أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=156إنا لله وإنا إليه راجعون ) ففيه مسائل :
المسألة الأولى : قال
أبو بكر الوراق (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=156إنا لله ) إقرار منا له بالملك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=156وإنا إليه راجعون ) إقرار على أنفسنا بالهلاك ، واعلم أن
nindex.php?page=treesubj&link=32872الرجوع إليه ليس عبارة عن الانتقال إلى مكان أو جهة ، فإن ذلك على الله محال ، بل المراد أنه يصير إلى حيث لا يملك الحكم فيه سواه ، وذلك هو الدار الآخرة ؛ لأن عند ذلك لا يملك لهم أحد نفعا ولا ضرا ، وما داموا في الدنيا قد يملك غير الله نفعهم وضرهم بحسب الظاهر ، فجعل الله تعالى هذا رجوعا إليه تعالى ، كما يقال : إن الملك والدولة يرجع إليه لا بمعنى الانتقال بل بمعنى القدرة وترك المنازعة .
المسألة الثانية : هذا يدل على أن ذلك إقرار بالبعث والنشور ، والاعتراف
nindex.php?page=treesubj&link=19572بأنه سبحانه سيجازي الصابرين على قدر استحقاقهم ، ولا يضيع عنده أجر المحسنين .
المسألة الثالثة : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=156إنا لله ) يدل على كونه راضيا بكل ما نزل به في الحال من أنواع البلاء ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=156وإنا إليه راجعون ) يدل على كونه في الحال راضيا بكل ما سينزل به بعد ذلك ، من إثابته على ما كان
[ ص: 141 ] منه ، ومن تفويض الأمر إليه على ما نزل به ، ومن الانتصاف ممن ظلمه ، فيكون مذللا نفسه ، راضيا بما وعده الله به من الأجر في الآخرة .
المسألة الرابعة : الأخبار في هذا الباب كثيرة .
أحدها : عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011696nindex.php?page=treesubj&link=19585_19572من استرجع عند المصيبة : جبر الله مصيبته ، وأحسن عقباه ، وجعل له خلفا صالحا يرضاه " .
وثانيها :
روي أنه طفئ سراج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " إنا لله وإنا إليه راجعون " فقيل أمصيبة هي ؟ قال : نعم كل شيء يؤذي المؤمن فهو له مصيبة .
وثالثها : قالت
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة : حدثني
أبو سلمة أنه - عليه الصلاة والسلام - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011698ما من مسلم يصاب بمصيبة فيفزع إلى ما أمر الله به من قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=156إنا لله وإنا إليه راجعون ) اللهم عندك احتسبت مصيبتي فأجرني فيها وعوضني خيرا منها ، إلا آجره الله عليها وعوضه خيرا منها " قالت : فلما توفي
أبو سلمة ذكرت هذا الحديث وقلت هذا القول : فعوضني الله تعالى
محمدا - عليه الصلاة والسلام - . ورابعها : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أخبر الله أن المؤمن إذا سلم لأمر الله تعالى ورجع واسترجع عند مصيبته كتب الله تعالى له ثلاث خصال : الصلاة من الله ، والرحمة وتحقيق سبيل الهدى .
وخامسها : عن
عمر - رضي الله عنه - قال : نعم العدلان وهما : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=157أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة ) ونعمت العلاوة وهي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=157وأولئك هم المهتدون ) وقال
ابن مسعود : لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أقول لشيء قضاه الله تعالى : ليته لم يكن .
أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=157أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة ) فاعلم أن
nindex.php?page=treesubj&link=19577الصلاة من الله هي : الثناء والمدح والتعظيم ، وأما رحمته فهي : النعم التي أنزلها به عاجلا ثم آجلا .
أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=156إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) فَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَالَ
أَبُو بَكْرٍ الْوَرَّاقُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=156إِنَّا لِلَّهِ ) إِقْرَارٌ مِنَّا لَهُ بِالْمُلْكِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=156وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) إِقْرَارٌ عَلَى أَنْفُسِنَا بِالْهَلَاكِ ، وَاعْلَمْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32872الرُّجُوعَ إِلَيْهِ لَيْسَ عِبَارَةً عَنِ الِانْتِقَالِ إِلَى مَكَانٍ أَوْ جِهَةٍ ، فَإِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ مُحَالٌ ، بَلِ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَصِيرُ إِلَى حَيْثُ لَا يَمْلِكُ الْحُكْمَ فِيهِ سِوَاهُ ، وَذَلِكَ هُوَ الدَّارُ الْآخِرَةُ ؛ لِأَنَّ عِنْدَ ذَلِكَ لَا يَمْلِكُ لَهُمْ أَحَدٌ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا ، وَمَا دَامُوا فِي الدُّنْيَا قَدْ يَمْلِكُ غَيْرُ اللَّهِ نَفْعَهُمْ وَضَرَّهُمْ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ ، فَجَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا رُجُوعًا إِلَيْهِ تَعَالَى ، كَمَا يُقَالُ : إِنَّ الْمُلْكَ وَالدَّوْلَةَ يَرْجِعُ إِلَيْهِ لَا بِمَعْنَى الِانْتِقَالِ بَلْ بِمَعْنَى الْقُدْرَةِ وَتَرْكِ الْمُنَازَعَةِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ إِقْرَارٌ بِالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ ، وَالِاعْتِرَافِ
nindex.php?page=treesubj&link=19572بِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ سَيُجَازِي الصَّابِرِينَ عَلَى قَدْرِ اسْتِحْقَاقِهِمْ ، وَلَا يَضِيعُ عِنْدَهُ أَجْرُ الْمُحْسِنِينَ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=156إِنَّا لِلَّهِ ) يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ رَاضِيًا بِكُلِّ مَا نَزَلَ بِهِ فِي الْحَالِ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَلَاءِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=156وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ فِي الْحَالِ رَاضِيًا بِكُلِّ مَا سَيَنْزِلُ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ ، مِنْ إِثَابَتِهِ عَلَى مَا كَانَ
[ ص: 141 ] مِنْهُ ، وَمِنْ تَفْوِيضِ الْأَمْرِ إِلَيْهِ عَلَى مَا نَزَلَ بِهِ ، وَمِنَ الِانْتِصَافِ مِمَّنْ ظَلَمَهُ ، فَيَكُونُ مُذَلِّلًا نَفْسَهُ ، رَاضِيًا بِمَا وَعَدَهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْأَجْرِ فِي الْآخِرَةِ .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : الْأَخْبَارُ فِي هَذَا الْبَابِ كَثِيرَةٌ .
أَحَدُهَا : عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011696nindex.php?page=treesubj&link=19585_19572مَنِ اسْتَرْجَعَ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ : جَبَرَ اللَّهُ مُصِيبَتَهُ ، وَأَحْسَنَ عُقْبَاهُ ، وَجَعَلَ لَهُ خَلَفًا صَالِحًا يَرْضَاهُ " .
وَثَانِيهَا :
رُوِيَ أَنَّهُ طُفِئَ سِرَاجُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : " إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ " فَقِيلَ أَمُصِيبَةٌ هِيَ ؟ قَالَ : نَعَمْ كُلُّ شَيْءٍ يُؤْذِي الْمُؤْمِنَ فَهُوَ لَهُ مُصِيبَةٌ .
وَثَالِثُهَا : قَالَتْ
nindex.php?page=showalam&ids=54أُمُّ سَلَمَةَ : حَدَّثَنِي
أَبُو سَلَمَةَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011698مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصَابُ بِمُصِيبَةٍ فَيَفْزَعُ إِلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=156إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) اللَّهُمَّ عِنْدَكَ احْتَسَبْتُ مُصِيبَتِي فَأْجُرْنِي فِيهَا وَعَوِّضْنِي خَيْرًا مِنْهَا ، إِلَّا آجَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهَا وَعَوَّضَهُ خَيْرًا مِنْهَا " قَالَتْ : فَلَمَّا تُوُفِّيَ
أَبُو سَلَمَةَ ذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ وَقُلْتُ هَذَا الْقَوْلَ : فَعَوَّضَنِي اللَّهُ تَعَالَى
مُحَمَّدًا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - . وَرَابِعُهَا : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا سَلَّمَ لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَجَعَ وَاسْتَرْجَعَ عِنْدَ مُصِيبَتِهِ كَتَبَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ ثَلَاثَ خِصَالٍ : الصَّلَاةُ مِنَ اللَّهِ ، وَالرَّحْمَةُ وَتَحْقِيقُ سَبِيلِ الْهُدَى .
وَخَامِسُهَا : عَنْ
عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ : نِعْمَ الْعَدْلَانِ وَهُمَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=157أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ) وَنِعْمَتِ الْعِلَاوَةُ وَهِيَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=157وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) وَقَالَ
ابْنُ مَسْعُودٍ : لَأَنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقُولَ لِشَيْءٍ قَضَاهُ اللَّهُ تَعَالَى : لَيْتَهُ لَمْ يَكُنْ .
أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=157أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ) فَاعْلَمْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19577الصَّلَاةَ مِنَ اللَّهِ هِيَ : الثَّنَاءُ وَالْمَدْحُ وَالتَّعْظِيمُ ، وَأَمَّا رَحْمَتُهُ فَهِيَ : النِّعَمُ الَّتِي أَنْزَلَهَا بِهِ عَاجِلًا ثُمَّ آجِلًا .