قال : وهو على ثلاث درجات . الدرجة الأولى :
nindex.php?page=treesubj&link=19891غنى القلب . وهو سلامته من السبب . ومسالمته للحكم . وخلاصه من الخصومة .
nindex.php?page=treesubj&link=29430_19891حقيقة غنى القلب : تعلقه بالله وحده . وحقيقة فقره المذموم : تعلقه بغيره . فإذا تعلق بالله حصلت له هذه الثلاثة التي ذكرها .
سلامته من السبب أي من التعلق به . لا من القيام به . والغنى عند أهل الغفلة بالسبب . ولذلك قلوبهم معلقة به . وعند العارفين بالمسبب . وكذلك الصناعة والقوة . فهذه الثلاثة : هي جهات الغنى عند الناس . وهي التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=980551إن الصدقة لا تحل لغني . ولا لذي مرة سوي وفي رواية : ولا لقوي مكتسب وهو غنى بالشيء . فصاحبها غني بها إذا سكنت نفسه إليها . وإن كان سكونه إلى ربه : فهو غني به . وكل ما سكنت النفس إليه فهي فقيرة إليه .
وأما مسالمة الحكم فعلى نوعين .
أحدهما : مسالمة الحكم الديني الأمري . وهي معانقته وموافقته . ضد محاربته .
[ ص: 421 ] والثاني : مسالمة الحكم الكوني القدري . الذي يجري عليه بغير اختياره ، ولا قدرة له على دفعه ، وهو غير مأمور بدفعه .
وفي مسالمة الحكم نكتة لا بد منها . وهي تجريد إضافته ونسبته إلى من صدر عنه ، بحيث لا ينسبه إلى غيره .
وهذا يتضمن توحيد الربوبية في مسالمة الحكم الكوني . وتوحيد الإلهية في مسالمة الحكم الديني . وهما حقيقة
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5إياك نعبد وإياك نستعين .
وأما الخلاص من الخصومة
فإنما يحمد منه : الخلاص من الخصومة بنفسه لنفسه . وأما إذا خاصم بالله ولله : فهذا من كمال العبودية . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في استفتاحه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=980552اللهم لك أسلمت . وبك آمنت . وعليك توكلت . وإليك أنبت . وبك خاصمت . وإليك حاكمت .
قَالَ : وَهُوَ عَلَى ثَلَاثِ دَرَجَاتٍ . الدَّرَجَةُ الْأُولَى :
nindex.php?page=treesubj&link=19891غِنَى الْقَلْبِ . وَهُوَ سَلَامَتُهُ مِنَ السَّبَبِ . وَمُسَالَمَتُهُ لِلْحُكْمِ . وَخَلَاصُهُ مِنَ الْخُصُومَةِ .
nindex.php?page=treesubj&link=29430_19891حَقِيقَةُ غِنَى الْقَلْبِ : تُعَلُّقَهُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ . وَحَقِيقَةُ فَقْرِهِ الْمَذْمُومِ : تُعَلُّقُهُ بِغَيْرِهِ . فَإِذَا تَعَلَّقَ بِاللَّهِ حَصَلَتْ لَهُ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا .
سَلَامَتُهُ مِنَ السَّبَبِ أَيْ مِنَ التَّعَلُّقِ بِهِ . لَا مِنَ الْقِيَامِ بِهِ . وَالْغِنَى عِنْدَ أَهْلِ الْغَفْلَةِ بِالسَّبَبِ . وَلِذَلِكَ قُلُوبُهُمْ مُعَلَّقَةٌ بِهِ . وَعِنْدَ الْعَارِفِينَ بِالْمُسَبِّبِ . وَكَذَلِكَ الصِّنَاعَةُ وَالْقُوَّةُ . فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ : هِيَ جِهَاتُ الْغِنَى عِنْدَ النَّاسِ . وَهِيَ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=980551إِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لِغَنِيٍّ . وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ وَفِي رِوَايَةٍ : وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ وَهُوَ غِنًى بِالشَّيْءِ . فَصَاحِبُهَا غَنِيٌّ بِهَا إِذَا سَكَنَتْ نَفْسُهُ إِلَيْهَا . وَإِنْ كَانَ سُكُونُهُ إِلَى رَبِّهِ : فَهُوَ غَنِيٌّ بِهِ . وَكُلُّ مَا سَكَنَتِ النَّفْسُ إِلَيْهِ فَهِيَ فَقِيرَةٌ إِلَيْهِ .
وَأَمَّا مُسَالَمَةُ الْحُكْمِ فَعَلَى نَوْعَيْنِ .
أَحَدُهُمَا : مُسَالَمَةُ الْحُكْمِ الدِّينِيِّ الْأَمْرِيِّ . وَهِيَ مُعَانَقَتُهُ وَمُوَافَقَتُهُ . ضِدَّ مُحَارَبَتِهِ .
[ ص: 421 ] وَالثَّانِي : مُسَالَمَةُ الْحُكْمِ الْكَوْنِيِّ الْقَدَرِيِّ . الَّذِي يَجْرِي عَلَيْهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ ، وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى دَفْعِهِ ، وَهُوَ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِدَفْعِهِ .
وَفِي مُسَالَمَةِ الْحُكْمِ نُكْتَةٌ لَا بُدَّ مِنْهَا . وَهِيَ تَجْرِيدُ إِضَافَتِهِ وَنِسْبَتِهِ إِلَى مَنْ صَدَرَ عَنْهُ ، بِحَيْثُ لَا يَنْسُبُهُ إِلَى غَيْرِهِ .
وَهَذَا يَتَضَمَّنُ تَوْحِيدَ الرُّبُوبِيَّةِ فِي مُسَالَمَةِ الْحُكْمِ الْكَوْنِيِّ . وَتَوْحِيدَ الْإِلَهِيَّةِ فِي مُسَالَمَةِ الْحُكْمِ الدِّينِيِّ . وَهُمَا حَقِيقَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ .
وَأَمَّا الْخَلَاصُ مِنَ الْخُصُومَةِ
فَإِنَّمَا يُحْمَدُ مِنْهُ : الْخَلَاصُ مِنَ الْخُصُومَةِ بِنَفْسِهِ لِنَفْسِهِ . وَأَمَّا إِذَا خَاصَمَ بِاللَّهِ وَلِلَّهِ : فَهَذَا مِنْ كَمَالِ الْعُبُودِيَّةِ . وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي اسْتِفْتَاحِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=980552اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ . وَبِكَ آمَنْتُ . وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ . وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ . وَبِكَ خَاصَمْتُ . وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ .