(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=125ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=126ولله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله بكل شيء محيطا ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=125ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=126ولله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله بكل شيء محيطا ) .
اعلم أنه تعالى لما شرط حصول النجاة والفوز بالجنة بكون الإنسان مؤمنا شرح الإيمان وبين فضله من وجهين :
أحدهما : أنه
nindex.php?page=treesubj&link=28643_28632الدين المشتمل على إظهار كمال العبودية والخضوع والانقياد لله تعالى .
والثاني : وهو أنه
nindex.php?page=treesubj&link=28644_28639الدين الذي كان عليه إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، وكل واحد من هذين الوجهين سبب مستقل بالترغيب في دين الإسلام .
أما الوجه الأول : فاعلم أن
nindex.php?page=treesubj&link=28649_29641_30498دين الإسلام مبني على أمرين : الاعتقاد والعمل : أما الاعتقاد فإليه الإشارة بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=125أسلم وجهه ) ؛ وذلك لأن الإسلام : هو الانقياد والخضوع . والوجه أحسن أعضاء الإنسان ، فالإنسان إذا عرف بقلبه ربه وأقر بربوبيته وبعبودية نفسه فقد أسلم وجهه لله ، وأما العمل فإليه الإشارة بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=125وهو محسن ) ويدخل فيه فعل الحسنات وترك السيئات ، فتأمل في هذه اللفظة المختصرة واحتوائها على جميع المقاصد والأغراض ، وأيضا فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=125أسلم وجهه لله ) يفيد الحصر ، معناه : أنه أسلم نفسه لله وما أسلم لغير الله ، وهذا تنبيه على أن
nindex.php?page=treesubj&link=28685كمال الإيمان لا يحصل إلا عند تفويض جميع الأمور إلى الخالق ، وإظهار التبري من الحول والقوة ، وأيضا ففيه تنبيه على
nindex.php?page=treesubj&link=28680_29430فساد طريقة من استعان بغير الله ، فإن المشركين كانوا يستعينون بالأصنام ويقولون : هؤلاء شفعاؤنا عند الله ،
والدهرية والطبيعيون يستعينون بالأفلاك ، والكواكب ، والطبائع وغيرها ،
واليهود كانوا يقولون في دفع عقاب الآخرة عنهم : أنهم من أولاد الأنبياء ،
والنصارى كانوا يقولون : ثالث ثلاثة ، فجميع الفرق قد استعانوا بغير الله .
وأما
المعتزلة فهم في الحقيقة ما أسلمت وجوههم لله ؛ لأنهم يرون الطاعة الموجبة لثوابهم من أنفسهم ، والمعصية الموجبة لعقابهم من أنفسهم ، فهم في الحقيقة لا يرجون إلا أنفسهم ، ولا يخافون إلا أنفسهم ، وأما أهل السنة الذين فوضوا التدبير ، والتكوين ، والإبداع ، والخلق إلى الحق سبحانه وتعالى ، واعتقدوا أنه لا موجد ، ولا مؤثر إلا الله ، فهم الذين أسلموا وجوههم لله ، وعولوا بالكلية على فضل الله ، وانقطع نظرهم عن كل شيء ما سوى الله .
[ ص: 46 ] وأما الوجه الثاني في
nindex.php?page=treesubj&link=28632بيان فضيلة الإسلام : وهو أن
محمدا عليه الصلاة والسلام إنما دعا الخلق إلى دين
إبراهيم عليه السلام ، فلقد اشتهر عند كل الخلق : أن
إبراهيم عليه السلام ما كان يدعو إلا إلى الله تعالى ، كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=78إني بريء مما تشركون ) [الأنعام : 78] . وما كان يدعو إلى عبادة فلك ، ولا طاعة كوكب ، ولا سجدة صنم ، ولا استعانة بطبيعة ، بل كان دينه الدعوة إلى الله والإعراض عن كل ما سوى الله . ودعوة
محمد عليه الصلاة والسلام قد كان قريبا من شرع
إبراهيم عليه السلام ؛ في الختان ، وفي الأعمال المتعلقة
بالكعبة : مثل الصلاة إليها ، والطواف بها ، والسعي ، والرمي ، والوقوف ، والحلق ، والكلمات العشر المذكورة في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=124وإذ ابتلى إبراهيم ربه ) [البقرة : 124] . ولما ثبت أن شرع
محمد عليه الصلاة والسلام كان قريبا من شرع
إبراهيم ، ثم إن شرع
إبراهيم مقبول عند الكل ؛ وذلك لأن العرب لا يفتخرون بشيء كافتخارهم بالانتساب إلى
إبراهيم ، وأما
اليهود والنصارى فلا شك في كونهم مفتخرين به ، وإذا ثبت هذا لزم أن يكون شرع
محمد مقبولا عند الكل .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=28975_31852قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=125حنيفا ) ففيه بحثان :
الأول : يجوز أن يكون حالا للمتبوع ، وأن يكون حالا للتابع ، كما إذا قلت : رأيت راكبا ، فإنه يجوز أن يكون الراكب حالا للمرئي والرائي .
البحث الثاني : الحنيف المائل ، ومعناه : أنه مائل عن الأديان كلها ؛ لأن ما سواه باطل ، والحق أنه مائل عن كل ظاهر وباطن ، وتحقيق الكلام فيه : أن الباطل وإن كان بعيدا من الباطل الذي يضاده فقد يكون قريبا من الباطل الذي يجانسه ، وأما الحق فإنه واحد فيكون مائلا عن كل ما عداه ، كالمركز الذي يكون في غاية البعد عن جميع أجزاء الدائرة .
فإن قيل : ظاهر هذه الآية يقتضي أن شرع
محمد عليه الصلاة والسلام نفس شرع
إبراهيم ، وعلى هذا التقدير لم يكن
محمد عليه الصلاة والسلام صاحب شريعة مستقلة ، وأنتم لا تقولون بذلك .
قلنا : يجوز أن تكون
nindex.php?page=treesubj&link=31852_28639ملة إبراهيم داخلة في ملة محمد عليه الصلاة والسلام ، مع اشتمال هذه الملة على زوائد حسنة وفوائد جليلة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=125وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=126وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=125وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=126وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا ) .
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا شَرَطَ حُصُولَ النَّجَاةِ وَالْفَوْزَ بِالْجَنَّةِ بِكَوْنِ الْإِنْسَانِ مُؤْمِنًا شَرَحَ الْإِيمَانَ وَبَيَّنَ فَضْلَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=28643_28632الدِّينُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى إِظْهَارِ كَمَالِ الْعُبُودِيَّةِ وَالْخُضُوعِ وَالِانْقِيَادِ لِلَّهِ تَعَالَى .
وَالثَّانِي : وَهُوَ أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=28644_28639الدِّينُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ سَبَبٌ مُسْتَقِلٌّ بِالتَّرْغِيبِ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ .
أَمَّا الْوَجْهُ الْأَوَّلُ : فَاعْلَمْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28649_29641_30498دِينَ الْإِسْلَامِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَمْرَيْنِ : الِاعْتِقَادُ وَالْعَمَلُ : أَمَّا الِاعْتِقَادُ فَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=125أَسْلَمَ وَجْهَهُ ) ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ : هُوَ الِانْقِيَادُ وَالْخُضُوعُ . وَالْوَجْهُ أَحْسَنُ أَعْضَاءِ الْإِنْسَانِ ، فَالْإِنْسَانُ إِذَا عَرَفَ بِقَلْبِهِ رَبَّهُ وَأَقَرَّ بِرُبُوبِيَّتِهِ وَبِعُبُودِيَّةِ نَفْسِهِ فَقَدْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ ، وَأَمَّا الْعَمَلُ فَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=125وَهُوَ مُحْسِنٌ ) وَيَدْخُلُ فِيهِ فِعْلُ الْحَسَنَاتِ وَتَرْكُ السَّيِّئَاتِ ، فَتَأَمَّلْ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ الْمُخْتَصَرَةِ وَاحْتِوَائِهَا عَلَى جَمِيعِ الْمَقَاصِدِ وَالْأَغْرَاضِ ، وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=125أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ ) يُفِيدُ الْحَصْرَ ، مَعْنَاهُ : أَنَّهُ أَسْلَمَ نَفْسَهُ لِلَّهِ وَمَا أَسْلَمَ لِغَيْرِ اللَّهِ ، وَهَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28685كَمَالَ الْإِيمَانِ لَا يَحْصُلُ إِلَّا عِنْدَ تَفْوِيضِ جَمِيعِ الْأُمُورِ إِلَى الْخَالِقِ ، وَإِظْهَارِ التَّبَرِّي مِنَ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ ، وَأَيْضًا فَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=28680_29430فَسَادِ طَرِيقَةِ مَنِ اسْتَعَانَ بِغَيْرِ اللَّهِ ، فَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَسْتَعِينُونَ بِالْأَصْنَامِ وَيَقُولُونَ : هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ ،
وَالدَّهْرِيَّةُ وَالطَّبِيعِيُّونَ يَسْتَعِينُونَ بِالْأَفْلَاكِ ، وَالْكَوَاكِبِ ، وَالطَّبَائِعِ وَغَيْرِهَا ،
وَالْيَهُودُ كَانُوا يَقُولُونَ فِي دَفْعِ عِقَابِ الْآخِرَةِ عَنْهُمْ : أَنَّهُمْ مِنْ أَوْلَادِ الْأَنْبِيَاءِ ،
وَالنَّصَارَى كَانُوا يَقُولُونَ : ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ، فَجَمِيعُ الْفِرَقِ قَدِ اسْتَعَانُوا بِغَيْرِ اللَّهِ .
وَأَمَّا
الْمُعْتَزِلَةُ فَهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ مَا أَسْلَمَتْ وُجُوهُهُمْ لِلَّهِ ؛ لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَ الطَّاعَةَ الْمُوجِبَةَ لِثَوَابِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، وَالْمَعْصِيَةَ الْمُوجِبَةَ لِعِقَابِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، فَهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ لَا يَرْجُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ ، وَلَا يَخَافُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ ، وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ الَّذِينَ فَوَّضُوا التَّدْبِيرَ ، وَالتَّكْوِينَ ، وَالْإِبْدَاعَ ، وَالْخَلْقَ إِلَى الْحَقِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، وَاعْتَقَدُوا أَنَّهُ لَا مُوجِدَ ، وَلَا مُؤَثِّرَ إِلَّا اللَّهُ ، فَهُمُ الَّذِينَ أَسْلَمُوا وُجُوهَهُمْ لِلَّهِ ، وَعَوَّلُوا بِالْكُلِّيَّةِ عَلَى فَضْلِ اللَّهِ ، وَانْقَطَعَ نَظَرُهُمْ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ مَا سِوَى اللَّهِ .
[ ص: 46 ] وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّانِي فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28632بَيَانِ فَضِيلَةِ الْإِسْلَامِ : وَهُوَ أَنَّ
مُحَمَّدًا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِنَّمَا دَعَا الْخَلْقَ إِلَى دِينِ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَلَقَدِ اشْتُهِرَ عِنْدَ كُلِّ الْخَلْقِ : أَنَّ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَّا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=78إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ ) [الْأَنْعَامِ : 78] . وَمَا كَانَ يَدْعُو إِلَى عِبَادَةِ فَلَكٍ ، وَلَا طَاعَةِ كَوْكَبٍ ، وَلَا سَجْدَةِ صَنَمٍ ، وَلَا اسْتِعَانَةٍ بِطَبِيعَةٍ ، بَلْ كَانَ دِينُهُ الدَّعْوَةَ إِلَى اللَّهِ وَالْإِعْرَاضَ عَنْ كُلِّ مَا سِوَى اللَّهِ . وَدَعْوَةُ
مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَدْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ شَرْعِ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ؛ فِي الْخِتَانِ ، وَفِي الْأَعْمَالِ الْمُتَعَلِّقَةِ
بِالْكَعْبَةِ : مِثْلُ الصَّلَاةِ إِلَيْهَا ، وَالطَّوَافِ بِهَا ، وَالسَّعْيِ ، وَالرَّمْيِ ، وَالْوُقُوفِ ، وَالْحَلْقِ ، وَالْكَلِمَاتِ الْعَشْرِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=124وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ ) [الْبَقَرَةِ : 124] . وَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ شَرْعَ
مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ قَرِيبًا مِنْ شَرْعِ
إِبْرَاهِيمَ ، ثُمَّ إِنَّ شَرْعَ
إِبْرَاهِيمَ مَقْبُولٌ عِنْدَ الْكُلِّ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَرَبَ لَا يَفْتَخِرُونَ بِشَيْءٍ كَافْتِخَارِهِمْ بِالِانْتِسَابِ إِلَى
إِبْرَاهِيمَ ، وَأَمَّا
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَلَا شَكَّ فِي كَوْنِهِمْ مُفْتَخِرِينَ بِهِ ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ شَرْعُ
مُحَمَّدٍ مَقْبُولًا عِنْدَ الْكُلِّ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=28975_31852قَوْلُهُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=125حَنِيفًا ) فَفِيهِ بَحْثَانِ :
الْأَوَّلُ : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا لِلْمَتْبُوعِ ، وَأَنْ يَكُونَ حَالًا لِلتَّابِعِ ، كَمَا إِذَا قُلْتَ : رَأَيْتُ رَاكِبًا ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الرَّاكِبُ حَالًا لِلْمَرْئِيِّ وَالرَّائِي .
الْبَحْثُ الثَّانِي : الْحَنِيفُ الْمَائِلُ ، وَمَعْنَاهُ : أَنَّهُ مَائِلٌ عَنِ الْأَدْيَانِ كُلِّهَا ؛ لِأَنَّ مَا سِوَاهُ بَاطِلٌ ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ مَائِلٌ عَنْ كُلِّ ظَاهِرٍ وَبَاطِنٍ ، وَتَحْقِيقُ الْكَلَامِ فِيهِ : أَنَّ الْبَاطِلَ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا مِنَ الْبَاطِلِ الَّذِي يُضَادُّهُ فَقَدْ يَكُونُ قَرِيبًا مِنَ الْبَاطِلِ الَّذِي يُجَانِسُهُ ، وَأَمَّا الْحَقُّ فَإِنَّهُ وَاحِدٌ فَيَكُونُ مَائِلًا عَنْ كُلِّ مَا عَدَاهُ ، كَالْمَرْكَزِ الَّذِي يَكُونُ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ عَنْ جَمِيعِ أَجْزَاءِ الدَّائِرَةِ .
فَإِنْ قِيلَ : ظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَةِ يَقْتَضِي أَنَّ شَرْعَ
مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ نَفْسُ شَرْعِ
إِبْرَاهِيمَ ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَمْ يَكُنْ
مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ صَاحِبَ شَرِيعَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ ، وَأَنْتُمْ لَا تَقُولُونَ بِذَلِكَ .
قُلْنَا : يَجُوزُ أَنَّ تَكُونَ
nindex.php?page=treesubj&link=31852_28639مِلَّةُ إِبْرَاهِيمَ دَاخِلَةً فِي مِلَّةِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، مَعَ اشْتِمَالِ هَذِهِ الْمِلَّةِ عَلَى زَوَائِدَ حَسَنَةٍ وَفَوَائِدَ جَلِيلَةٍ .