(
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا ) وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43فهل ينظرون إلا سنة الأولين ) أي ليس لهم بعد هذا إلا انتظار الإهلاك وهو سنة الأولين وفيه مسائل :
المسألة الأولى : الإهلاك ليس سنة الأولين إنما هو سنة الله بالأولين ، فنقول : الجواب عنه من وجهين :
أحدهما : أن المصدر الذي هو المفعول المطلق يضاف إلى الفاعل والمفعول لتعلقه بهما من وجه دون وجه ، فيقال فيما إذا ضرب زيد عمرا : عجبت من ضرب عمرو كيف ضرب مع ما له من العزم والقوة ، وعجبت من ضرب زيد كيف ضرب مع ما له من العلم والحكمة ؟ فكذلك سنة الله بهم أضافها إليهم ؛ لأنها سنة سنت بهم ، وأضافها إلى نفسه بعدها بقوله :
[ ص: 32 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43فلن تجد لسنة الله تبديلا ) لأنها سنة من سنن الله ، إذا علمت هذا فنقول : أضافها في الأول إليهم حيث قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43سنة الأولين ) لأن
nindex.php?page=treesubj&link=30558_29680_32016سنة الله الإهلاك بالإشراك ، والإكرام على الإسلام ، فلا يعلم أنهم ينتظرون أيهما فإذا قال : سنة الأولين تميزت ، وفي الثاني أضافها إلى الله ، لأنها لما علمت فالإضافة إلى الله تعظيمها ، وتبين أنها أمر واقع ليس لها من دافع .
وثانيهما : أن المراد من سنة الأولين استمرارهم على الإنكار واستكبارهم عن الإقرار ، وسنة الله استئصالهم بإصرارهم ، فكأنه قال : أنتم تريدون الإتيان بسنة الأولين ، والله يأتي بسنة لا تبديل لها ، ولا تحويل عن مستحقها .
المسألة الثانية : التبديل تحويل فما الحكمة في التكرار ؟ نقول بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43فلن تجد لسنة الله تبديلا ) حصل العلم بأن العذاب لا تبديل له بغيره ، وبقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43ولن تجد لسنة الله تحويلا ) حصل العلم بأن العذاب مع أنه لا تبديل له بالثواب لا يتحول عن مستحقه إلى غيره فيتم تهديد المسيء .
المسألة الثالثة : المخاطب بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43فلن تجد ) يحتمل وجهين وقد تقدم مرارا :
أحدهما : أن يكون عاما ، كأنه قال : فلن تجد أيها السامع لسنة الله تبديلا .
والثاني : أن يكون مع
محمد صلى الله عليه وسلم ، وعلى هذا فكأنه قال : سنة الله أنه لا يهلك ما بقي في القوم من كتب الله إيمانه ، فإذا آمن من في علم الله أنه يؤمن يهلك الباقين ، كما قال
نوح : (
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=27إنك إن تذرهم ) ( نوح : 27 ) أي تمهل الأمر وجاء وقت سنتك .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا ) وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ ) أَيْ لَيْسَ لَهُمْ بَعْدَ هَذَا إِلَّا انْتِظَارُ الْإِهْلَاكِ وَهُوَ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : الْإِهْلَاكُ لَيْسَ سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ إِنَّمَا هُوَ سُنَّةُ اللَّهِ بِالْأَوَّلِينَ ، فَنَقُولُ : الْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ الْمَصْدَرَ الَّذِي هُوَ الْمَفْعُولُ الْمُطْلَقُ يُضَافُ إِلَى الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ لِتَعَلُّقِهِ بِهِمَا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ ، فَيُقَالُ فِيمَا إِذَا ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا : عَجِبْتُ مِنْ ضَرْبِ عَمْرٍو كَيْفَ ضُرِبَ مَعَ مَا لَهُ مِنَ الْعَزْمِ وَالْقُوَّةِ ، وَعَجِبْتُ مِنْ ضَرْبِ زَيْدٍ كَيْفَ ضَرَبَ مَعَ مَا لَهُ مِنَ الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ ؟ فَكَذَلِكَ سُنَّةُ اللَّهِ بِهِمْ أَضَافَهَا إِلَيْهِمْ ؛ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ سُنَّتْ بِهِمْ ، وَأَضَافَهَا إِلَى نَفْسِهِ بَعْدَهَا بِقَوْلِهِ :
[ ص: 32 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ) لِأَنَّهَا سُنَّةٌ مِنْ سُنَنِ اللَّهِ ، إِذَا عَلِمْتَ هَذَا فَنَقُولُ : أَضَافَهَا فِي الْأَوَّلِ إِلَيْهِمْ حَيْثُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ ) لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30558_29680_32016سُنَّةَ اللَّهِ الْإِهْلَاكُ بِالْإِشْرَاكِ ، وَالْإِكْرَامُ عَلَى الْإِسْلَامِ ، فَلَا يُعْلَمُ أَنَّهُمْ يَنْتَظِرُونَ أَيَّهُمَا فَإِذَا قَالَ : سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ تَمَيَّزَتْ ، وَفِي الثَّانِي أَضَافَهَا إِلَى اللَّهِ ، لِأَنَّهَا لَمَّا عُلِمَتْ فَالْإِضَافَةُ إِلَى اللَّهِ تَعْظِيمُهَا ، وَتَبَيَّنَ أَنَّهَا أَمْرٌ وَاقِعٌ لَيْسَ لَهَا مِنْ دَافِعٍ .
وَثَانِيهِمَا : أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ سُنَّةِ الْأَوَّلِينَ اسْتِمْرَارُهُمْ عَلَى الْإِنْكَارِ وَاسْتِكْبَارُهُمْ عَنِ الْإِقْرَارِ ، وَسُنَّةُ اللَّهِ اسْتِئْصَالُهُمْ بِإِصْرَارِهِمْ ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : أَنْتُمْ تُرِيدُونَ الْإِتْيَانَ بِسُنَّةِ الْأَوَّلِينَ ، وَاللَّهُ يَأْتِي بِسُنَّةٍ لَا تَبْدِيلَ لَهَا ، وَلَا تَحْوِيلَ عَنْ مُسْتَحِقِّهَا .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : التَّبْدِيلُ تَحْوِيلٌ فَمَا الْحِكْمَةُ فِي التَّكْرَارِ ؟ نَقُولُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ) حَصَلَ الْعِلْمُ بِأَنَّ الْعَذَابَ لَا تَبْدِيلَ لَهُ بِغَيْرِهِ ، وَبِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا ) حَصَلَ الْعِلْمُ بِأَنَّ الْعَذَابَ مَعَ أَنَّهُ لَا تَبْدِيلَ لَهُ بِالثَّوَابِ لَا يَتَحَوَّلُ عَنْ مُسْتَحِقِّهِ إِلَى غَيْرِهِ فَيَتِمُّ تَهْدِيدُ الْمُسِيءِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : الْمُخَاطَبُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43فَلَنْ تَجِدَ ) يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِرَارًا :
أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ عَامًّا ، كَأَنَّهُ قَالَ : فَلَنْ تَجِدَ أَيُّهَا السَّامِعُ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا .
وَالثَّانِي : أَنْ يَكُونَ مَعَ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَعَلَى هَذَا فَكَأَنَّهُ قَالَ : سُنَّةُ اللَّهِ أَنَّهُ لَا يُهْلِكُ مَا بَقِيَ فِي الْقَوْمِ مَنْ كَتَبَ اللَّهُ إِيمَانَهُ ، فَإِذَا آمَنَ مَنْ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ يُؤْمِنُ يُهْلِكُ الْبَاقِينَ ، كَمَا قَالَ
نُوحٌ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=27إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ ) ( نُوحٍ : 27 ) أَيْ تُمْهِلُ الْأَمْرَ وَجَاءَ وَقْتُ سُنَّتِكَ .