(
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=57فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=58ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=59كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=60فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون )
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=57فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون ) أي لا يطلب منهم الإعتاب وهو إزالة العتب يعني : التوبة التي تزيل آثار الجريمة لا تطلب منهم ; لأنها لا تقبل منهم .
[ ص: 121 ] ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=58ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون )
قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=58ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ) إشارة إلى إزالة الأعذار والإتيان بما فوق الكفاية من الإنذار ، وإلى أنه لم يبق من جانب الرسول تقصير ، فإن طلبوا شيئا آخر فذلك عناد ، ومن هان عليه تكذيب دليل لا يصعب عليه تكذيب الدلائل ، بل لا يجوز للمستدل أن يشرع في دليل آخر بعدما ذكر دليلا جيدا مستقيما ظاهرا لا غبار عليه وعانده الخصم ; لأنه إما أن يعترف بورود سؤال الخصم عليه أو لا يعترف ، فإن اعترف يكون انقطاعا وهو يقدح في الدليل أو المستدل ، إما بأن الدليل فاسد ، وإما بأن المستدل جاهل بوجه الدلالة والاستدلال ، وكلاهما لا يجوز الاعتراف به من العالم فكيف من النبي - عليه الصلاة والسلام - ، وإن لم يعترف يكون الشروع في غيره موهما أن الخصم ليس معاندا فيكون اجتراؤه على العناد في الثاني أكثر ; لأنه يقول : العناد أفاد في الأول حيث التزم ذكر دليل آخر . فإن قيل : فالأنبياء - عليهم السلام - ذكروا أنواعا من الدلائل ، نقول سردوها سردا ، ثم قرروها فردا فردا ، كمن يقول : الدليل عليه من وجوه : الأول كذا ، والثاني كذا ، والثالث كذا ، وفي مثل هذا الواجب
nindex.php?page=treesubj&link=32489عدم الالتفات إلى عناد المعاند ; لأنه يزيده بعناده حتى يضيع الوقت فلا يتمكن المستدل من الإتيان بجميع ما وعد من الدلائل فتنحط درجته ، فإذن لكل مكان مقال . وإلى هذا وقعت الإشارة بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=58ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون ) وفي توحيد الخطاب بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=58ولئن جئتهم ) والجمع في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=58إن أنتم ) لطيفة وهي أن الله تعالى قال : ولئن جئتهم بكل آية جاءت بها الرسل ويمكن أن يجاء بها يقولون أنتم كلكم أيها المدعون للرسالة مبطلون . ثم بين تعالى أن ذلك بطبع الله على قلوبهم بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=59كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون ) فإن قيل من لا يعلم شيئا أية فائدة في الإخبار عن الطبع على قلبه ؟ نقول : المعنى هو أن من لا يعلم الآن فقد طبع الله على قلبه من قبل ، ثم
nindex.php?page=treesubj&link=30614إنه تعالى سلى قلب النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=60فاصبر إن وعد الله حق ) أي أن صدقك يبين ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=60ولا يستخفنك الذين لا يوقنون ) إشارة إلى وجوب
nindex.php?page=treesubj&link=32022_32027مداومة النبي - عليه الصلاة والسلام - على الدعاء إلى الإيمان ، فإنه لو سكت لقال الكافر إنه متقلب الرأي ، لا ثبات له . والله أعلم بالصواب . وإليه المرجع والمآب والحمد لله رب العالمين ، وصلاته على سيد المرسلين وآله وصحبه أجمعين .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=57فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=58وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=59كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=60فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=57فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ) أَيْ لَا يُطْلَبُ مِنْهُمُ الْإِعْتَابُ وَهُوَ إِزَالَةُ الْعَتْبِ يَعْنِي : التَّوْبَةُ الَّتِي تُزِيلُ آثَارَ الْجَرِيمَةِ لَا تُطْلَبُ مِنْهُمْ ; لِأَنَّهَا لَا تُقْبَلُ مِنْهُمْ .
[ ص: 121 ] ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=58وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ )
قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=58وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ ) إِشَارَةٌ إِلَى إِزَالَةِ الْأَعْذَارِ وَالْإِتْيَانِ بِمَا فَوْقَ الْكِفَايَةِ مِنَ الْإِنْذَارِ ، وَإِلَى أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ جَانِبِ الرَّسُولِ تَقْصِيرٌ ، فَإِنْ طَلَبُوا شَيْئًا آخَرَ فَذَلِكَ عِنَادٌ ، وَمَنْ هَانَ عَلَيْهِ تَكْذِيبُ دَلِيلٍ لَا يَصْعُبُ عَلَيْهِ تَكْذِيبُ الدَّلَائِلِ ، بَلْ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْتَدِلِّ أَنْ يَشْرَعَ فِي دَلِيلٍ آخَرَ بَعْدَمَا ذَكَرَ دَلِيلًا جَيِّدًا مُسْتَقِيمًا ظَاهِرًا لَا غُبَارَ عَلَيْهِ وَعَانَدَهُ الْخَصْمُ ; لِأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يَعْتَرِفَ بِوُرُودِ سُؤَالِ الْخَصْمِ عَلَيْهِ أَوْ لَا يَعْتَرِفُ ، فَإِنِ اعْتَرَفَ يَكُونُ انْقِطَاعًا وَهُوَ يَقْدَحُ فِي الدَّلِيلِ أَوِ الْمُسْتَدِلِّ ، إِمَّا بِأَنَّ الدَّلِيلَ فَاسِدٌ ، وَإِمَّا بِأَنَّ الْمُسْتَدِلَّ جَاهِلٌ بِوَجْهِ الدَّلَالَةِ وَالِاسْتِدْلَالِ ، وَكِلَاهُمَا لَا يَجُوزُ الِاعْتِرَافُ بِهِ مِنَ الْعَالِمِ فَكَيْفَ مِنَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ يَكُونُ الشُّرُوعُ فِي غَيْرِهِ مُوهِمًا أَنَّ الْخَصْمَ لَيْسَ مُعَانِدًا فَيَكُونُ اجْتِرَاؤُهُ عَلَى الْعِنَادِ فِي الثَّانِي أَكْثَرَ ; لِأَنَّهُ يَقُولُ : الْعِنَادُ أَفَادَ فِي الْأَوَّلِ حَيْثُ الْتَزَمَ ذِكْرَ دَلِيلٍ آخَرَ . فَإِنْ قِيلَ : فَالْأَنْبِيَاءُ - عَلَيْهِمُ السَّلَامُ - ذَكَرُوا أَنْوَاعًا مِنَ الدَّلَائِلِ ، نَقُولُ سَرَدُوهَا سَرْدًا ، ثُمَّ قَرَّرُوهَا فَرْدًا فَرْدًا ، كَمَنْ يَقُولُ : الدَّلِيلُ عَلَيْهِ مِنْ وُجُوهٍ : الْأَوَّلُ كَذَا ، وَالثَّانِي كَذَا ، وَالثَّالِثُ كَذَا ، وَفِي مِثْلِ هَذَا الْوَاجِبِ
nindex.php?page=treesubj&link=32489عَدَمُ الِالْتِفَاتِ إِلَى عِنَادِ الْمُعَانِدِ ; لِأَنَّهُ يَزِيدُهُ بِعِنَادِهِ حَتَّى يَضِيعَ الْوَقْتُ فَلَا يَتَمَكَّنُ الْمُسْتَدِلُّ مِنَ الْإِتْيَانِ بِجَمِيعِ مَا وَعَدَ مِنَ الدَّلَائِلِ فَتَنْحَطُّ دَرَجَتُهُ ، فَإِذَنْ لِكُلِّ مَكَانٍ مَقَالٌ . وَإِلَى هَذَا وَقَعَتِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=58وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ ) وَفِي تَوْحِيدِ الْخِطَابِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=58وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ ) وَالْجَمْعِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=58إِنْ أَنْتُمْ ) لَطِيفَةٌ وَهِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِكُلِّ آيَةٍ جَاءَتْ بِهَا الرُّسُلُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَاءَ بِهَا يَقُولُونَ أَنْتُمْ كُلُّكُمْ أَيُّهَا الْمُدَّعُونَ لِلرِّسَالَةِ مُبْطِلُونَ . ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ ذَلِكَ بِطَبْعِ اللَّهِ عَلَى قُلُوبِهِمْ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=59كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ) فَإِنْ قِيلَ مَنْ لَا يَعْلَمُ شَيْئًا أَيَّةُ فَائِدَةٍ فِي الْإِخْبَارِ عَنِ الطَّبْعِ عَلَى قَلْبِهِ ؟ نَقُولُ : الْمَعْنَى هُوَ أَنَّ مَنْ لَا يَعْلَمُ الْآنَ فَقَدْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ مِنْ قَبْلُ ، ثُمَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30614إِنَّهُ تَعَالَى سَلَّى قَلْبَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=60فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ) أَيْ أَنَّ صِدْقَكَ يُبَيَّنُ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=60وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ ) إِشَارَةٌ إِلَى وُجُوبِ
nindex.php?page=treesubj&link=32022_32027مُدَاوَمَةِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى الدُّعَاءِ إِلَى الْإِيمَانِ ، فَإِنَّهُ لَوْ سَكَتَ لَقَالَ الْكَافِرُ إِنَّهُ مُتَقَلِّبُ الرَّأْيِ ، لَا ثَبَاتَ لَهُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ . وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَصَلَاتُهُ عَلَى سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ .