ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=28978وذكرى للمؤمنين ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : يريد مواعظ للمصدقين . قال
الزجاج : وهو اسم في موضع المصدر . قال
الليث : ( الذكرى ) اسم للتذكرة ، وفي
nindex.php?page=treesubj&link=34077محل ذكرى من الإعراب وجوه :
قال
الفراء : يجوز أن يكون في موضع نصب على معنى : لتنذر به ولتذكر ، ويجوز أن يكون رفعا بالرد على قوله : ( كتاب ) والتقدير : كتاب حق وذكرى ، ويجوز أيضا أن يكون التقدير ، وهو ذكرى ، ويجوز أن يكون خفضا ؛ لأن معنى لتنذر به ، لأن تنذر به فهو في موضع خفض ، لأن المعنى للإنذار والذكرى .
فإن قيل : لم قيد هذه الذكرى بالمؤمنين ؟
قلنا : هو نظير قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2هدى للمتقين ) والبحث العقلي فيه أن النفوس البشرية على قسمين : نفوس بليدة جاهلة ، بعيدة عن عالم الغيب ، غريقة في طلب اللذات الجسمانية ، والشهوات الجسدانية ، ونفوس شريفة مشرقة بالأنوار الإلهية مستعدة بالحوادث الروحانية ، فبعثة الأنبياء والرسل في حق القسم الأول ، إنذار وتخويف ، فإنهم لما غرقوا في نوم الغفلة ورقدة الجهالة ، احتاجوا إلى موقظ يوقظهم ، وإلى منبه ينبههم . وأما في حق القسم الثاني فتذكير وتنبيه ؛ وذلك لأن هذه النفوس بمقتضى جواهرها الأصلية مستعدة للانجذاب إلى عالم القدس والاتصال بالحضرة الصمدية ، إلا أنه ربما غشيها غواش من عالم الجسم ، فيعرض لها نوع ذهول وغفلة ، فإذا سمعت دعوة الأنبياء واتصل بها أنوار أرواح رسل الله تعالى ، تذكرت مركزها وأبصرت منشأها ، واشتاقت إلى ما حصل هنالك من الروح والراحة والريحان ، فثبت أنه تعالى إنما أنزل هذا الكتاب على رسوله ليكون إنذارا في حق طائفة ، وذكرى في حق طائفة أخرى . والله أعلم .
ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=28978وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ) قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : يُرِيدُ مَوَاعِظَ لِلْمُصَدِّقِينَ . قَالَ
الزَّجَّاجُ : وَهُوَ اسْمٌ فِي مَوْضِعِ الْمَصْدَرِ . قَالَ
اللَّيْثُ : ( الذِّكْرَى ) اسْمٌ لِلتَّذْكِرَةِ ، وَفِي
nindex.php?page=treesubj&link=34077مَحَلِّ ذِكْرَى مِنَ الْإِعْرَابِ وُجُوهٌ :
قَالَ
الْفَرَّاءُ : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى مَعْنَى : لِتَنْذُرَ بِهِ وَلِتُذَكِّرَ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَفْعًا بِالرَّدِّ عَلَى قَوْلِهِ : ( كِتَابٌ ) وَالتَّقْدِيرُ : كِتَابٌ حَقٌّ وَذِكْرَى ، وَيَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ ، وَهُوَ ذِكْرَى ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَفْضًا ؛ لِأَنَّ مَعْنَى لِتُنْذِرَ بِهِ ، لِأَنْ تُنْذِرَ بِهِ فَهُوَ فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ ، لِأَنَّ الْمَعْنَى لِلْإِنْذَارِ وَالذِّكْرَى .
فَإِنْ قِيلَ : لِمَ قَيَّدَ هَذِهِ الذِّكْرَى بِالْمُؤْمِنِينَ ؟
قُلْنَا : هُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ) وَالْبَحْثُ الْعَقْلِيُّ فِيهِ أَنَّ النُّفُوسَ الْبَشَرِيَّةَ عَلَى قِسْمَيْنِ : نُفُوسٌ بَلِيدَةٌ جَاهِلَةٌ ، بَعِيدَةٌ عَنْ عَالَمِ الْغَيْبِ ، غَرِيقَةٌ فِي طَلَبِ اللَّذَّاتِ الْجِسْمَانِيَّةِ ، وَالشَّهَوَاتِ الْجَسَدَانِيَّةِ ، وَنُفُوسٌ شَرِيفَةٌ مُشْرِقَةٌ بِالْأَنْوَارِ الْإِلَهِيَّةِ مُسْتَعِدَّةٌ بِالْحَوَادِثِ الرُّوحَانِيَّةِ ، فَبَعْثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ فِي حَقِّ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ ، إِنْذَارٌ وَتَخْوِيفٌ ، فَإِنَّهُمْ لَمَّا غَرِقُوا فِي نَوْمِ الْغَفْلَةِ وَرَقْدَةِ الْجَهَالَةِ ، احْتَاجُوا إِلَى مُوقِظٍ يُوقِظُهُمْ ، وَإِلَى مُنَبِّهٍ يُنَبِّهُهُمْ . وَأَمَّا فِي حَقِّ الْقِسْمِ الثَّانِي فَتَذْكِيرٌ وَتَنْبِيهٌ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ النُّفُوسَ بِمُقْتَضَى جَوَاهِرِهَا الْأَصْلِيَّةِ مُسْتَعِدَّةٌ لِلِانْجِذَابِ إِلَى عَالَمِ الْقُدُسِ وَالِاتِّصَالِ بِالْحَضْرَةِ الصَّمَدِيَّةِ ، إِلَّا أَنَّهُ رُبَّمَا غَشِيَهَا غَوَاشٍ مِنْ عَالَمِ الْجِسْمِ ، فَيَعْرِضُ لَهَا نَوْعُ ذُهُولٍ وَغَفْلَةٍ ، فَإِذَا سَمِعَتْ دَعْوَةَ الْأَنْبِيَاءِ وَاتَّصَلَ بِهَا أَنْوَارُ أَرْوَاحِ رُسُلِ اللَّهِ تَعَالَى ، تَذَكَّرَتْ مَرْكَزَهَا وَأَبْصَرَتْ مَنْشَأَهَا ، وَاشْتَاقَتْ إِلَى مَا حَصَلَ هُنَالِكَ مِنَ الرُّوحِ وَالرَّاحَةِ وَالرَّيْحَانِ ، فَثَبَتَ أَنَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا أَنْزَلَ هَذَا الْكِتَابَ عَلَى رَسُولِهِ لِيَكُونَ إِنْذَارًا فِي حَقِّ طَائِفَةٍ ، وَذِكْرَى فِي حَقِّ طَائِفَةٍ أُخْرَى . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .