579
nindex.php?page=showalam&ids=15850خير النساج
وأما
أبو الحسن خير النساج ، كان من أهل
سامرا ، سكن
بغداد وصحب
أبا حمزة nindex.php?page=showalam&ids=14479والسري السقطي ، له الحظ الجسيم في الكرامات .
سمعت
علي بن هارون -صاحب
الجنيد - يحكي عن غير واحد من أصحابه ممن حضر موته قال : غشي عليه عند صلاة المغرب ، ثم أفاق فنظر إلى ناحية من باب البيت ، فقال : قف عافاك الله ، فإنما أنت عبد مأمور ، ما أمرت به لا يفوتك ، وما أمرت به يفوتني ، فدعني أمضي لما أمرت به ثم امض أنت لما أمرت به ،
nindex.php?page=treesubj&link=19908فدعا بماء فتوضأ للصلاة وصلى ثم تمدد وغمض عينيه وتشهد فمات رحمه الله ، فرآه بعض أصحابه في المنام فقال له : ما فعل الله بك ؟ قال : لا تسألني عن هذا ولكن استرحت من دنياكم الوضرة .
أخبرنا
جعفر بن محمد بن نصير في كتابه قال : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=15850خيرا النساج : أكان النسج حرفتك ؟ قال : لا ، قلت : فمن أين سميت به ؟ قال : كنت
nindex.php?page=treesubj&link=19492_19719_30525عاهدت الله واعتقدت أن لا آكل الرطب أبدا ، فغلبتني نفسي يوما فأخذت نصف رطل ، فلما أكلت واحدة إذا رجل نظر إلي ، وقال : يا
خير يا آبق هربت مني ؟ - وكان له غلام هرب اسمه
خير - فوقع علي شبهه وصورته ، فخنقني فاجتمع الناس فقالوا : هذا والله غلامك
خير ، فبقيت متحيرا وعلمت بماذا أخذت ، وعرفت جنايتي ، فحملني إلى حانوته الذي فيه كان ينسج غلمانه وقالوا : يا عبد السوء تهرب من مولاك ؟ ادخل واعمل عملك الذي كنت تعمل ، وأمرني بنسج الكرباس ، فدليت رجلي على أن أعمل فأخذت بيدي آلته ، فكأني كنت أعمل من سنين ، فبقيت معه شهرا أنسج له ، فقمت ليلة فتمسحت وقمت إلى
[ ص: 308 ] صلاة الغداة ، فسجدت وقلت في سجودي : إلهي لا أعود إلى ما فعلت ، فأصبحت وإذا الشبه ذهب عني وعدت إلى صورتي التي كنت عليها ، فأطلقت فثبت علي هذا الاسم ، فكان سبب النسج اتباعي شهوة عاهدت الله عز وجل أن لا آكلها ، فعاقبني الله بما سمعت ، وكان يقول : لا نسب أشرف من نسب من خلقه الله بيده فلم يعصمه ، ولا علم أرفع من علم من علمه الله الأسماء كلها فلم تنفعه في وقت جريان القضاء عليه ، ولا عبادة أتم ولا أكثر من عبادة إبليس فلم ينجه ذلك من أن صار إلى ما سبق له من الله تعالى ، وقال :
nindex.php?page=treesubj&link=28685توحيد كل مخلوق ناقص بقيامه بغيره ، وحاجته إلى غيره ، قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=15ياأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله ) المحتاجون إليه في كل نفس (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=15والله هو الغني ) عنكم وعن توحيدكم وأفعالكم (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=15الحميد ) الذي يقبل منك ما لا يحتاج إليه ويثيب على ما تحتاج إليه .
أخبرني
الحسن بن جعفر ، قال : أخبرني
عبد الله بن إبراهيم الجريري ، قال : قال
أبو الخير الديلمي : كنت جالسا عند
nindex.php?page=showalam&ids=15850خير النساج فأتته امرأة وقالت : أعطني المنديل الذي دفعته إليك ، قال : نعم ، فدفعه إليها ، فقالت : كم الأجرة ؟ قال : درهمان ، قالت : ما معي الساعة شيء ، وأنا قد ترددت إليك مرارا ولم أرك ، آتيك به غدا إن شاء الله ، فقال لها
خير : إن أتيتني به ولم ترني فارم به في الدجلة فإني إذا رجعت أخذته ، فقالت المرأة : كيف تأخذ من الدجلة ؟ فقال
خير : التفتيش فضول منك ، افعلي ما أمرتك ، فقالت : إن شاء الله ، فمرت المرأة ، قال
أبو الخير : فجئت من الغد - وكان
خير غائبا - فإذا بالمرأة جاءت ومعها خرقة فيها درهمان ، فلم تر
خيرا فقعدت ساعة ، ثم قامت ورمت بالخرقة في الدجلة ، فإذا بسرطان قد تعلقت بالخرقة وغاصت ، فبعد ساعة جاء
خير وفتح باب حانوته وجلس على الشط يتوضأ ، وإذا بسرطان خرجت من الماء تمشي نحوه والخرقة على ظهرها ، فلما قربت من الشيخ أخذها ، فقلت له : رأيت كذا وكذا ، فقال :
nindex.php?page=treesubj&link=28807_33964أحب أن لا تبوح به في حياتي ، فأجبته إلى ذلك ، وقلت : نعم .
579
nindex.php?page=showalam&ids=15850خَيْرٌ النَّسَّاجُ
وَأَمَّا
أبو الحسن خير النساج ، كَانَ مِنْ أَهْلِ
سَامَرَّا ، سَكَنَ
بَغْدَادَ وَصَحِبَ
أبا حمزة nindex.php?page=showalam&ids=14479وَالسِّرِيَّ السَّقَطِيَّ ، لَهُ الْحَظُّ الْجَسِيمُ فِي الْكَرَامَاتِ .
سَمِعْتُ
علي بن هارون -صَاحِبَ
الجنيد - يَحْكِي عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ مِمَّنْ حَضَرَ مَوْتَهُ قَالَ : غُشِيَ عَلَيْهِ عِنْدَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ ، ثُمَّ أَفَاقَ فَنَظَرَ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنْ بَابِ الْبَيْتِ ، فَقَالَ : قِفْ عَافَاكَ اللَّهُ ، فَإِنَّمَا أَنْتَ عَبْدٌ مَأْمُورٌ ، مَا أُمِرْتَ بِهِ لَا يَفُوتُكَ ، وَمَا أُمِرْتُ بِهِ يَفُوتُنِي ، فَدَعْنِي أَمْضِي لِمَا أُمِرْتُ بِهِ ثُمَّ امْضِ أَنْتَ لِمَا أُمِرْتَ بِهِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=19908فَدَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ وَصَلَّى ثُمَّ تَمَدَّدَ وَغَمَّضَ عَيْنَيْهِ وَتَشَهَّدَ فَمَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ ، فَرَآهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ فِي الْمَنَامِ فَقَالَ لَهُ : مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ ؟ قَالَ : لَا تَسْأَلْنِي عَنْ هَذَا وَلَكِنِ اسْتَرَحْتُ مِنْ دُنْيَاكُمُ الْوَضِرَةِ .
أَخْبَرَنَا
جعفر بن محمد بن نصير فِي كِتَابِهِ قَالَ : سَأَلْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=15850خَيْرًا النَّسَّاجَ : أَكَانَ النَّسْجُ حِرْفَتَكَ ؟ قَالَ : لَا ، قُلْتُ : فَمِنْ أَيْنَ سُمِّيتَ بِهِ ؟ قَالَ : كُنْتُ
nindex.php?page=treesubj&link=19492_19719_30525عَاهَدْتُ اللَّهَ وَاعْتَقَدْتُ أَنْ لَا آكُلَ الرُّطَبَ أَبَدًا ، فَغَلَبَتْنِي نَفْسِي يَوْمًا فَأَخَذْتُ نِصْفَ رِطْلٍ ، فَلَمَّا أَكَلْتُ وَاحِدَةً إِذَا رَجُلٌ نَظَرَ إِلَيَّ ، وَقَالَ : يَا
خير يَا آبِقُ هَرَبْتَ مِنِّي ؟ - وَكَانَ لَهُ غُلَامٌ هَرَبَ اسْمُهُ
خير - فَوَقَعَ عَلَيَّ شَبَهُهُ وَصُورَتُهُ ، فَخَنَقَنِي فَاجْتَمَعَ النَّاسُ فَقَالُوا : هَذَا وَاللَّهِ غُلَامُكَ
خير ، فَبَقِيتُ مُتَحَيِّرًا وَعَلِمْتُ بِمَاذَا أُخِذْتُ ، وَعَرَفْتُ جِنَايَتِي ، فَحَمَلَنِي إِلَى حَانُوتِهِ الَّذِي فِيهِ كَانَ يَنْسِجُ غِلْمَانُهُ وَقَالُوا : يَا عَبْدَ السُّوءِ تَهْرُبُ مِنْ مَوْلَاكَ ؟ ادْخُلْ وَاعْمَلْ عَمَلَكَ الَّذِي كُنْتَ تَعْمَلُ ، وَأَمَرَنِي بِنَسْجِ الْكِرْبَاسِ ، فَدَلَّيْتُ رِجْلِي عَلَى أَنْ أَعْمَلَ فَأَخَذْتُ بِيَدِي آلَتَهُ ، فَكَأَنِّي كُنْتُ أَعْمَلُ مِنْ سِنِينَ ، فَبَقِيتُ مَعَهُ شَهْرًا أَنْسِجُ لَهُ ، فَقُمْتُ لَيْلَةً فَتَمَسَّحْتُ وَقُمْتُ إِلَى
[ ص: 308 ] صَلَاةِ الْغَدَاةِ ، فَسَجَدْتُ وَقُلْتُ فِي سُجُودِي : إِلَهِي لَا أَعُودُ إِلَى مَا فَعَلْتُ ، فَأَصْبَحْتُ وَإِذَا الشَّبَهُ ذَهَبَ عَنِّي وَعُدْتُ إِلَى صُورَتِي الَّتِي كُنْتُ عَلَيْهَا ، فَأُطْلِقْتُ فَثَبَتَ عَلَيَّ هَذَا الِاسْمُ ، فَكَانَ سَبَبُ النَّسْجِ اتِّبَاعِي شَهْوَةً عَاهَدْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لَا آكُلَهَا ، فَعَاقَبَنِي اللَّهُ بِمَا سَمِعْتَ ، وَكَانَ يَقُولُ : لَا نَسَبَ أَشْرَفَ مِنْ نَسَبِ مَنْ خَلَقَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ فَلَمْ يَعْصِمْهُ ، وَلَا عِلْمَ أَرْفَعُ مِنْ عِلْمِ مَنْ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا فَلَمْ تَنْفَعْهُ فِي وَقْتِ جَرَيَانِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ ، وَلَا عِبَادَةَ أَتَمُّ وَلَا أَكْثَرُ مِنْ عِبَادَةِ إِبْلِيسَ فَلَمْ يُنَجِّهِ ذَلِكَ مِنْ أَنْ صَارَ إِلَى مَا سَبَقَ لَهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَقَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=28685تَوْحِيدُ كُلِّ مَخْلُوقٍ نَاقِصٌ بِقِيَامِهِ بِغَيْرِهِ ، وَحَاجَتِهِ إِلَى غَيْرِهِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=15يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ) الْمُحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي كُلِّ نَفَسٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=15وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ ) عَنْكُمْ وَعَنْ تَوْحِيدِكُمْ وَأَفْعَالِكُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=15الْحَمِيدُ ) الَّذِي يَقْبَلُ مِنْكَ مَا لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَيُثِيبُ عَلَى مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ .
أَخْبَرَنِي
الحسن بن جعفر ، قَالَ : أَخْبَرَنِي
عبد الله بن إبراهيم الجريري ، قَالَ : قَالَ
أبو الخير الديلمي : كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=15850خَيْرٍ النَّسَّاجِ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ وَقَالَتْ : أَعْطِنِي الْمِنْدِيلَ الَّذِي دَفَعْتُهُ إِلَيْكَ ، قَالَ : نَعَمْ ، فَدَفَعَهُ إِلَيْهَا ، فَقَالَتْ : كَمِ الْأُجْرَةُ ؟ قَالَ : دِرْهَمَانِ ، قَالَتْ : مَا مَعِي السَّاعَةَ شَيْءٌ ، وَأَنَا قَدْ تَرَدَّدْتُ إِلَيْكَ مِرَارًا وَلَمْ أَرَكَ ، آتِيكَ بِهِ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَقَالَ لَهَا
خير : إِنْ أَتَيْتِنِي بِهِ وَلَمْ تَرَنِي فَارْمِ بِهِ فِي الدِّجْلَةِ فَإِنِّي إِذَا رَجَعْتُ أَخَذْتُهُ ، فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ : كَيْفَ تَأْخُذُ مِنَ الدِّجْلَةِ ؟ فَقَالَ
خير : التَّفْتِيشُ فُضُولٌ مِنْكِ ، افْعَلِي مَا أَمَرْتُكِ ، فَقَالَتْ : إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَمَرَّتِ الْمَرْأَةُ ، قَالَ
أبو الخير : فَجِئْتُ مِنَ الْغَدِ - وَكَانَ
خير غَائِبًا - فَإِذَا بِالْمَرْأَةِ جَاءَتْ وَمَعَهَا خِرْقَةٌ فِيهَا دِرْهَمَانِ ، فَلَمْ تَرَ
خيرا فَقَعَدَتْ سَاعَةً ، ثُمَّ قَامَتْ وَرَمَتْ بِالْخِرْقَةِ فِي الدِّجْلَةِ ، فَإِذَا بِسَرَطَانٍ قَدْ تَعَلَّقَتْ بِالْخِرْقَةِ وَغَاصَتْ ، فَبَعْدَ سَاعَةٍ جَاءَ
خير وَفَتَحَ بَابَ حَانُوتِهِ وَجَلَسَ عَلَى الشَّطِّ يَتَوَضَّأُ ، وَإِذَا بِسَرَطَانٍ خَرَجَتْ مِنَ الْمَاءِ تَمْشِي نَحْوَهُ وَالْخِرْقَةُ عَلَى ظَهْرِهَا ، فَلَمَّا قَرُبَتْ مِنَ الشَّيْخِ أَخَذَهَا ، فَقُلْتُ لَهُ : رَأَيْتُ كَذَا وَكَذَا ، فَقَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=28807_33964أُحِبُّ أَنْ لَا تَبُوحَ بِهِ فِي حَيَاتِي ، فَأَجَبْتُهُ إِلَى ذَلِكَ ، وَقُلْتُ : نَعَمْ .