمد الموجب للقصاص أو الدية .
ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم في كتاب الصدقات ، الذي كتبه ، وكان عند ال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=23565فإذا كانت مائتين ، ففيها أربع حقاق ، أو خمس بنات لبون ، أي البنتين وجدت أخذت } . وهذا نص لا يعرج معه على شيء يخالفه ، وقوله عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12887 nindex.php?page=showalam&ids=32لمعاذ : إياك وكرائم أموالهم } .
ولأنها زكاة ثبت فيها الخيار ، فكان ذلك لرب المال ، كالخيرة في الجبران بين مائتين أو عشرين درهما ، وبين النزول والصعود ، وتعيين المخرج ، ولا تتناول الآية ما نحن فيه ; لأنه إنما يأخذ الفرض بصفة المال ، فيأخذ من الكرام كرائم ، ومن غيرها من وسطها ، فلا يكون خبيثا ، لأن الأدنى ليس بخبيث ، وكذلك لو لم يوجد إلا سبب وجوبه وجب إخراجه ، وقياسهم يبطل بشاة الجبران ، وقياسنا أولى منه ; لأن قياس الزكاة على الزكاة أولى من قياسها على الديات .
إذا ثبت هذا فكان أحد الفرضين في ماله دون
[ ص: 236 ] الآخر ، فهو مخير بين إخراجه أو شراء الآخر ، ولا يتعين عليه سوى إخراج الموجود ; لأن الزكاة لا تجب في عين المال . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي : يتعين عليه إخراج الموجود لأن الزكاة لا تجب في عين المال . ولعله أراد إذا لم يقدر على شراء الآخر .
( 1700 ) مَسْأَلَةٌ : قَالَ : ( فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ ، فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ ) ظَاهِرُ هَذَا أَنَّهَا
nindex.php?page=treesubj&link=2744_2747_2750_2757إذَا زَادَتْ عَلَى الْعِشْرِينَ وَالْمِائَةِ وَاحِدَةً فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ ، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ ، وَمَذْهَبُ
الْأَوْزَاعِيِّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ ،
وَإِسْحَاقَ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ، لَا يَتَعَدَّى الْفَرْضُ إلَى ثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ ، فَيَكُونُ فِيهَا حِقَّةٌ وَبِنْتَا لَبُونٍ . وَهَذَا مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=16903مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12074وَأَبِي عُبَيْدٍ .
nindex.php?page=showalam&ids=16867وَلِمَالِكٍ رِوَايَتَانِ ; لِأَنَّ الْفَرْضَ لَا يَتَغَيَّرُ بِزِيَادَةِ الْوَاحِدَةِ ; بِدَلِيلِ سَائِرِ الْفُرُوضِ . وَلَنَا ، قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=23515فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ ، فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ } . وَالْوَاحِدَةُ زِيَادَةٌ ، وَقَدْ جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي حَدِيثِ الصَّدَقَاتِ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ عِنْدَ الْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ . رَوَاهُ
أَبُو دَاوُد ،
وَالتِّرْمِذِيُّ ، وَقَالَ : هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : هُوَ أَحْسَنُ شَيْءٍ رُوِيَ فِي أَحَادِيثِ الصَّدَقَاتِ . وَفِيهِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=23562فَإِذَا كَانَتْ إحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةً ، فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ } . وَفِي لَفْظٍ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=118942إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ } أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيّ .
وَأَخْرَجَ حَدِيثَ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسٍ ، مِنْ رِوَايَةِ
إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ ، عَنْ
النَّضْرِ بْنِ إسْمَاعِيلَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15744حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، قَالَ : أَخَذْنَا هَذَا الْكِتَابَ مِنْ
ثُمَامَةَ يُحَدِّثُ بِهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسٍ . وَفِيهِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=118943فَإِذَا بَلَغَتْ إحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةً ، فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ } . وَلِأَنَّ سَائِرَ مَا جَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَايَةً لِلْفَرْضِ ، إذَا زَادَ عَلَيْهِ وَاحِدَةٌ تَغَيَّرَ الْفَرْضُ ، كَذَا هَذَا . وَقَوْلُهُمْ : إنَّ الْفَرْضَ لَا يَتَغَيَّرُ بِزِيَادَةِ الْوَاحِدَةِ . قُلْنَا : وَهَذَا مَا تَغَيَّرَ بِالْوَاحِدَةِ وَحْدَهَا ، وَإِنَّمَا تَغَيَّرَ بِهَا مَعَ مَا قَبْلَهَا ، فَأَشْبَهَتْ الْوَاحِدَةَ الزَّائِدَةَ عَنْ التِّسْعِينَ وَالسِّتِّينَ وَغَيْرَهُمَا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354وَالنَّخَعِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990وَأَبُو حَنِيفَةَ : إذَا زَادَتْ الْإِبِلُ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ ، اُسْتُؤْنِفَتْ الْفَرِيضَةُ ، فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ إلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ ، فَيَكُونُ فِيهَا حِقَّتَانِ وَبِنْتُ مَخَاضٍ ، إلَى خَمْسِينَ وَمِائَةٍ ، فَفِيهَا ثَلَاثُ حِقَاقٍ . وَتُسْتَأْنَفُ الْفَرِيضَةُ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ ; لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ
لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ كِتَابًا ، ذَكَرَ فِيهِ الصَّدَقَاتِ وَالدِّيَاتِ ، وَذَكَرَ فِيهِ مِثْلَ هَذَا .
[ ص: 235 ] وَلَنَا ، أَنَّ فِي حَدِيثَيْ الصَّدَقَاتِ الَّذِي كَتَبَهُ
أَبُو بَكْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=9لِأَنَسِ ، وَاَلَّذِي كَانَ عِنْدَ آلِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِثْلَ مَذْهَبِنَا ، وَهُمَا صَحِيحَانِ ، وَقَدْ رَوَاهُ
أَبُو بَكْرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49200هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ } . وَأَمَّا كِتَابُ
عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي صِفَتِهِ ، فَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13665الْأَثْرَمُ فِي " سُنَنِهِ " مِثْلَ مَذْهَبِنَا .
وَالْأَخْذُ بِذَلِكَ أَوْلَى ، لِمُوَافَقَتِهِ الْأَحَادِيثَ الصِّحَاحَ ، وَمُوَافَقَتِهِ الْقِيَاسَ ، فَإِنَّ الْمَالَ إذَا وَجَبَ فِيهِ مِنْ جِنْسِهِ لَمْ يَجِبْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ ، كَسَائِرِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ، وَلِأَنَّهُ مَالٌ احْتَمَلَ الْمُوَاسَاةَ مِنْ جِنْسِهِ ، فَلَمْ يَجِبْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ ، كَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ .
وَإِنَّمَا وَجَبَ فِي الِابْتِدَاءِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ ، لِأَنَّهُ مَا احْتَمَلَ الْمُوَاسَاةَ مِنْ جِنْسِهِ ، فَلَمْ يَجِبْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ ، فَعَدَلْنَا إلَى غَيْرِ الْجِنْسِ ضَرُورَةً ، وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ بِزِيَادَةِ الْمَالِ وَكَثْرَتِهِ ، وَلِأَنَّهُ عِنْدَهُمْ يَنْقُلُ مِنْ بِنْتِ مَخَاضٍ إلَى حِقَّةٍ ، بِزِيَادَةِ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ ، وَهِيَ زِيَادَةٌ يَسِيرَةٌ لَا تَقْتَضِي الِانْتِقَالَ إلَى حِقَّةٍ ، فَإِنَّا لَمْ نَنْقُلْ فِي مَحَلِّ الْوِفَاقِ مِنْ بِنْتِ مَخَاضٍ إلَى حِقَّةٍ ، إلَّا بِزِيَادَةِ إحْدَى وَعِشْرِينَ ، وَإِنَّ زَادَتْ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ بَعِيرٍ ، لَمْ يَتَغَيَّرْ الْفَرْضُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ ; لِأَنَّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ : " فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً " .
وَهَذَا يُقَيِّدُ مُطْلَقَ الزِّيَادَةِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ، وَلِأَنَّ سَائِرَ الْفُرُوضِ لَا تَتَغَيَّرُ بِزِيَادَةِ جُزْءٍ . وَعَلَى كِلْتَا الرِّوَايَتَيْنِ مَتَى بَلَغْت الْإِبِلُ مِائَةً وَثَلَاثِينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ وَبِنْتَا لَبُونٍ ، وَفِي مِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ حِقَّتَانِ وَبِنْتَا لَبُونٍ ، وَفِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ ثَلَاثُ حِقَاقٍ ، وَفِي مِائَةٍ وَسِتِّينَ أَرْبَعُ بَنَاتِ لَبُونٍ . ثُمَّ كُلَّمَا زَادَتْ عَشْرًا أُبْدِلَتْ مَكَانَ بِنْتِ لَبُونٍ حِقَّةٌ ، فَفِي مِائَةٍ وَسَبْعِينَ حِقَّةٌ وَثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ ، وَفِي مِائَةٍ وَثَمَانِينَ حِقَّتَانِ وَابْنَتَا لَبُونٍ ، وَفِي مِائَةٍ وَتِسْعِينَ ثَلَاثُ حِقَاقٍ وَبِنْتُ لَبُونٍ .
فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْنِ اجْتَمَعَ الْفَرْضَانِ ; لِأَنَّ فِيهِمَا خَمْسِينَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ ، وَأَرْبَعِينَ خَمْسَ مَرَّاتٍ ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَرْبَعُ حِقَاقٍ أَوْ خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ ، أَيَّ الْفَرْضَيْنِ شَاءَ أَخْرَجَ ، وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ أَفْضَلِ مِنْهُ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ أَنَّ عَلَيْهِ أَرْبَعَ حِقَاقٍ . وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ أَرْبَعَ حِقَاقٍ بِصِيغَةِ التَّخْيِيرِ ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُخْرِجُ وَلِيًّا لِيَتِيمٍ أَوْ مَجْنُونٍ ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ مَالِهِ إلَّا أَدْنَى الْفَرْضَيْنِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : الْخِيَرَةُ إلَى السَّاعِي . وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ إذَا أَخْرَجَ لَزِمَهُ إخْرَاجُ أَعْلَى الْفَرْضَيْنِ ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ } . وَلِأَنَّهُ وُجِدَ سَبَبُ الْفَرْضَيْنِ ، فَكَانَتْ الْخِيَرَةُ إلَى مُسْتَحِقِّهِ أَوْ نَائِبِهِ ، كَقَتْلِ الْعَمْدِ الْمُوجِبِ لِلْقِصَاصِ أَوْ الدِّيَةِ .
وَلَنَا ، قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كِتَابِ الصَّدَقَاتِ ، الَّذِي كَتَبَهُ ، وَكَانَ عِنْدَ الْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=23565فَإِذَا كَانَتْ مِائَتَيْنِ ، فَفِيهَا أَرْبَعُ حِقَاقٍ ، أَوْ خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ ، أَيُّ الْبِنْتَيْنِ وُجِدَتْ أُخِذَتْ } . وَهَذَا نَصٌّ لَا يَعْرُجُ مَعَهُ عَلَى شَيْءٍ يُخَالِفُهُ ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12887 nindex.php?page=showalam&ids=32لِمُعَاذٍ : إيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ } .
وَلِأَنَّهَا زَكَاةٌ ثَبَتَ فِيهَا الْخِيَارُ ، فَكَانَ ذَلِكَ لِرَبِّ الْمَالِ ، كَالْخِيَرَةِ فِي الْجُبْرَانِ بَيْنَ مِائَتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا ، وَبَيْنَ النُّزُولِ وَالصُّعُودِ ، وَتَعْيِينِ الْمُخْرَجِ ، وَلَا تَتَنَاوَلُ الْآيَةُ مَا نَحْنُ فِيهِ ; لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ الْفَرْضَ بِصِفَةِ الْمَالِ ، فَيَأْخُذُ مِنْ الْكِرَامِ كَرَائِمَ ، وَمِنْ غَيْرِهَا مِنْ وَسَطِهَا ، فَلَا يَكُونُ خَبِيثًا ، لِأَنَّ الْأَدْنَى لَيْسَ بِخَبِيثٍ ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا سَبَبُ وُجُوبِهِ وَجَبَ إخْرَاجُهُ ، وَقِيَاسُهُمْ يَبْطُلُ بِشَاةِ الْجُبْرَانِ ، وَقِيَاسُنَا أَوْلَى مِنْهُ ; لِأَنَّ قِيَاسَ الزَّكَاةِ عَلَى الزَّكَاةِ أَوْلَى مِنْ قِيَاسِهَا عَلَى الدِّيَاتِ .
إذَا ثَبَتَ هَذَا فَكَانَ أَحَدُ الْفَرْضَيْنِ فِي مَالِهِ دُونَ
[ ص: 236 ] الْآخَرِ ، فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إخْرَاجِهِ أَوْ شِرَاءِ الْآخَرِ ، وَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ سِوَى إخْرَاجِ الْمَوْجُودِ ; لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَجِبُ فِي عَيْنِ الْمَالِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي : يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ إخْرَاجُ الْمَوْجُودِ لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَجِبْ فِي عَيْنِ الْمَالِ . وَلَعَلَّهُ أَرَادَ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى شِرَاءِ الْآخَرِ .