أخبرنا
جعفر بن محمد - في كتابه - وحدثني عنه
عثمان بن محمد ، قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=14020الجنيد بن محمد ، يقول : سمعت
الحارث بن أسد ، يقول ،
nindex.php?page=treesubj&link=29404ونعت المختصين بالمعرفة والإيمان ، فقال : " هم الذين جعلهم الحق أهلا لتوحيده وإفراد تجريده
[ ص: 106 ] والذابين عن ادعاء إدراك تحديده ، مصطنعين لنفسه ، مصنوعين على عينه ، ألقى عليهم محبة منه له ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=41واصطنعتك لنفسي ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=39ولتصنع على عيني ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=39وألقيت عليك محبة مني ) فأخذ أوصاف من صنعه لنفسه والمصنوع على عينه والملقى عليه محبة منه له ، أن لا يستقر لهم قدم علم على مكان ، ولا موافقة كفاء على استقرارهم ، ولا مناظرة عزم على تنفيذهم ، هم الذين جرت بهم المعرفة حيث جرى بهم العلم إلى نهاية غاية ، خنست العقول وبادت الأذهان ، وانحسرت المعارف ، وانقرضت الدهور ، وتاهت الحيرة في الحيرة عند نعت أول قدم نقلت لمرافقة وصف محل لمحة مما جرى عليهم العلوم التي جعلها لهم به له ، هيهات ذلك له ما له به عنده له ، فأين تذهبون ؟ أما سمعت طبه لما أبداه ، وكشفه ما رواه ، واختصاصه لسر الوحي لمن اصطفاه ؟ (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=10nindex.php?page=treesubj&link=29024فأوحى إلى عبده ما أوحى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=11ما كذب الفؤاد ما رأى ) ، شهد له أنه عبده وحده ، لم يجر عليه استعبادا لغيره يخفي ميل همة ، ولا إلمام شهوة ، ولا محادثة نظرة ، ولا معارضة خطرة ، ولا سبق حق بلفظه ، لا يسبق أهل الحق الحق بنطق ولا رؤية حظ بلمحة ، أوحى إليه حينئذ ما أوحى ، هيأه لفهم ما أولاه بما به تولاه واجتباه ، فحمل حينئذ ما حمل ، أوحى إليه حينئذ ما أوحى بالأفق الأعلى ، ضاقت الأماكن ، وخنست المصنوعات عن أن تجري فيها أو عليها ، أوحى ما أوحى إلا بالأفق الأعلى (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=16nindex.php?page=treesubj&link=29024إذ يغشى السدرة ما يغشى ) انظر نظر من خلا في نظره من عين منظوره إلى السدرة حيث غشاها (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=16ما يغشى ) فثبتت لما غشاها ، وانظر إلى الجبل حيث تجلى له (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=143nindex.php?page=treesubj&link=28978جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك ) أن أعود لمسألتك الرؤيا بعد هذا المقام ، وإلى إكثاره ما فرط من سؤاله ، وإلى أن العلم لو صادف حقيقة الرسم لا يليق به الكتم ، وانظر إلى إخباره عن حبيبه (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=13nindex.php?page=treesubj&link=29024ولقد رآه نزلة أخرى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=14nindex.php?page=treesubj&link=29024عند سدرة المنتهى ) والعند هاهنا لا ينتهي مكانا ، إنما ينتهي وقت كشف علم لوقت ، وانظر إلى فضل الوقتين ومختلف المكانين ، وفرق ما بين المنزلتين في العلو والدنو ، وكذا فضلت عقول المؤمنين من العارفين ، فمنها من يطيق خطاب المناجاة مع علم قرب من ناجاه وأدناه ، فلا يستره في الدنو علم الدنو ، ولا في العلو علم
[ ص: 107 ] العلو ، ومنها من لا يطيق ذلك ، فيجعل الأسباب هي المؤدية إليهم الفهم ، وبها يستدرك فهم الخطاب ، فيكون منه الجواب أن لا يقف عند قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=51nindex.php?page=treesubj&link=29013_29411وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم ) ، وهذه أماكن يضيق بسط العلم فيها إلا عند المفاوضة لأهل المحاضرة ، وفي الاشتغال بعلم مسالك الطرقات المؤدية إلى علوم أهل الخاصة الذين خلوا من خلواتهم ، وبرئوا من إرادتهم ، وحيل بينهم وبين ما يشتهون ، عصفت بهم رياح الفطنة ، فأوردتهم على بحار الحكمة ، فاستنبطوا صفو ماء الحياة ، لا يحذرون غائلة ، ولا يتوقعون نازلة ، ولا يشرهون إلى طلب بلوغ غاية ، بل الغايات لهم بدايات ، هم الذين ظهروا في باطن الخلق ، وبطنوا في ظاهره ، أمناء على وحيه ، حافظون لسره ، نافذون لأمره ، قائلون بحقه ، عاملون بطاعته : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=61nindex.php?page=treesubj&link=28994يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون ) جرت معاملتهم في مبادئ أمورهم بحسن الأدب فيما ألزمهم القيام به من حقوقه ، فلم تبق عندهم نصيحة إلا بذلوها ، ولا قربة إلا وصلوها ، سمحت نفوسهم ببذل المهج عند أول حق من حقوقه في طلب الوسيلة إليه ، فبادرت غير مبقية ولا مستبقية ، بل نظرت إلى أن الذي عليها في حين بذلها أكثر بحالها مما بذلت ، لوائح الحق إليها مشيرة ، وعلوم الحق لديها غزيرة ، لا توقفهم لائمة عند نازلة ، ولا تثبطهم رهبة عند فادحة ، ولا تبعثهم رغبة عند أخذ أهبة بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء " .
أخبرنا
جعفر بن محمد بن نصر - في كتابه - وحدثني عنه
عثمان ، قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=14020الجنيد بن محمد ، يقول : سئل
الحارث بن أسد وقيل له : رحمك الله ، ما علامة
nindex.php?page=treesubj&link=29404_17406_27354_18300الأنس بالله ؟ قال : " التوحش من الخلق ، قيل له : فما علامة التوحش من الخلق ؟ قال : الفرار إلى مواطن الخلوات ، والتفرد بعذوبة الذكر ، فعلى قدر ما يدخل القلب من الأنس بذكر الله يخرج التوحش ، كما قال بعض الحكماء في مناجاته : يا من آنسني بذكره ، وأوحشني من خلقه ، وكان عند مسرتي ارحم عبرتي ، وفي قول الله تعالى
لداود - عليه السلام - : كن بي مستأنسا ، ومن
[ ص: 108 ] سواي مستوحشا " . وقيل لبعض المتعبدين : ما فعل فلان ؟ قال : أنس فتوحش ، وقيل
لرابعة : بم نلت هذه المنزلة ؟ قالت : بتركي ما لا يعنيني ، وأنسي بمن لم يزل يواليني ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذو النون في بعض كلامه : يا أنيس كل منفرد بذكرك ، وجليس كل متوحد بحبك ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16500عبد الواحد بن زيد لراهب : يا راهب لقد تعجلت الوحدة ! فقال الراهب : يا فتى ، لو ذقت حلاوة الوحدة لاستوحشت إليها من نفسك ، الوحدة رأس العبادة ما آنستها الفكرة ، قال : يا راهب ، ما أقل ما يجد العبد في الوحدة ؟ قال : الراحة من مداراة الناس ، والسلامة من شرهم ، قال : يا راهب ، متى يذوق العبد حلاوة الأنس بالله ؟ قال : إذا صفا الود وخلصت المعاملة ، قال : يا
عبد الله ، متى يصفو الود ؟ قال : إذا اجتمع الهم فصار في الطاعة ، قلت : متى تخلص المعاملة ؟ قال : إذا اجتمع الهم فصار هما واحدا ، وقال بعض الحكماء : عجبا للخلائق كيف أرادوا بك بدلا ؟ وعجبا للقلوب كيف استأنست بسواك عنك ؟ اللهم آنست الآنسين من أوليائك ، وخصصتهم بكفاية المتوكلين عليك ، تشاهدهم في ضمائرهم ، وتطلع عليهم في سرائرهم ، وستري عندك مكشوف ، وأنا إليك ملهوف ، فإذا أوحشتني العزلة آنسني ذكرك ، وإذا كثرت علي الهموم رجعت إلى الاستجارة بك ، يا رب العالمين ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12358إبراهيم بن أدهم : جئت من أنس الرحمن ، وكما قال بعض الحكماء : لو أن معي أنسا لتوحشت .
قيل : رحمك الله ، فما علامة صحة الأنس بالله ؟ قال : ضيق الصدر من معاشرة الخلق والتبرم بهم ، واختيار القلب عذوبة الذكر ، قيل : رحمك الله ، فما علامته في ظاهره ؟ قال : منفرد في جماعة ، ومستجمع في خلوة ، وغريب في حضر ، وحاضر في سفر ، وشاهد في غيبة ، وغائب في حضور ، قيل : اشرح عن وصف هذا ، ما معنى : منفرد في جماعة ، ومستجمع في خلوة ؟ قال : منفرد بالذكر مشغول بالفكر ، لما استولى على القلب والهم من الشغل ، وطيب عذوبة الذكر وحلاوته ، وهو منفرد فيما هو فيه عن الجماعة ، وهو شاهد معهم ببدنه ، كما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، في حديث
كميل بن زياد ، فقال : " هجم بهم العلم عن حقيقة الأمر ، فباشروا
[ ص: 109 ] روح اليقين فاستلانوا ما استوعده المترفون ، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون ، صحبوا الدنيا بأبدان قلوبها معلقة بالمحل الأعلى ، وبأعلى العلى عند الملك العالي ، " فهذه صفة المنفرد في جماعة ، قيل : فما المستجمع في خلوة ؟ قال : مستجمع له بهمة ، قد جمع الهموم فصيرها هما واحدا في قلبه ، فاستجمعت له الهموم في مشاهدة الاعتبار وحسن الفكر في نفاذ القدرة ، فهو مستجمع لله بعقله وقلبه وهمه ووهمه كله ، وكل جوارحه مستجمعة منتصبة لدوام الذكر إلى وجود لحوق البصيرة ، وعوض الفطنة ، وسعة المعونة ، وليس شيء منه متفرقا ولا وهم معطلا ، وهذه صفة المستجمع في انفراده ، قيل : فما معنى : غائب في حضور ؟ قال : غائب بوهمه ، حاضر بقلبه ، فمعنى غائب أي غائب عن أبصار الناظرين ، حاضر بقلبه في مراعاة العارفين " .
أخبرنا
جعفر بن محمد - في كتابه - وحدثني عنه
محمد بن إبراهيم ، قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=14020الجنيد بن محمد ، يقول : سمعت
الحارث بن أسد ، يقول : "
nindex.php?page=treesubj&link=19685_18300المحاسبة والموازنة في أربعة مواطن فيما بين الإيمان والكفر ، وفيما بين الصدق والكذب ، وبين التوحيد والشرك ، قال : وسمعت
الحارث ، يقول :
nindex.php?page=treesubj&link=29489_19988_19719الذي يبعث العبد على التوبة ترك الإصرار ، والذي يبعثه على ترك الإصرار ملازمة الخوف ، وقال
الحارث :
nindex.php?page=treesubj&link=29530العبودية أن لا ترى لنفسك ملكا ، وتعلم أنك لا تملك لنفسك ضرا ولا نفعا ، والتسليم هو الثبوت عند نزول البلاء من غير تغير منه ظاهرا وباطنا ،
nindex.php?page=treesubj&link=20000والرجاء هو الطمع في فضل الله ورحمته ، وأقهر الناس لنفسه من رضي بالمقدور ، وأكمل العاقلين من أقر بالعجز أنه لا يبلغ كنه معرفته ، والخلق كلهم معذورون في العقل مأخوذون في الحكم ، ولكل شيء جوهر ، وجوهر الإنسان العقل ، وجوهر العقل الصبر ، والعمل بحركات القلوب في مطالعات الغيوب أشرف من العمل بالجوارح " . قال الشيخ رحمه الله تعالى : قد أتينا على طرف من كلام
الحارث بن أسد مجتزيا من فنون تصانيفه وأنواع أقواله وأحواله بما ذكرنا ؛ إذ هو البحر العميق ، ورواياته عن المحدثين المشهورين في تصانيفه مدونة اقتصرنا من رواياته على ما :
[ ص: 110 ] .
حدثناه
محمد بن عبد الله بن سعيد ، ثنا
أحمد بن القاسم الفرائضي ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15166الحارث بن أسد المحاسبي ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون ، أنبأنا
شعبة ، عن
القاسم ، عن
عطاء ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12328أم الدرداء ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16010952nindex.php?page=treesubj&link=19509_19516_30495ما يوضع في الميزان أثقل من خلق حسن "
القاسم هو محمد بن أبي بزة .
حدثناه
nindex.php?page=showalam&ids=13122أبو بكر بن خلاد ، ثنا
محمد بن غالب تمتام ، ثنا
عفان ، ثنا
شعبة ، عن
القاسم بن أبي بزة به ، وحدثنا
سليمان بن أحمد ، ثنا
أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي ، ثنا
الحارث بن أسد ، ثنا
محمد بن كثير الكوفي ، عن
ليث بن أبي سليم ، عن
عبد الرحمن بن أسود ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ، قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16010953nindex.php?page=treesubj&link=1420شغل النبي - صلى الله عليه وسلم - في شيء من أمر المشركين ، فلم يصل الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، فلما فرغ صلاهن الأول فالأول ، وذلك قبل أن تنزل صلاة الخوف " .
أَخْبَرَنَا
جعفر بن محمد - فِي كِتَابِهِ - وَحَدَّثَنِي عَنْهُ
عثمان بن محمد ، قَالَ : سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=14020الْجُنَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ
الحارث بن أسد ، يَقُولُ ،
nindex.php?page=treesubj&link=29404وَنَعَتَ الْمُخْتَصِّينَ بِالْمَعْرِفَةِ وَالْإِيمَانِ ، فَقَالَ : " هُمُ الَّذِينَ جَعَلَهُمُ الْحَقُّ أَهْلًا لِتَوْحِيدِهِ وَإِفْرَادِ تَجْرِيدِهِ
[ ص: 106 ] وَالذَّابِّينَ عَنِ ادِّعَاءِ إِدْرَاكِ تَحْدِيدِهِ ، مُصْطَنِعِينَ لِنَفْسِهِ ، مَصْنُوعِينَ عَلَى عَيْنِهِ ، أَلْقَى عَلَيْهِمْ مَحَبَّةً مِنْهُ لَهُ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=41وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=39وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=39وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي ) فَأَخَذَ أَوْصَافَ مَنْ صَنَعَهُ لِنَفْسِهِ وَالْمَصْنُوعِ عَلَى عَيْنِهِ وَالْمُلْقَى عَلَيْهِ مَحَبَّةً مِنْهُ لَهُ ، أَنْ لَا يَسْتَقِرَّ لَهُمْ قَدَمُ عِلْمٍ عَلَى مَكَانٍ ، وَلَا مُوَافَقَةُ كَفَاءٍ عَلَى اسْتِقْرَارِهِمْ ، وَلَا مُنَاظَرَةُ عَزْمٍ عَلَى تَنْفِيذِهِمْ ، هُمُ الَّذِينَ جَرَتْ بِهِمُ الْمَعْرِفَةُ حَيْثُ جَرَى بِهِمِ الْعِلْمُ إِلَى نِهَايَةِ غَايَةٍ ، خَنِسَتِ الْعُقُولُ وَبَادَتِ الْأَذْهَانُ ، وَانْحَسَرَتِ الْمَعَارِفُ ، وَانْقَرَضَتِ الدُّهُورُ ، وَتَاهَتِ الْحَيْرَةُ فِي الْحَيْرَةِ عِنْدَ نَعْتِ أَوَّلِ قَدَمٍ نُقِلَتْ لِمُرَافَقَةِ وَصْفِ مَحَلِّ لَمْحَةٍ مِمَّا جَرَى عَلَيْهِمُ الْعُلُومُ الَّتِي جَعَلَهَا لَهُمْ بِهِ لَهُ ، هَيْهَاتَ ذَلِكَ لَهُ مَا لَهُ بِهِ عِنْدَهُ لَهُ ، فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ؟ أَمَّا سَمِعْتَ طِبَّهُ لِمَا أَبْدَاهُ ، وَكَشْفَهُ مَا رَوَاهُ ، وَاخْتِصَاصَهُ لِسِرِّ الْوَحْيِ لِمَنِ اصْطَفَاهُ ؟ (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=10nindex.php?page=treesubj&link=29024فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=11مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ) ، شَهِدَ لَهُ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَحْدَهُ ، لَمْ يُجْرِ عَلَيْهِ اسْتِعْبَادًا لِغَيْرِهِ يُخْفِي مَيْلَ هِمَّةٍ ، وَلَا إِلْمَامَ شَهْوَةٍ ، وَلَا مُحَادَثَةَ نَظْرَةٍ ، وَلَا مُعَارَضَةَ خَطْرَةٍ ، وَلَا سَبْقَ حَقٍّ بِلَفْظِهِ ، لَا يَسْبِقُ أَهْلُ الْحَقِّ الْحَقَّ بِنُطْقٍ وَلَا رُؤْيَةِ حَظٍّ بِلَمْحَةٍ ، أَوْحَى إِلَيْهِ حِينَئِذٍ مَا أَوْحَى ، هَيَّأَهُ لِفَهْمِ مَا أَوْلَاهُ بِمَا بِهِ تَوَلَّاهُ وَاجْتَبَاهُ ، فَحَمَلَ حِينَئِذٍ مَا حَمَلَ ، أَوْحَى إِلَيْهِ حِينَئِذٍ مَا أَوْحَى بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ، ضَاقَتِ الْأَمَاكِنُ ، وَخَنَسَتِ الْمَصْنُوعَاتُ عَنْ أَنْ تَجْرِيَ فِيهَا أَوْ عَلَيْهَا ، أَوْحَى مَا أَوْحَى إِلَّا بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=16nindex.php?page=treesubj&link=29024إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ) انْظُرْ نَظَرَ مَنْ خَلَا فِي نَظَرِهِ مِنْ عَيْنِ مَنْظُورِهِ إِلَى السِّدْرَةِ حَيْثُ غَشَّاهَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=16مَا يَغْشَى ) فَثَبَتَتْ لِمَا غَشَّاهَا ، وَانْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ حَيْثُ تَجَلَّى لَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=143nindex.php?page=treesubj&link=28978جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ ) أَنْ أَعُودَ لِمَسْأَلَتِكَ الرُّؤْيَا بَعْدَ هَذَا الْمَقَامِ ، وَإِلَى إِكْثَارِهِ مَا فَرَّطَ مِنْ سُؤَالِهِ ، وَإِلَى أَنَّ الْعِلْمَ لَوْ صَادَفَ حَقِيقَةَ الرَّسْمِ لَا يَلِيقُ بِهِ الْكَتْمُ ، وَانْظُرْ إِلَى إِخْبَارِهِ عَنْ حَبِيبِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=13nindex.php?page=treesubj&link=29024وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=14nindex.php?page=treesubj&link=29024عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ) وَالْعِنْدُ هَاهُنَا لَا يَنْتَهِي مَكَانًا ، إِنَّمَا يَنْتَهِي وَقْتَ كَشْفِ عِلْمٍ لِوَقْتٍ ، وَانْظُرْ إِلَى فَضْلِ الْوَقْتَيْنِ وَمُخْتَلِفِ الْمَكَانَيْنِ ، وَفَرْقِ مَا بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ فِي الْعُلُوِّ وَالدُّنُوِّ ، وَكَذَا فُضِّلَتْ عُقُولُ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْعَارِفِينَ ، فَمِنْهَا مَنْ يُطِيقُ خِطَابَ الْمُنَاجَاةِ مَعَ عِلْمِ قُرْبِ مَنْ نَاجَاهُ وَأَدْنَاهُ ، فَلَا يَسْتُرُهُ فِي الدُّنُوِّ عِلْمُ الدُّنُوِّ ، وَلَا فِي الْعُلُوِّ عِلْمُ
[ ص: 107 ] الْعُلُوِّ ، وَمِنْهَا مَنْ لَا يُطِيقُ ذَلِكَ ، فَيَجْعَلُ الْأَسْبَابَ هِيَ الْمُؤَدِّيَةَ إِلَيْهِمُ الْفَهْمَ ، وَبِهَا يَسْتَدْرِكُ فَهْمَ الْخِطَابِ ، فَيَكُونُ مِنْهُ الْجَوَابُ أَنْ لَا يَقِفَ عِنْدَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=51nindex.php?page=treesubj&link=29013_29411وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ) ، وَهَذِهِ أَمَاكِنُ يَضِيقُ بَسْطُ الْعِلْمِ فِيهَا إِلَّا عِنْدَ الْمُفَاوَضَةِ لِأَهْلِ الْمُحَاضَرَةِ ، وَفِي الِاشْتِغَالِ بِعِلْمِ مَسَالِكِ الطُّرُقَاتِ الْمُؤَدِّيَةِ إِلَى عُلُومِ أَهْلِ الْخَاصَّةِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ خَلَوَاتِهِمْ ، وَبَرِئُوا مِنْ إِرَادَتِهِمْ ، وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ ، عَصَفَتْ بِهِمْ رِيَاحُ الْفِطْنَةِ ، فَأَوْرَدَتْهُمْ عَلَى بِحَارِ الْحِكْمَةِ ، فَاسْتَنْبَطُوا صَفْوَ مَاءِ الْحَيَاةِ ، لَا يَحْذَرُونَ غَائِلَةً ، وَلَا يَتَوَقَّعُونَ نَازِلَةً ، وَلَا يَشْرَهُونَ إِلَى طَلَبِ بُلُوغِ غَايَةٍ ، بَلِ الْغَايَاتُ لَهُمْ بِدَايَاتٌ ، هُمُ الَّذِينَ ظَهَرُوا فِي بَاطِنِ الْخَلْقِ ، وَبَطَّنُوا فِي ظَاهِرِهِ ، أُمَنَاءُ عَلَى وَحْيِهِ ، حَافِظُونَ لِسِرِّهِ ، نَافِذُونَ لِأَمْرِهِ ، قَائِلُونَ بِحَقِّهِ ، عَامِلُونَ بِطَاعَتِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=61nindex.php?page=treesubj&link=28994يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ) جَرَتْ مُعَامَلَتُهُمْ فِي مَبَادِئِ أُمُورِهِمْ بِحُسْنِ الْأَدَبِ فِيمَا أَلْزَمَهُمُ الْقِيَامَ بِهِ مِنْ حُقُوقِهِ ، فَلَمْ تَبْقَ عِنْدَهُمْ نَصِيحَةٌ إِلَّا بَذَلُوهَا ، وَلَا قُرْبَةٌ إِلَّا وَصَلُوهَا ، سَمَحَتْ نُفُوسُهُمْ بِبَذْلِ الْمُهَجِ عِنْدَ أَوَّلِ حَقٍّ مِنْ حُقُوقِهِ فِي طَلَبِ الْوَسِيلَةِ إِلَيْهِ ، فَبَادَرَتْ غَيْرَ مُبْقِيَةٍ وَلَا مُسْتَبْقِيَةٍ ، بَلْ نَظَرَتْ إِلَى أَنَّ الَّذِي عَلَيْهَا فِي حِينِ بَذْلِهَا أَكْثَرُ بِحَالِهَا مِمَّا بَذَلَتْ ، لَوَائِحُ الْحَقِّ إِلَيْهَا مُشِيرَةٌ ، وَعُلُومُ الْحَقِّ لَدَيْهَا غَزِيرَةٌ ، لَا تُوقِفُهُمْ لَائِمَةٌ عِنْدَ نَازِلَةٍ ، وَلَا تُثَبِّطُهُمْ رَهْبَةٌ عِنْدَ فَادِحَةٍ ، وَلَا تَبْعَثُهُمْ رَغْبَةٌ عِنْدَ أَخْذِ أُهْبَةٍ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ " .
أَخْبَرَنَا
جعفر بن محمد بن نصر - فِي كِتَابِهِ - وَحَدَّثَنِي عَنْهُ
عثمان ، قَالَ : سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=14020الْجُنَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، يَقُولُ : سُئِلَ
الحارث بن أسد وَقِيلَ لَهُ : رَحِمَكَ اللَّهُ ، مَا عَلَامَةُ
nindex.php?page=treesubj&link=29404_17406_27354_18300الْأُنْسِ بِاللَّهِ ؟ قَالَ : " التَّوَحُّشُ مِنَ الْخَلْقِ ، قِيلَ لَهُ : فَمَا عَلَامَةُ التَّوَحُّشِ مِنَ الْخَلْقِ ؟ قَالَ : الْفِرَارُ إِلَى مَوَاطِنِ الْخَلَوَاتِ ، وَالتَّفَرُّدُ بِعُذُوبَةِ الذِّكْرِ ، فَعَلَى قَدْرِ مَا يَدْخُلُ الْقَلْبَ مِنَ الْأُنْسِ بِذِكْرِ اللَّهِ يَخْرُجُ التَّوَحُّشَ ، كَمَا قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ فِي مُنَاجَاتِهِ : يَا مَنْ آنَسَنِي بِذِكْرِهِ ، وَأَوْحَشَنِي مِنْ خَلْقِهِ ، وَكَانَ عِنْدَ مَسَرَّتِي ارْحَمْ عَبْرَتِي ، وَفِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى
لِدَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : كُنْ بِي مُسْتَأْنِسًا ، وَمِنْ
[ ص: 108 ] سِوَايَ مُسْتَوْحِشًا " . وَقِيلَ لِبَعْضِ الْمُتَعَبِّدِينَ : مَا فَعَلَ فُلَانٌ ؟ قَالَ : أَنِسَ فَتَوَحَّشَ ، وَقِيلَ
لرابعة : بِمَ نِلْتِ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ ؟ قَالَتْ : بِتَرْكِي مَا لَا يَعْنِينِي ، وَأُنْسِي بِمَنْ لَمْ يَزَلْ يُوَالِينِي ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15874ذُو النُّونِ فِي بَعْضِ كَلَامِهِ : يَا أَنِيسَ كُلِّ مُنْفَرِدٍ بِذِكْرِكَ ، وَجَلِيسَ كُلِّ مُتَوَحِّدٍ بِحُبِّكَ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16500عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيْدٍ لِرَاهِبٍ : يَا رَاهِبُ لَقَدْ تَعَجَّلْتَ الْوَحْدَةَ ! فَقَالَ الرَّاهِبُ : يَا فَتًى ، لَوْ ذُقْتَ حَلَاوَةَ الْوَحْدَةِ لَاسْتَوْحَشْتَ إِلَيْهَا مِنْ نَفْسِكَ ، الْوَحْدَةُ رَأْسُ الْعِبَادَةِ مَا آنَسَتْهَا الْفِكْرَةُ ، قَالَ : يَا رَاهِبُ ، مَا أَقَلَّ مَا يَجِدُ الْعَبْدُ فِي الْوَحْدَةِ ؟ قَالَ : الرَّاحَةُ مِنْ مُدَارَاةِ النَّاسِ ، وَالسَّلَامَةُ مِنْ شَرِّهِمْ ، قَالَ : يَا رَاهِبُ ، مَتَى يَذُوقُ الْعَبْدُ حَلَاوَةَ الْأُنْسِ بِاللَّهِ ؟ قَالَ : إِذَا صَفَا الْوُدُّ وَخَلُصَتِ الْمُعَامَلَةُ ، قَالَ : يَا
عبد الله ، مَتَى يَصْفُو الْوُدُّ ؟ قَالَ : إِذَا اجْتَمَعَ الْهَمُّ فَصَارَ فِي الطَّاعَةِ ، قُلْتُ : مَتَى تَخْلُصُ الْمُعَامَلَةُ ؟ قَالَ : إِذَا اجْتَمَعَ الْهَمُّ فَصَارَ هَمًّا وَاحِدًا ، وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : عَجَبًا لِلْخَلَائِقِ كَيْفَ أَرَادُوا بِكَ بَدَلًا ؟ وَعَجَبًا لِلْقُلُوبِ كَيْفَ اسْتَأْنَسَتْ بِسِوَاكَ عَنْكَ ؟ اللَّهُمَّ آنَسْتَ الْآنِسِينَ مِنْ أَوْلِيَائِكَ ، وَخَصَصْتَهُمْ بِكِفَايَةِ الْمُتَوَكِّلِينَ عَلَيْكَ ، تُشَاهِدُهُمْ فِي ضَمَائِرِهِمْ ، وَتَطَّلِعُ عَلَيْهِمْ فِي سَرَائِرِهِمْ ، وَسِتْرِي عِنْدَكَ مَكْشُوفٌ ، وَأَنَا إِلَيْكَ مَلْهُوفٌ ، فَإِذَا أَوْحَشَتْنِي الْعُزْلَةُ آنَسَنِي ذِكْرُكَ ، وَإِذَا كَثُرَتْ عَلَيَّ الْهُمُومُ رَجَعْتُ إِلَى الِاسْتِجَارَةِ بِكَ ، يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12358إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ : جِئْتُ مِنْ أُنْسِ الرَّحْمَنِ ، وَكَمَا قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : لَوْ أَنَّ مَعِي أُنْسًا لَتَوَحَّشْتُ .
قِيلَ : رَحِمَكَ اللَّهُ ، فَمَا عَلَامَةُ صِحَّةِ الْأُنْسِ بِاللَّهِ ؟ قَالَ : ضِيقُ الصَّدْرِ مِنْ مُعَاشَرَةِ الْخَلْقِ وَالتَّبَرُّمُ بِهِمْ ، وَاخْتِيَارُ الْقَلْبِ عُذُوبَةَ الذِّكْرِ ، قِيلَ : رَحِمَكَ اللَّهُ ، فَمَا عَلَامَتُهُ فِي ظَاهِرِهِ ؟ قَالَ : مُنْفَرِدٌ فِي جَمَاعَةٍ ، وَمُسْتَجْمِعٌ فِي خَلْوَةٍ ، وَغَرِيبٌ فِي حَضَرٍ ، وَحَاضِرٌ فِي سَفَرٍ ، وَشَاهِدٌ فِي غَيْبَةٍ ، وَغَائِبٌ فِي حُضُورٍ ، قِيلَ : اشْرَحْ عَنْ وَصْفِ هَذَا ، مَا مَعْنَى : مُنْفَرِدٌ فِي جَمَاعَةٍ ، وَمُسْتَجْمِعٌ فِي خَلْوَةٍ ؟ قَالَ : مُنْفَرِدٌ بِالذِّكْرِ مَشْغُولٌ بِالْفِكْرِ ، لِمَا اسْتَوْلَى عَلَى الْقَلْبِ وَالْهَمِّ مِنَ الشُّغْلِ ، وَطِيبِ عُذُوبَةِ الذِّكْرِ وَحَلَاوَتِهِ ، وَهُوَ مُنْفَرِدٌ فِيمَا هُوَ فِيهِ عَنِ الْجَمَاعَةِ ، وَهُوَ شَاهِدٌ مَعَهُمْ بِبَدَنِهِ ، كَمَا رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، فِي حَدِيثِ
كميل بن زياد ، فَقَالَ : " هَجَمَ بِهِمُ الْعِلْمُ عَنْ حَقِيقَةِ الْأَمْرِ ، فَبَاشَرُوا
[ ص: 109 ] رُوحَ الْيَقِينِ فَاسْتَلَانُوا مَا اسْتَوْعَدَهُ الْمُتْرَفُونَ ، وَأَنِسُوا بِمَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ الْجَاهِلُونَ ، صَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَانٍ قُلُوبُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالْمَحَلِّ الْأَعْلَى ، وَبِأَعْلَى الْعُلَى عِنْدَ الْمَلِكِ الْعَالِي ، " فَهَذِهِ صِفَةُ الْمُنْفَرِدِ فِي جَمَاعَةٍ ، قِيلَ : فَمَا الْمُسْتَجْمِعُ فِي خَلْوَةٍ ؟ قَالَ : مُسْتَجْمِعٌ لَهُ بِهِمَّةٍ ، قَدْ جَمَعَ الْهُمُومَ فَصَيَّرَهَا هَمًّا وَاحِدًا فِي قَلْبِهِ ، فَاسْتَجْمَعَتْ لَهُ الْهُمُومُ فِي مُشَاهَدَةِ الِاعْتِبَارِ وَحُسْنِ الْفِكْرِ فِي نَفَاذِ الْقُدْرَةِ ، فَهُوَ مُسْتَجْمِعٌ لِلَّهِ بِعَقْلِهِ وَقَلْبِهِ وَهَمِّهِ وَوَهْمِهِ كُلِّهِ ، وَكُلُّ جَوَارِحِهِ مُسْتَجْمِعَةٌ مُنْتَصِبَةٌ لِدَوَامِ الذِّكْرِ إِلَى وُجُودِ لُحُوقِ الْبَصِيرَةِ ، وَعِوَضِ الْفِطْنَةِ ، وَسَعَةِ الْمَعُونَةِ ، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْهُ مُتَفَرِّقًا وَلَا وَهْمٌ مُعَطَّلًا ، وَهَذِهِ صِفَةُ الْمُسْتَجْمِعِ فِي انْفِرَادِهِ ، قِيلَ : فَمَا مَعْنَى : غَائِبٌ فِي حُضُورٍ ؟ قَالَ : غَائِبٌ بِوَهْمِهِ ، حَاضِرٌ بِقَلْبِهِ ، فَمَعْنَى غَائِبٍ أَيْ غَائِبٌ عَنْ أَبْصَارِ النَّاظِرِينَ ، حَاضِرٌ بِقَلْبِهِ فِي مُرَاعَاةِ الْعَارِفِينَ " .
أَخْبَرَنَا
جعفر بن محمد - فِي كِتَابِهِ - وَحَدَّثَنِي عَنْهُ
محمد بن إبراهيم ، قَالَ : سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=14020الْجُنَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ
الحارث بن أسد ، يَقُولُ : "
nindex.php?page=treesubj&link=19685_18300الْمُحَاسَبَةُ وَالْمُوَازَنَةُ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاطِنَ فِيمَا بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ ، وَفِيمَا بَيْنَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ ، وَبَيْنَ التَّوْحِيدِ وَالشِّرْكِ ، قَالَ : وَسَمِعْتُ
الحارث ، يَقُولُ :
nindex.php?page=treesubj&link=29489_19988_19719الَّذِي يَبْعَثُ الْعَبْدَ عَلَى التَّوْبَةِ تَرْكُ الْإِصْرَارِ ، وَالَّذِي يَبْعَثُهُ عَلَى تَرْكِ الْإِصْرَارِ مُلَازَمَةُ الْخَوْفِ ، وَقَالَ
الحارث :
nindex.php?page=treesubj&link=29530الْعُبُودِيَّةُ أَنْ لَا تَرَى لِنَفْسِكَ مِلْكًا ، وَتَعْلَمُ أَنَّكَ لَا تَمْلِكُ لِنَفْسِكَ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا ، وَالتَّسْلِيمُ هُوَ الثُّبُوتُ عِنْدَ نُزُولِ الْبَلَاءِ مِنْ غَيْرِ تَغَيُّرٍ مِنْهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا ،
nindex.php?page=treesubj&link=20000وَالرَّجَاءُ هُوَ الطَّمَعُ فِي فَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ ، وَأَقْهَرُ النَّاسِ لِنَفْسِهِ مَنْ رَضِيَ بِالْمَقْدُورِ ، وَأَكْمَلُ الْعَاقِلِينَ مَنْ أَقَرَّ بِالْعَجْزِ أَنَّهُ لَا يَبْلُغُ كُنْهَ مَعْرِفَتِهِ ، وَالْخَلْقُ كُلُّهُمْ مَعْذُورُونَ فِي الْعَقْلِ مَأْخُوذُونَ فِي الْحُكْمِ ، وَلِكُلِّ شَيْءٍ جَوْهَرٌ ، وَجَوْهَرُ الْإِنْسَانِ الْعَقْلُ ، وَجَوْهَرُ الْعَقْلِ الصَّبْرُ ، وَالْعَمَلُ بِحَرَكَاتِ الْقُلُوبِ فِي مُطَالَعَاتِ الْغُيُوبِ أَشْرَفُ مِنَ الْعَمَلِ بِالْجَوَارِحِ " . قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : قَدْ أَتَيْنَا عَلَى طَرَفٍ مِنْ كَلَامِ
الحارث بن أسد مُجْتَزِيًا مِنْ فُنُونِ تَصَانِيفِهِ وَأَنْوَاعِ أَقْوَالِهِ وَأَحْوَالِهِ بِمَا ذَكَرْنَا ؛ إِذْ هُوَ الْبَحْرُ الْعَمِيقُ ، وَرِوَايَاتُهُ عَنِ الْمُحَدِّثِينَ الْمَشْهُورِينَ فِي تَصَانِيفِهِ مُدَوَّنَةٌ اقْتَصَرْنَا مِنْ رِوَايَاتِهِ عَلَى مَا :
[ ص: 110 ] .
حَدَّثَنَاهُ
محمد بن عبد الله بن سعيد ، ثَنَا
أحمد بن القاسم الفرائضي ، ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15166الْحَارِثُ بْنُ أَسَدٍ الْمُحَاسَبِيُّ ، ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17376يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَنْبَأَنَا
شعبة ، عَنِ
القاسم ، عَنْ
عطاء ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12328أم الدرداء ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=4أَبِي الدَّرْدَاءِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16010952nindex.php?page=treesubj&link=19509_19516_30495مَا يُوضَعُ فِي الْمِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ "
القاسم هو محمد بن أبي بزة .
حَدَّثَنَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13122أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ ، ثَنَا
محمد بن غالب تمتام ، ثَنَا
عفان ، ثَنَا
شعبة ، عَنِ
القاسم بن أبي بزة بِهِ ، وَحَدَّثَنَا
سليمان بن أحمد ، ثَنَا
أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي ، ثَنَا
الحارث بن أسد ، ثَنَا
محمد بن كثير الكوفي ، عَنْ
ليث بن أبي سليم ، عَنْ
عبد الرحمن بن أسود ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16010953nindex.php?page=treesubj&link=1420شُغِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْمُشْرِكِينَ ، فَلَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ ، فَلَمَّا فَرَغَ صَلَّاهُنَّ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ صَلَاةُ الْخَوْفِ " .