[ ص: 50 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159nindex.php?page=treesubj&link=28974_30538_29693_27453فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين )
واعلم أن القوم لما انهزموا عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم
أحد ثم عادوا لم يخاطبهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالتغليظ والتشديد ، وإنما خاطبهم بالكلام اللين ، ثم إنه سبحانه وتعالى لما أرشدهم في الآيات المتقدمة إلى ما ينفعهم في معاشهم ومعادهم ، وكان من جملة ذلك أن عفا عنهم ، زاد في الفضل والإحسان بأن مدح الرسول صلى الله عليه وسلم على عفوه عنهم ، وتركه التغليظ عليهم فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159فبما رحمة من الله لنت لهم ) ومن أنصف علم أن هذا ترتيب حسن في الكلام . وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى : اعلم أن
nindex.php?page=treesubj&link=30984_31052_30794_19963لينه صلى الله عليه وسلم مع القوم عبارة عن حسن خلقه مع القوم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=215واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ) [الشعراء : 215] وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=199خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ) ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=4وإنك لعلى خلق عظيم ) [القلم : 4] وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم ) [التوبة : 128] وقال عليه الصلاة والسلام : "
لا حلم أحب إلى الله تعالى من حلم إمام ورفقه ولا جهل أبغض إلى الله من جهل إمام وخرقه " فلما كان عليه الصلاة والسلام إمام العالمين ، وجب أن يكون أكثرهم حلما وأحسنهم خلقا . وروي
أن امرأة عثمان دخلت عليه صلى الله عليه وسلم ، وكان النبي وعلي يغسلان السلاح ، فقالت : ما فعل ابن عفان ؟ أما والله لا تجدونه أمام القوم ، فقال لها علي : ألا إن عثمان فضح الزمان اليوم ، فقال عليه الصلاة والسلام "مه" وروي أنه قال حينئذ :
أعياني أزواج الأخوات أن يتحابوا ، ولما دخل عليه
عثمان مع صاحبيه ما زاد على أن قال : "
لقد ذهبتم فيها عريضة " وروي عن بعض الصحابة أنه قال : لقد أحسن الله إلينا كل الإحسان ، كنا مشركين ، فلو جاءنا رسول الله بهذا الدين جملة ، وبالقرآن دفعة لثقلت هذه التكاليف علينا ، فما كنا ندخل في الإسلام ، ولكنه دعانا إلى كلمة واحدة ، فلما قبلناها وعرفنا حلاوة الإيمان ، قبلنا ما وراءها كلمة بعد كلمة على سبيل الرفق إلى أن تم الدين وكملت الشريعة . وروي أنه عليه الصلاة والسلام قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012188إنما أنا لكم مثل الوالد فإذا ذهب أحدكم إلى الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها " واعلم أن سر الأمر في حسن الخلق أمران : اعتبار حال القائل ، واعتبار حال الفاعل ، أما اعتبار حال القائل فلأن جواهر النفوس مختلفة بالماهية ، كما قال عليه الصلاة والسلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011967الأرواح جنود مجندة " وقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012189الناس معادن كمعادن الذهب والفضة " وكما أنها في جانب النقصان تنتهي إلى غاية البلادة والمهانة والنذالة واستيلاء الشهوة والغضب عليها واستيلاء حب المال واللذات ، فكذلك في جانب الكمال قد تنتهي إلى غاية القوة والجلالة ، أما في القوة النظرية فيكون كما وصفه الله تعالى بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35نور على نور ) [النور : 35] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=113وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما ) [النساء :
[ ص: 51 ] 113 ] وأما في القوة العملية ، فكما وصفه الله بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=4وإنك لعلى خلق عظيم ) كأنها من جنس أرواح الملائكة ، فلا تنقاد للشهوة ولا تميل لدواعي الغضب ، ولا تتأثر من حب المال والجاه ، فإن من تأثر عن شيء كان المتأثر أضعف من المؤثر ، فالنفس إذا مالت إلى هذه المحسوسات كانت روحانياتها أضعف من الجسمانيات ، وإذا لم تمل إليها ولم تلتفت إليها كانت روحانياتها مستعلية على الجسمانيات ، وهذه الخواص نظرية ، وكانت نفسه المقدسة في غاية الجلالة والكمال في هذه الخصال . وأما اعتبار حال الفاعل فقوله عليه الصلاة والسلام : "
من عرف سر الله في القدر هانت عليه المصائب " فإنه يعلم أن الحوادث الأرضية مستندة إلى الأسباب الإلهية ، فيعلم أن
nindex.php?page=treesubj&link=28790الحذر لا يدفع القدر ، فلا جرم إذا فاته مطلوب لم يغضب ، وإذا حصل له محبوب لم يأنس به ؛ لأنه مطلع على الروحانيات التي هي أشرف من هذه الجسمانيات ، فلا ينازع أحدا من هذا العالم في طلب شيء من لذاتها وطيباتها ، ولا يغضب على أحد بسبب فوت شيء من مطالبها ، ومتى كان الإنسان كذلك كان حسن الخلق ، طيب العشرة مع الخلق ، ولما كان صلوات الله وسلامه عليه أكمل البشر في هذه الصفات الموجبة لحسن الخلق ، لا جرم كان أكمل الخلق في حسن الخلق .
المسألة الثانية : احتج أصحابنا في مسألة القضاء والقدر بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159فبما رحمة من الله لنت لهم ) وجه الاستدلال أنه تعالى بين أن حسن خلقه مع الخلق ، إنما كان بسبب رحمة الله تعالى ، فنقول :
nindex.php?page=treesubj&link=19960_29693_30455_28790رحمة الله عند
المعتزلة عامة في حق المكلفين ، فكل ما فعله مع
محمد عليه الصلاة والسلام من الهداية والدعوة والبيان والإرشاد ، فقد فعل مثل ذلك مع إبليس
وفرعون وهامان وأبي جهل وأبي لهب ، فإذا كان على هذا القول كل ما فعله الله تعالى مع المكلفين في هذا الباب مشتركا فيه بين أصفى الأصفياء ، وبين أشقى الأشقياء لم يكن اختصاص بعضهم بحسن الخلق وكمال الطريقة مستفادا من رحمة الله ، فكان على هذا القول تعليل حسن خلق الرسول عليه الصلاة والسلام برحمة الله باطلا ، ولما كان هذا باطلا علمنا أن جميع
nindex.php?page=treesubj&link=28785أفعال العباد بقضاء الله وبقدره ،
والمعتزلة يحملون هذا على زيادة الألطاف وهذا في غاية البعد ؛ لأن كل ما كان ممكنا من الألطاف ، فقد فعله في حق المكلفين ، والذي يستحقه المكلف بناء على طاعته من مزيد الألطاف ، فذاك في الحقيقة إنما اكتسبه من نفسه لا من الله ؛ لأنه متى فعل الطاعة استحق ذلك المزيد من اللطف ، ووجب إيصاله إليه ، ومتى لم يفعل امتنع إيصاله ، فكان ذلك للعبد من نفسه لا من الله .
المسألة الثالثة : ذهب الأكثرون إلى أن
nindex.php?page=treesubj&link=34077 "ما" في قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159فبما رحمة من الله ) صلة زائدة ومثله في القرآن كثير ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=40عما قليل ) [المؤمنون : 40] و (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=11جند ما هنالك ) [ص : 11] (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=155فبما نقضهم ) [النساء : 155] (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=12من خطاياهم ) [العنكبوت : 12] قالوا : والعرب قد تزيد في الكلام للتأكيد على ما يستغنى عنه ، قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=96فلما أن جاء البشير ) [يوسف : 96] أراد فلما جاء ، فأكد بأن ، وقال المحققون : دخول اللفظ المهمل الضائع في كلام أحكم الحاكمين غير جائر ، وهاهنا يجوز أن تكون "ما" استفهاما للتعجب تقديره : فبأي رحمة من الله لنت لهم ، وذلك لأن جنايتهم لما كانت عظيمة ثم إنه ما أظهر ألبتة ، تغليظا في القول ، ولا خشونة في الكلام ، علموا أن هذا لا يتأتى إلا بتأييد رباني وتسديد إلهي ، فكان ذلك موضع التعجب من كمال ذلك التأييد والتسديد ، فقيل : فبأي رحمة من الله لنت لهم ، وهذا هو الأصوب عندي .
المسألة الرابعة : اعلم أن هذه الآية دلت على أن رحمة الله هي المؤثرة في صيرورة
محمد عليه
[ ص: 52 ] الصلاة والسلام رحيما بالأمة ، فإذا تأملت حقيقة هذه الآية عرفت دلالتها على أنه لا رحمة إلا لله سبحانه ، والذي يقرر ذلك وجوه :
أحدها : أنه لولا أن الله ألقى في قلب عبده داعية الخير والرحمة واللطف لم يفعل شيئا من ذلك ، وإذا ألقى في قلبه هذه الداعية فعل هذه الأفعال لا محالة ، وعلى هذا التقدير فلا رحمة إلا لله : إن
nindex.php?page=treesubj&link=19958كل رحيم سوى الله تعالى فإنه يستفيد برحمته عوضا ، إما هربا من العقاب ، أو طلبا للثواب ، أو طلبا للذكر الجميل ، فإذا فرضنا صورة خالية عن هذه الأمور كان السبب هو الرقة الجنسية ، فإن من رأى حيوانا في الألم رق قلبه ، وتألم بسبب مشاهدته إياه في الألم ، فيخلصه عن ذلك الألم دفعا لتلك الرقة عن قلبه ، فلو لم يوجد شيء من هذه الأعراض لم يرحم ألبتة ، أما الحق سبحانه وتعالى فهو الذي يرحم لا لغرض من الأغراض ، فلا رحمة إلا لله .
وثالثها : أن كل من رحم غيره فإنه إنما يرحمه بأن يعطيه مالا ، أو يبعد عنه سببا من أسباب المكروه والبلاء ، إلا أن المرحوم لا ينتفع بذلك المال إلا مع سلامة الأعضاء ، وهي ليست إلا من الله تعالى ، فلا رحمة في الحقيقة إلا لله ، وأما في الظاهر فكل من أعانه الله على الرحمة سمي رحيما ، قال عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012191الراحمون يرحمهم الرحمن " وقال في صفة
محمد عليه السلام : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128بالمؤمنين رءوف رحيم ) [التوبة : 128]
[ ص: 50 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159nindex.php?page=treesubj&link=28974_30538_29693_27453فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ )
وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَوْمَ لَمَّا انْهَزَمُوا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ
أُحُدٍ ثُمَّ عَادُوا لَمْ يُخَاطِبْهُمُ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّغْلِيظِ وَالتَّشْدِيدِ ، وَإِنَّمَا خَاطَبَهُمْ بِالْكَلَامِ اللَّيِّنِ ، ثُمَّ إِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمَّا أَرْشَدَهُمْ فِي الْآيَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ إِلَى مَا يَنْفَعُهُمْ فِي مَعَاشِهِمْ وَمَعَادِهِمْ ، وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ أَنْ عَفَا عَنْهُمْ ، زَادَ فِي الْفَضْلِ وَالَإِحْسَانِ بِأَنْ مَدَحَ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَفْوِهِ عَنْهُمْ ، وَتَرْكِهِ التَّغْلِيظَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ) وَمَنْ أَنْصَفَ عَلِمَ أَنَّ هَذَا تَرْتِيبٌ حَسَنٌ فِي الْكَلَامِ . وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : اعْلَمْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30984_31052_30794_19963لِينَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الْقَوْمِ عِبَارَةٌ عَنْ حُسْنِ خُلُقِهِ مَعَ الْقَوْمِ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=215وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) [الشُّعَرَاءِ : 215] وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=199خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ) ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=4وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) [الْقَلَمِ : 4] وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) [التَّوْبَةِ : 128] وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : "
لَا حِلْمَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ حِلْمِ إِمَامٍ وَرِفْقِهِ وَلَا جَهْلَ أَبْغَضُ إِلَى اللَّهِ مِنْ جَهْلِ إِمَامٍ وَخَرَقِهِ " فَلَمَّا كَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِمَامَ الْعَالَمِينَ ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَهُمْ حِلْمًا وَأَحْسَنَهُمْ خُلُقًا . وَرُوِيَ
أَنَّ امْرَأَةَ عُثْمَانَ دَخَلَتْ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ النَّبِيُّ وَعَلِيٌّ يَغْسِلَانِ السِّلَاحَ ، فَقَالَتْ : مَا فَعَلَ ابْنُ عَفَّانَ ؟ أَمَا وَاللَّهِ لَا تَجِدُونَهُ أَمَامَ الْقَوْمِ ، فَقَالَ لَهَا عَلِيٌّ : أَلَا إِنَّ عُثْمَانَ فَضَحَ الزَّمَانَ الْيَوْمَ ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ "مَهْ" وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ حِينَئِذٍ :
أَعْيَانِي أَزْوَاجُ الْأَخَوَاتِ أَنْ يَتَحَابُّوا ، وَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ
عُثْمَانُ مَعَ صَاحِبَيْهِ مَا زَادَ عَلَى أَنْ قَالَ : "
لَقَدْ ذَهَبْتُمْ فِيهَا عَرِيضَةً " وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ قَالَ : لَقَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْنَا كُلَّ الْإِحْسَانِ ، كُنَّا مُشْرِكِينَ ، فَلَوْ جَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ بِهَذَا الدِّينِ جُمْلَةً ، وَبِالْقُرْآنِ دُفْعَةً لَثَقُلَتْ هَذِهِ التَّكَالِيفُ عَلَيْنَا ، فَمَا كُنَّا نَدْخُلُ فِي الْإِسْلَامِ ، وَلَكِنَّهُ دَعَانَا إِلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ ، فَلَمَّا قَبِلْنَاهَا وَعَرَفْنَا حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ ، قَبِلْنَا مَا وَرَاءَهَا كَلِمَةً بَعْدَ كَلِمَةٍ عَلَى سَبِيلِ الرِّفْقِ إِلَى أَنْ تَمَّ الدِّينُ وَكَمُلَتِ الشَّرِيعَةُ . وَرُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012188إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ مِثْلُ الْوَالِدِ فَإِذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْغَائِطِ فَلَا يَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا " وَاعْلَمْ أَنَّ سِرَّ الْأَمْرِ فِي حُسْنِ الْخُلُقِ أَمْرَانِ : اعْتِبَارُ حَالِ الْقَائِلِ ، وَاعْتِبَارُ حَالِ الْفَاعِلِ ، أَمَّا اعْتِبَارُ حَالِ الْقَائِلِ فَلِأَنَّ جَوَاهِرَ النُّفُوسِ مُخْتَلِفَةٌ بِالْمَاهِيَّةِ ، كَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011967الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ " وَقَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012189النَّاسُ مَعَادِنُ كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ " وَكَمَا أَنَّهَا فِي جَانِبِ النُّقْصَانِ تَنْتَهِي إِلَى غَايَةِ الْبَلَادَةِ وَالْمَهَانَةِ وَالنَّذَالَةِ وَاسْتِيلَاءِ الشَّهْوَةِ وَالْغَضَبِ عَلَيْهَا وَاسْتِيلَاءِ حُبِّ الْمَالِ وَاللَّذَّاتِ ، فَكَذَلِكَ فِي جَانِبِ الْكَمَالِ قَدْ تَنْتَهِي إِلَى غَايَةِ الْقُوَّةِ وَالْجَلَالَةِ ، أَمَّا فِي الْقُوَّةِ النَّظَرِيَّةِ فَيَكُونُ كَمَا وَصَفَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35نُورٌ عَلَى نُورٍ ) [النُّورِ : 35] وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=113وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ) [النِّسَاءِ :
[ ص: 51 ] 113 ] وَأَمَّا فِي الْقُوَّةِ الْعَمَلِيَّةِ ، فَكَمَا وَصَفَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=4وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) كَأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ أَرْوَاحِ الْمَلَائِكَةِ ، فَلَا تَنْقَادُ لِلشَّهْوَةِ وَلَا تَمِيلُ لِدَوَاعِي الْغَضَبِ ، وَلَا تَتَأَثَّرُ مِنْ حُبِّ الْمَالِ وَالْجَاهِ ، فَإِنَّ مَنْ تَأَثَّرَ عَنْ شَيْءٍ كَانَ الْمُتَأَثِّرُ أَضْعَفَ مِنَ الْمُؤَثِّرِ ، فَالنَّفْسُ إِذَا مَالَتْ إِلَى هَذِهِ الْمَحْسُوسَاتِ كَانَتْ رُوحَانِيَّاتُهَا أَضْعَفَ مِنَ الْجُسْمَانِيَّاتِ ، وَإِذَا لَمْ تَمِلْ إِلَيْهَا وَلَمْ تَلْتَفِتْ إِلَيْهَا كَانَتْ رُوحَانِيَّاتُهَا مُسْتَعْلِيَةً عَلَى الْجُسْمَانِيَّاتِ ، وَهَذِهِ الْخَوَاصُّ نَظَرِيَّةٌ ، وَكَانَتْ نَفْسُهُ الْمُقَدَّسَةُ فِي غَايَةِ الْجَلَالَةِ وَالْكَمَالِ فِي هَذِهِ الْخِصَالِ . وَأَمَّا اعْتِبَارُ حَالِ الْفَاعِلِ فَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : "
مَنْ عَرَفَ سِرَّ اللَّهِ فِي الْقَدَرِ هَانَتْ عَلَيْهِ الْمَصَائِبُ " فَإِنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ الْحَوَادِثَ الْأَرْضِيَّةَ مُسْتَنِدَةٌ إِلَى الْأَسْبَابِ الْإِلَهِيَّةِ ، فَيَعْلَمُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28790الْحَذَرَ لَا يَدْفَعُ الْقَدَرَ ، فَلَا جَرَمَ إِذَا فَاتَهُ مَطْلُوبٌ لَمْ يَغْضَبْ ، وَإِذَا حَصَلَ لَهُ مَحْبُوبٌ لَمْ يَأْنَسْ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ مُطَّلِعٌ عَلَى الرُّوحَانِيَّاتِ الَّتِي هِيَ أَشْرَفُ مِنْ هَذِهِ الْجُسْمَانِيَّاتِ ، فَلَا يُنَازِعُ أَحَدًا مِنْ هَذَا الْعَالَمِ فِي طَلَبِ شَيْءٍ مِنْ لَذَّاتِهَا وَطَيِّبَاتِهَا ، وَلَا يَغْضَبُ عَلَى أَحَدٍ بِسَبَبِ فَوْتِ شَيْءٍ مِنْ مَطَالِبِهَا ، وَمَتَى كَانَ الْإِنْسَانُ كَذَلِكَ كَانَ حَسَنَ الْخُلُقِ ، طَيِّبَ الْعِشْرَةِ مَعَ الْخَلْقِ ، وَلَمَّا كَانَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ أَكْمَلَ الْبَشَرِ فِي هَذِهِ الصِّفَاتِ الْمُوجِبَةِ لِحُسْنِ الْخُلُقِ ، لَا جَرَمَ كَانَ أَكْمَلَ الْخَلْقِ فِي حُسْنِ الْخُلُقِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : احْتَجَّ أَصْحَابُنَا فِي مَسْأَلَةِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ) وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ أَنَّ حُسْنَ خُلُقِهِ مَعَ الْخَلْقِ ، إِنَّمَا كَانَ بِسَبَبِ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَنَقُولُ :
nindex.php?page=treesubj&link=19960_29693_30455_28790رَحْمَةُ اللَّهِ عِنْدَ
الْمُعْتَزِلَةِ عَامَّةٌ فِي حَقِّ الْمُكَلَّفِينَ ، فَكُلُّ مَا فَعَلَهُ مَعَ
مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنَ الْهِدَايَةِ وَالدَّعْوَةِ وَالْبَيَانِ وَالْإِرْشَادِ ، فَقَدْ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ مَعَ إِبْلِيسَ
وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَأَبِي جَهْلٍ وَأَبِي لَهَبٍ ، فَإِذَا كَانَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ كُلُّ مَا فَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَعَ الْمُكَلَّفِينَ فِي هَذَا الْبَابِ مُشْتَرِكًا فِيهِ بَيْنَ أَصْفَى الْأَصْفِيَاءِ ، وَبَيْنَ أَشْقَى الْأَشْقِيَاءِ لَمْ يَكُنِ اخْتِصَاصُ بَعْضِهِمْ بِحُسْنِ الْخُلُقِ وَكَمَالِ الطَّرِيقَةِ مُسْتَفَادًا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ، فَكَانَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ تَعْلِيلُ حُسْنِ خُلُقِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِرَحْمَةِ اللَّهِ بَاطِلًا ، وَلَمَّا كَانَ هَذَا بَاطِلًا عَلِمْنَا أَنَّ جَمِيعَ
nindex.php?page=treesubj&link=28785أَفْعَالِ الْعِبَادِ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَبِقَدْرِهِ ،
وَالْمُعْتَزِلَةُ يَحْمِلُونَ هَذَا عَلَى زِيَادَةِ الْأَلْطَافِ وَهَذَا فِي غَايَةِ الْبُعْدِ ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مُمْكِنًا مِنَ الْأَلْطَافِ ، فَقَدْ فَعَلَهُ فِي حَقِّ الْمُكَلَّفِينَ ، وَالَّذِي يَسْتَحِقُّهُ الْمُكَلَّفُ بِنَاءً عَلَى طَاعَتِهِ مِنْ مَزِيدِ الْأَلْطَافِ ، فَذَاكَ فِي الْحَقِيقَةِ إِنَّمَا اكْتَسَبَهُ مِنْ نَفْسِهِ لَا مِنَ اللَّهِ ؛ لِأَنَّهُ مَتَى فَعَلَ الطَّاعَةَ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ الْمَزِيدَ مِنَ اللُّطْفِ ، وَوَجَبَ إِيصَالُهُ إِلَيْهِ ، وَمَتَى لَمْ يَفْعَلِ امْتَنَعَ إِيصَالُهُ ، فَكَانَ ذَلِكَ لِلْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ لَا مِنَ اللَّهِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : ذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إِلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=34077 "مَا" فِي قَوْلِهِ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ ) صِلَةٌ زَائِدَةٌ وَمِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=40عَمَّا قَلِيلٍ ) [الْمُؤْمِنُونَ : 40] وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=11جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ ) [ص : 11] (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=155فَبِمَا نَقْضِهِمْ ) [النِّسَاءِ : 155] (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=12مِنْ خَطَايَاهُمْ ) [الْعَنْكَبُوتِ : 12] قَالُوا : وَالْعَرَبُ قَدْ تَزِيدُ فِي الْكَلَامِ لِلتَّأْكِيدِ عَلَى مَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ ، قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=96فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ ) [يُوسُفَ : 96] أَرَادَ فَلَمَّا جَاءَ ، فَأَكَّدَ بِأَنْ ، وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ : دُخُولُ اللَّفْظِ الْمُهْمَلِ الضَّائِعِ فِي كَلَامِ أَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ غَيْرُ جَائِرٍ ، وَهَاهُنَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ "مَا" اسْتِفْهَامًا لِلتَّعَجُّبِ تَقْدِيرُهُ : فَبِأَيِّ رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ جِنَايَتَهُمْ لَمَّا كَانَتْ عَظِيمَةً ثُمَّ إِنَّهُ مَا أَظْهَرَ أَلْبَتَّةَ ، تَغْلِيظًا فِي الْقَوْلِ ، وَلَا خُشُونَةً فِي الْكَلَامِ ، عَلِمُوا أَنَّ هَذَا لَا يَتَأَتَّى إِلَّا بِتَأْيِيدٍ رَبَّانِيٍّ وَتَسْدِيدٍ إِلَهِيٍّ ، فَكَانَ ذَلِكَ مَوْضِعَ التَّعَجُّبِ مِنْ كَمَالِ ذَلِكَ التَّأْيِيدِ وَالتَّسْدِيدِ ، فَقِيلَ : فَبِأَيِّ رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ، وَهَذَا هُوَ الْأَصْوَبُ عِنْدِي .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ هِيَ الْمُؤَثِّرَةُ فِي صَيْرُورَةِ
مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ
[ ص: 52 ] الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ رَحِيمًا بِالْأُمَّةِ ، فَإِذَا تَأَمَّلْتَ حَقِيقَةَ هَذِهِ الْآيَةِ عَرَفْتَ دَلَالَتَهَا عَلَى أَنَّهُ لَا رَحْمَةَ إِلَّا لِلَّهِ سُبْحَانَهُ ، وَالَّذِي يُقَرِّرُ ذَلِكَ وُجُوهٌ :
أَحَدُهَا : أَنَّهُ لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ أَلْقَى فِي قَلْبِ عَبْدِهِ دَاعِيَةَ الْخَيْرِ وَالرَّحْمَةِ وَاللُّطْفِ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ، وَإِذَا أَلْقَى فِي قَلْبِهِ هَذِهِ الدَّاعِيَةَ فَعَلَ هَذِهِ الْأَفْعَالَ لَا مَحَالَةَ ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَلَا رَحْمَةَ إِلَّا لِلَّهِ : إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19958كُلَّ رَحِيمٍ سِوَى اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ يَسْتَفِيدُ بِرَحْمَتِهِ عِوَضًا ، إِمَّا هَرَبًا مِنَ الْعِقَابِ ، أَوْ طَلَبًا لِلثَّوَابِ ، أَوْ طَلَبًا لِلذِّكْرِ الْجَمِيلِ ، فَإِذَا فَرَضْنَا صُورَةً خَالِيَةً عَنْ هَذِهِ الْأُمُورِ كَانَ السَّبَبُ هُوَ الرِّقَّةَ الْجِنْسِيَّةَ ، فَإِنَّ مَنْ رَأَى حَيَوَانًا فِي الْأَلَمِ رَقَّ قَلْبُهُ ، وَتَأَلَّمَ بِسَبَبِ مُشَاهَدَتِهِ إِيَّاهُ فِي الْأَلَمِ ، فَيُخَلِّصُهُ عَنْ ذَلِكَ الْأَلَمِ دَفْعًا لِتِلْكَ الرِّقَّةِ عَنْ قَلْبِهِ ، فَلَوْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَعْرَاضِ لَمْ يَرْحَمْ أَلْبَتَّةَ ، أَمَّا الْحَقُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَهُوَ الَّذِي يَرْحَمُ لَا لِغَرَضٍ مِنَ الْأَغْرَاضِ ، فَلَا رَحْمَةَ إِلَّا لِلَّهِ .
وَثَالِثُهَا : أَنَّ كُلَّ مَنْ رَحِمَ غَيْرَهُ فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَرْحَمُهُ بِأَنْ يُعْطِيَهُ مَالًا ، أَوْ يُبْعِدَ عَنْهُ سَبَبًا مِنْ أَسْبَابِ الْمَكْرُوهِ وَالْبَلَاءِ ، إِلَّا أَنَّ الْمَرْحُومَ لَا يَنْتَفِعُ بِذَلِكَ الْمَالِ إِلَّا مَعَ سَلَامَةِ الْأَعْضَاءِ ، وَهِيَ لَيْسَتْ إِلَّا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ، فَلَا رَحْمَةَ فِي الْحَقِيقَةِ إِلَّا لِلَّهِ ، وَأَمَّا فِي الظَّاهِرِ فَكُلُّ مَنْ أَعَانَهُ اللَّهُ عَلَى الرَّحْمَةِ سُمِّيَ رَحِيمًا ، قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012191الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ " وَقَالَ فِي صِفَةِ
مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) [التَّوْبَةِ : 128]