والمقصود هنا أن
nindex.php?page=treesubj&link=31774آيات الأنبياء ، ودلائل صدقهم متنوعة قبل المبعث وحين المبعث ، في حياتهم ، وبعد موتهم ، فقبل المبعث مثل إخبار من تقدم من الأنبياء به ، ومثل الإرهاصات الدالة عليه ، وأما حين المبعث فظاهر ، وأما في حياته فمثل نصره ، وإنجائه ، وإهلاك أعدائه ، وأما بعد موته فمثل نصر أتباعه ، وإهلاك أعدائه كما قال تعالى :
[ ص: 409 ] nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=51إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=171ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين ( 171 )
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=172إنهم لهم المنصورون ( 172 )
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=173وإن جندنا لهم الغالبون
وقال
للمسيح :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=55إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة . . .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=14ياأيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين nindex.php?page=treesubj&link=29629ومحمد صلى الله عليه وسلم جعلت له الآيات البينات قبل مبعثه ، وحين مبعثه ، وفي حياته ، وبعد موته إلى الساعة ، وإلى قيام
[ ص: 410 ] الساعة ، فإن ذكره ، وذكر كتابه ، والبشارة بذلك موجود في الكتب المتقدمة كما قد بسط في موضعه .
والخليل دعا به فقال في دعائه لذريته :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=129ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم
ولما ولد اقترن بمولده من الآيات ما هو معروف ، وجرى ذلك
[ ص: 411 ] العام قصة أصحاب الفيل المشهورة ، وكان يحصل له في مدة نشأته من الآيات والدلائل أمور كثيرة قد ذكر طرف منها في كتب دلائل النبوة والسيرة وغيرها ، مثل الآيات التي حصلت لمرضعته لما صار عندها ، ومثل ما شوهد من أحواله في صغره ، وأما انتصار الله له ولأتباعه ، وإعلاء ذكره ، ونشر لسان الصدق له ، وإهلاك أعدائه ، وإذلال من يحاده ، ويشاقه ، وإظهار دينه على كل دين باليد واللسان والدليل والبرهان ، فهذا مما يطول وصف تفصيله . قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=13قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا ياأولي الأبصار [ ص: 412 ] nindex.php?page=treesubj&link=31780والأنبياء صلوات الله عليهم ، وأتباعهم المؤمنون ، وإن كانوا يبتلون في أول الأمر فالعاقبة لهم كما قال تعالى لما قص قصة
نوح nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=49تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين .
وفي الحديث المتفق على صحته لما
nindex.php?page=hadith&LINKID=650006أرسل النبي صلى الله عليه وسلم رسولا إلى ملك الروم فطلب من يخبره بسيرته ، وكان المسئولون حينئذ أعداءه لم يكونوا آمنوا به فقال : كيف الحرب بينكم وبينه ؟ قالوا : الحرب بيننا وبينه سجال يدال علينا المرة ، وندال عليه الأخرى .
فقال : كذلك الرسل تبتلى ، وتكون لها العاقبة .
فإنه كان يوم بدر نصر الله المؤمنين ، ثم يوم أحد ابتلى المؤمنين ثم لم ينصر الكفار بعدها حتى أظهر الله الإسلام [ ص: 413 ] فإن قيل : ففي الأنبياء من قد قتل كما أخبر الله أن بني إسرائيل يقتلون النبيين بغير حق ، وفي أهل الفجور من يؤتيه الله ملكا وسلطانا ، ويسلطه على مذنبين كما سلط (
بخت نصر ) على
بني إسرائيل ، وكما يسلط كفار المشركين وأهل الكتاب أحيانا على المسلمين . قيل : أما من قتل من الأنبياء فهم كمن يقتل من المؤمنين في الجهاد شهيدا . قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=146وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين ( 146 )
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=147وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين ( 147 )
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=148فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين nindex.php?page=treesubj&link=25561ومعلوم أن من قتل من المؤمنين شهيدا في القتال كان حاله أكمل من حال من يموت حتف أنفه قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=169ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون [ ص: 414 ] ولهذا قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=52قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين
أي إما النصر والظفر ، وإما الشهادة والجنة ، ثم الدين الذي قاتل عليه الشهداء ينتصر ويظهر ، فيكون لطائفته السعادة في الدنيا والآخرة ، من قتل منهم كان شهيدا ، ومن عاش منهم كان منصورا سعيدا ، وهذا غاية ما يكون من النصر ، إذ كان الموت لا بد منه فالموت على الوجه الذي يحصل به سعادة الدنيا والآخرة أكمل بخلاف من يهلك هو وطائفته فلا يفوز لا هو ولا هم بمطلوبهم لا في الدنيا ولا في الآخرة .
والشهداء من المؤمنين قاتلوا باختيارهم ، وفعلوا الأسباب التي بها قتلوا ، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فهم اختاروا هذا الموت إما أنهم قصدوا الشهادة ، وإما أنهم قصدوا ما به يصيرون شهداء عالمين بأن لهم السعادة في الآخرة ، وفي الدنيا بانتصار طائفتهم ، وببقاء لسان الصدق لهم ثناء ودعاء بخلاف من هلك من الكفار فإنهم هلكوا بغير اختيارهم هلاكا لا يرجون معه سعادة الآخرة ، ولم يحصل لهم ولا لطائفتهم شيء من سعادة الدنيا بل أتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين ، وقيل فيهم :
[ ص: 415 ] nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=25كم تركوا من جنات وعيون ( 25 )
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=26وزروع ومقام كريم ( 26 )
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=27ونعمة كانوا فيها فاكهين ( 27 )
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=28كذلك وأورثناها قوما آخرين ( 28 )
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=29فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين
وقد أخبر سبحانه أن كثيرا من الأنبياء قتل معه ربيون كثير أي ألوف كثيرة ، وأنهم ما ضعفوا ، ولا استكانوا لذلك ، بل استغفروا من ذنوبهم التي كانت سبب ظهور العدو ، وأن الله آتاهم ثواب الدنيا ، وحسن ثواب الآخرة ، فإذا كان هذا قتلى المؤمنين فما الظن بقتلى الأنبياء ، ففيه لهم ولأتباعهم من سعادة الدنيا والآخرة ما هو من أعظم الفلاح .
وظهور الكفار على المؤمنين أحيانا هو بسبب ذنوب المسلمين كيوم أحد ، فإن تابوا انتصروا على الكفار ، وكانت العاقبة لهم كما قد جرى مثل هذا للمسلمين في عامة ملاحمهم مع الكفار ، وهذا من آيات النبوة وأعلامها ودلائلها ، فإن النبي إذا قاموا بعهوده ، ووصاياه نصرهم
[ ص: 416 ] الله ، وأظهرهم على المخالفين له ، فإذا ضيعوا عهوده ظهر أولئك عليهم ، فمدار النصر والظهور مع متابعة النبي وجودا وعدما من غير سبب يزاحم ذلك ، ودوران الحكم مع الوصف وجودا وعدما من غير مزاحمة وصف آخر موجب للعلم بأن المدار علة للدائر .
وقولنا : ( من غير مزاحمة وصف آخر ) : يزيل النقوض الواردة ، فهذا الاستقراء والتتبع يبين أن نصر الله وإظهاره هو بسبب اتباع النبي ، وأنه سبحانه يريد إعلاء كلمته ونصره ونصر أتباعه على من خالفه ، وأن يجعل لهم السعادة ، ولمن خالفهم الشقاء ، وهذا يوجب العلم بنبوته ، وأن من اتبعه كان سعيدا ، ومن خالفه كان شقيا ،
nindex.php?page=treesubj&link=30172ومن هذا ظهور بخت نصر على بني إسرائيل فإنه من دلائل نبوة موسى إذ كان ظهور
بخت نصر إنما كان لما غيروا عهود
موسى ، وتركوا اتباعه ، فعوقبوا بذلك ، وكانوا إذ كانوا متبعين لعهود
موسى منصورين مؤيدين كما كانوا في زمن
داود وسليمان وغيرهما . قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=4وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا ( 4 )
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=5فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا ( 5 )
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=6ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا ( 6 )
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=7إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا ( 7 )
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=8عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا [ ص: 417 ] فكان ظهور
بني إسرائيل على عدوهم تارة ، وظهور عدوهم تارة من دلائل نبوة
موسى صلى الله عليه وسلم ، وكذلك ظهور أمة
محمد صلى الله عليه وسلم على عدوهم تارة ، وظهور عدوهم عليهم تارة هو من دلائل رسالة
محمد وأعلام نبوته ، وكان نصر الله
لموسى وقومه على عدوهم في حياته وبعد موته ، كما جرى لهم مع
يوشع وغيره من دلائل نبوة
موسى ، وكذلك انتصار المؤمنين مع
محمد صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد مماته مع خلفائه من أعلام نبوته ودلائلها ، وهذا بخلاف الكفار الذين ينتصرون على أهل الكتاب أحيانا ، فإن أولئك لا يقول مطاعهم : إني نبي ، ولا يقاتلون أتباع الأنبياء على دين ، ولا يطلبون من أولئك أن يتبعوهم على دينهم ، بل قد يصرحون بأنا إنما نصرنا عليكم بذنوبكم ، وأن لو اتبعتم دينكم لم ننصر عليكم ، وأيضا فلا عاقبة لهم ، بل الله يهلك الظالم بالظالم ثم يهلك الظالمين جميعا ، ولا قتيلهم يطلب بقتله سعادة بعد الموت ، ولا يختارون القتل ليسعدوا بعد الموت ، فهذا وأمثاله مما يظهر به الفرق بين انتصار الأنبياء وأتباعهم ، وبين ظهور بعض الكفار على المؤمنين أو ظهور بعضهم على بعض .
[ ص: 418 ] وبين أن
nindex.php?page=treesubj&link=28747_31060ظهور محمد وأمته على أهل الكتاب اليهود والنصارى هو من جنس ظهورهم على المشركين عباد الأوثان ، وذلك من أعلام نبوته ودلائل رسالته ، ليس هو كظهور
بخت نصر على
بني إسرائيل ، وظهور الكفار على المسلمين ، وهذه الآية مما أخبر بها
موسى
وبين أن الكذاب المدعي للنبوة لا يتم أمره ، وإنما يتم أمر الصادق ، فإن من أهل الكتاب من يقول :
محمد وأمته سلطوا علينا بذنوبنا مع صحة ديننا الذي نحن عليه كما سلط
بخت نصر وغيره من الملوك ، وهذا قياس فاسد ، فإن
بخت نصر لم يدع نبوة ، ولا قاتل على دين ، ولا طلب من بني إسرائيل أن ينتقلوا عن شريعة
موسى إلى شريعته ، فلم يكن في ظهوره إتماما لما ادعاه من النبوة ودعا إليه من الدين ، بل كان بمنزلة المحاربين قطاع الطريق إذا ظهروا على القوافل ، بخلاف من ادعى نبوة ودينا دعا إليه ، ووعد أهله بسعادة الدنيا والآخرة ، وتوعد مخالفيه بشقاوة الدنيا والآخرة ، ثم نصره الله ، وأظهره ، وأتم دينه ، وأعلى كلمته ، وجعل له العاقبة ، وأذل مخالفيه ، فإن هذا من جنس خرق العادات المقترن بدعوى النبوة فإنه دليل عليها ، وذلك من جنس خرق العادات التي لم تقترن بدعوى النبوة ، فإنه ليس دليلا عليها .
وقد يغرق في البحر أمم كثيرة فلا يكون ذلك دليلا على نبوة نبي بخلاف غرق فرعون وقومه ، فإنه كان آية بينة
لموسى ، وهذا موافق لما أخبر به
موسى عليه الصلاة والسلام من أن الكذاب لا يتم أمره ، وذلك أن الله حكيم لا يليق به تأييد الكذاب على
[ ص: 419 ] كذبه من غير أن يتبين كذبه ، ولهذا أعظم الفتن
nindex.php?page=treesubj&link=30255فتنة الدجال الكذاب لما اقترن بدعواه الإلهية بعض الخوارق كان معها ما يدل على كذبه من وجوه :
منها : دعواه الإلهية وهو أعور ، والله ليس بأعور ، مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن قارئ وغير قارئ ، والله تعالى لا يراه أحد حتى يموت ، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم هذه العلامات الثلاث في الأحاديث الصحيحة ، فأما تأييد الكذاب ، ونصره ، وإظهار دعوته دائما فهذا لم يقع قط ، فمن يستدل على ما يفعله الرب سبحانه بالعادة والسنة فهذا هو الواقع ، ومن يستدل على ذلك بالحكمة فحكمته تناقض أن يفعل ذلك إذ الحكيم لا يفعل هذا ، وقد قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=22ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا ( 22 )
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=23سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا
فأخبر
nindex.php?page=treesubj&link=19877_29677أن سنة الله التي لا تبديل لها نصر المؤمنين على الكافرين .
والإيمان المستلزم لذلك يتضمن طاعة الله ورسوله فإذا نقض
[ ص: 420 ] الإيمان بالمعاصي كان الأمر بحسبه كما جرى يوم أحد ، وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=42وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا ( 42 )
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43استكبارا في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنت الأولين فلن تجد لسنت الله تبديلا ، ولن تجد لسنت الله تحويلا
فأخبر أن الكفار لا ينظرون إلا سنة الأولين ، ولا يوجد لسنة الله تبديل تستبدل بغيرها ولا تتحول ، فكيف النصر للكفار على المؤمنين الذين يستحقون هذا الاسم ، وكذلك قال في المنافقين ، - وهم الكفار في الباطن دون الظاهر - ، ومن فيه شعبة نفاق :
[ ص: 421 ] nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=60لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا ( 60 )
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=61ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا ( 61 )
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=62سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا
والسنة هي العادة ، فهذه عادة الله المعلومة ، فإذا نصر من ادعى النبوة وأتباعه على من خالفه ، وإما ظاهرا وباطنا ، وإما باطنا نصرا مستقرا كان ذلك دليلا على أنه نبي صادق إذ كانت سنة الله وعادته نصر المؤمنين بالأنبياء الصادقين على الكافرين والمنافقين ، كما أن سنته تأييدهم بالآيات البينات ، وهذه منها
nindex.php?page=treesubj&link=30219_23639ومن ادعى النبوة وهو كاذب فهو من أكفر الكفار ، وأظلم الظالمين قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=93ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=32فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه [ ص: 422 ] وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=144فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين
ومن كان كذلك كان الله يمقته ، ويبغضه ، ويعاقبه ، ولا يدوم أمره ، بل هو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=654318إن الله يملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته " ثم قرأ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=102وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد
وقال أيضا في الحديث الصحيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=662033مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تفيئها الرياح تقومها تارة وتميلها أخرى ، ومثل [ ص: 423 ] المنافق مثل شجرة الأرز ، لا تزال ثابتة على أصلها حتى يكون انجعافها مرة واحدة " . فالكاذب الفاجر وإن أعطي دولة فلا بد من زوالها بالكلية ، وبقاء ذمه ، ولسان السوء له في العالم ، وهو يظهر سريعا ويزول سريعا كدولة
الأسود العنسي ، ومسيلمة الكذاب ، والحارث الدمشقي ، وبابا الرومي ، ونحوهم .
وأما الأنبياء فإنهم يبتلون كثيرا ليمحصوا بالبلاء ، فإن الله إنما يمكن العبد إذا ابتلاه ، ويظهر أمرهم شيئا فشيئا كالزرع ، قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=29محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما [ ص: 424 ] ولهذا كان أول ما يتبعهم ضعفاء الناس ، فاعتبار هذه الأمور ، وسنة الله في أوليائه وأنبيائه الصادقين ، وفي أعداء الله والمتنبئين الكذابين ، مما يوجب الفرق بين النوعين ، وبين دلائل النبي الصادق ، ودلائل المتنبئ الكذاب .
وقد ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=19580_29284_29279ابتلاء النبي والمؤمنين ، ثم كون العاقبة لهم في غير موضع ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=34ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأ المرسلين
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=214أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب
وقال تعالى :
[ ص: 425 ] nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=109وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ولدار الآخرة خير للذين اتقوا أفلا تعقلون ( 109 )
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين ( 110 )
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=111لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31774آيَاتِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَدَلَائِلَ صِدْقِهِمْ مُتَنَوِّعَةٌ قَبْلَ الْمَبْعَثِ وَحِينَ الْمَبْعَثِ ، فِي حَيَاتِهِمْ ، وَبَعْدَ مَوْتِهِمْ ، فَقَبْلَ الْمَبْعَثِ مِثْلَ إِخْبَارِ مَنْ تَقَدَّمَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ بِهِ ، وَمِثْلَ الْإِرْهَاصَاتِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ ، وَأَمَّا حِينَ الْمَبْعَثِ فَظَاهِرٌ ، وَأَمَّا فِي حَيَاتِهِ فَمِثْلَ نَصْرِهِ ، وَإِنْجَائِهِ ، وَإِهْلَاكِ أَعْدَائِهِ ، وَأَمَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَمِثْلَ نَصْرِ أَتْبَاعِهِ ، وَإِهْلَاكِ أَعْدَائِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى :
[ ص: 409 ] nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=51إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=171وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ ( 171 )
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=172إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ ( 172 )
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=173وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ
وَقَالَ
لِلْمَسِيحِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=55إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . . .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=14يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ nindex.php?page=treesubj&link=29629وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُعِلَتْ لَهُ الْآيَاتُ الْبَيِّنَاتِ قَبْلَ مَبْعَثِهِ ، وَحِينَ مَبْعَثِهِ ، وَفِي حَيَاتِهِ ، وَبَعْدَ مَوْتِهِ إِلَى السَّاعَةِ ، وَإِلَى قِيَامِ
[ ص: 410 ] السَّاعَةِ ، فَإِنَّ ذِكْرَهُ ، وَذِكْرَ كِتَابِهِ ، وَالْبِشَارَةَ بِذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي مَوْضِعِهِ .
وَالْخَلِيلُ دَعَا بِهِ فَقَالَ فِي دُعَائِهِ لِذُرِّيَّتِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=129رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ
وَلَمَّا وُلِدَ اقْتَرَنَ بِمَوْلِدِهِ مِنَ الْآيَاتِ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ ، وَجَرَى ذَلِكَ
[ ص: 411 ] الْعَامَ قِصَّةُ أَصْحَابِ الْفِيلِ الْمَشْهُورَةُ ، وَكَانَ يَحْصُلُ لَهُ فِي مُدَّةِ نَشْأَتِهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالدَّلَائِلِ أُمُورٌ كَثِيرَةٌ قَدْ ذُكِرَ طَرَفٌ مِنْهَا فِي كُتُبِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ وَالسِّيرَةِ وَغَيْرِهَا ، مِثْلَ الْآيَاتِ الَّتِي حَصَلَتْ لِمُرْضِعَتِهِ لَمَّا صَارَ عِنْدَهَا ، وَمِثْلَ مَا شُوهِدَ مِنْ أَحْوَالِهِ فِي صِغَرِهِ ، وَأَمَّا انْتِصَارُ اللَّهِ لَهُ وَلِأَتْبَاعِهِ ، وَإِعْلَاءُ ذِكْرِهِ ، وَنَشْرُ لِسَانِ الصِّدْقِ لَهُ ، وَإِهْلَاكُ أَعْدَائِهِ ، وَإِذْلَالُ مَنْ يُحَادُّهُ ، وَيُشَاقُّهُ ، وَإِظْهَارُ دِينِهِ عَلَى كُلِّ دِينٍ بِالْيَدِ وَاللِّسَانِ وَالدَّلِيلِ وَالْبُرْهَانِ ، فَهَذَا مِمَّا يَطُولُ وَصْفُ تَفْصِيلِهِ . قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=13قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=2هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ [ ص: 412 ] nindex.php?page=treesubj&link=31780وَالْأَنْبِيَاءُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، وَأَتْبَاعُهُمُ الْمُؤْمِنُونَ ، وَإِنْ كَانُوا يُبْتَلَوْنَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ فَالْعَاقِبَةُ لَهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى لَمَّا قَصَّ قِصَّةَ
نُوحٍ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=49تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ .
وَفِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ لَمَّا
nindex.php?page=hadith&LINKID=650006أَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولًا إِلَى مَلِكِ الرُّومِ فَطَلَبَ مَنْ يُخْبِرُهُ بِسِيرَتِهِ ، وَكَانَ الْمَسْئُولُونَ حِينَئِذٍ أَعْدَاءَهُ لَمْ يَكُونُوا آمَنُوا بِهِ فَقَالَ : كَيْفَ الْحَرْبُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ ؟ قَالُوا : الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالٌ يُدَالُ عَلَيْنَا الْمَرَّةَ ، وَنُدَالُ عَلَيْهِ الْأُخْرَى .
فَقَالَ : كَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى ، وَتَكُونُ لَهَا الْعَاقِبَةُ .
فَإِنَّهُ كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ نَصَرَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ ، ثُمَّ يَوْمَ أُحُدٍ ابْتَلَى الْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْصُرِ الْكُفَّارَ بَعْدَهَا حَتَّى أَظْهَرَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ [ ص: 413 ] فَإِنْ قِيلَ : فَفِي الْأَنْبِيَاءِ مَنْ قَدْ قُتِلَ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ ، وَفِي أَهْلِ الْفُجُورِ مَنْ يُؤْتِيهِ اللَّهُ مُلْكًا وَسُلْطَانًا ، وَيُسَلِّطُهُ عَلَى مُذْنِبِينَ كَمَا سَلَّطَ (
بُخْتَ نَصَّرَ ) عَلَى
بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَكَمَا يُسَلِّطُ كُفَّارَ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ أَحْيَانًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ . قِيلَ : أَمَّا مَنْ قُتِلَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فَهُمْ كَمَنْ يُقْتَلُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْجِهَادِ شَهِيدًا . قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=146وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ( 146 )
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=147وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ( 147 )
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=148فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ nindex.php?page=treesubj&link=25561وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ قُتِلَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ شَهِيدًا فِي الْقِتَالِ كَانَ حَالُهُ أَكْمَلَ مِنْ حَالِ مَنْ يَمُوتُ حَتْفَ أَنْفِهِ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=169وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [ ص: 414 ] وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=52قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ
أَيْ إِمَّا النَّصْرُ وَالظَّفَرُ ، وَإِمَّا الشَّهَادَةُ وَالْجَنَّةُ ، ثُمَّ الدِّينُ الَّذِي قَاتَلَ عَلَيْهِ الشُّهَدَاءُ يَنْتَصِرُ وَيَظْهَرُ ، فَيَكُونُ لِطَائِفَتِهِ السَّعَادَةُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ كَانَ شَهِيدًا ، وَمَنْ عَاشَ مِنْهُمْ كَانَ مَنْصُورًا سَعِيدًا ، وَهَذَا غَايَةُ مَا يَكُونُ مِنَ النَّصْرِ ، إِذْ كَانَ الْمَوْتُ لَا بُدَّ مِنْهُ فَالْمَوْتُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ سَعَادَةُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ أَكْمَلُ بِخِلَافِ مَنْ يَهْلِكُ هُوَ وَطَائِفَتُهُ فَلَا يَفُوزُ لَا هُوَ وَلَا هُمْ بِمَطْلُوبِهِمْ لَا فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ .
وَالشُّهَدَاءُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قَاتَلُوا بِاخْتِيَارِهِمْ ، وَفَعَلُوا الْأَسْبَابَ الَّتِي بِهَا قُتِلُوا ، كَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ ، فَهُمُ اخْتَارُوا هَذَا الْمَوْتَ إِمَّا أَنَّهُمْ قَصَدُوا الشَّهَادَةَ ، وَإِمَّا أَنَّهُمْ قَصَدُوا مَا بِهِ يَصِيرُونَ شُهَدَاءَ عَالِمِينَ بِأَنَّ لَهُمُ السَّعَادَةَ فِي الْآخِرَةِ ، وَفِي الدُّنْيَا بِانْتِصَارِ طَائِفَتِهِمْ ، وَبِبَقَاءِ لِسَانِ الصِّدْقِ لَهُمْ ثَنَاءً وَدُعَاءً بِخِلَافِ مَنْ هَلَكَ مِنَ الْكُفَّارِ فَإِنَّهُمْ هَلَكُوا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِمْ هَلَاكًا لَا يَرْجُونَ مَعَهُ سَعَادَةَ الْآخِرَةِ ، وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ وَلَا لِطَائِفَتِهِمْ شَيْءٌ مِنْ سَعَادَةِ الدُّنْيَا بَلِ أُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ ، وَقِيلَ فِيهِمْ :
[ ص: 415 ] nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=25كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( 25 )
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=26وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ( 26 )
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=27وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ( 27 )
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=28كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ ( 28 )
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=29فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ
وَقَدْ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ أَيْ أُلُوفٌ كَثِيرَةٌ ، وَأَنَّهُمْ مَا ضَعُفُوا ، وَلَا اسْتَكَانُوا لِذَلِكَ ، بَلِ اسْتَغْفَرُوا مِنْ ذُنُوبِهِمُ الَّتِي كَانَتْ سَبَبَ ظُهُورِ الْعَدُوِّ ، وَأَنَّ اللَّهَ آتَاهُمْ ثَوَابَ الدُّنْيَا ، وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ ، فَإِذَا كَانَ هَذَا قَتْلَى الْمُؤْمِنِينَ فَمَا الظَّنُّ بِقَتْلَى الْأَنْبِيَاءِ ، فَفِيهِ لَهُمْ وَلِأَتْبَاعِهِمْ مِنْ سَعَادَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مَا هُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْفَلَاحِ .
وَظُهُورُ الْكُفَّارِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَحْيَانًا هُوَ بِسَبَبِ ذُنُوبِ الْمُسْلِمِينَ كَيَوْمِ أُحُدٍ ، فَإِنْ تَابُوا انْتَصَرُوا عَلَى الْكُفَّارِ ، وَكَانَتِ الْعَاقِبَةُ لَهُمْ كَمَا قَدْ جَرَى مِثْلُ هَذَا لِلْمُسْلِمِينَ فِي عَامَّةِ مَلَاحِمِهِمْ مَعَ الْكُفَّارِ ، وَهَذَا مِنْ آيَاتِ النُّبُوَّةِ وَأَعْلَامِهَا وَدَلَائِلِهَا ، فَإِنَّ النَّبِيَّ إِذَا قَامُوا بِعُهُودِهِ ، وَوَصَايَاهُ نَصَرَهُمُ
[ ص: 416 ] اللَّهُ ، وَأَظْهَرَهُمْ عَلَى الْمُخَالِفِينَ لَهُ ، فَإِذَا ضَيَّعُوا عُهُودَهُ ظَهَرَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ ، فَمَدَارُ النَّصْرِ وَالظُّهُورِ مَعَ مُتَابَعَةِ النَّبِيِّ وَجُودًا وَعَدَمًا مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ يُزَاحِمُ ذَلِكَ ، وَدَوْرَانُ الْحُكْمِ مَعَ الْوَصْفِ وُجُودًا وَعَدَمًا مِنْ غَيْرِ مُزَاحَمَةِ وَصْفٍ آخَرَ مُوجِبٌ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ الْمَدَارَ عِلَّةٌ لِلدَّائِرِ .
وَقَوْلُنَا : ( مِنْ غَيْرِ مُزَاحَمَةِ وَصْفٍ آخَرَ ) : يُزِيلُ النُّقُوضَ الْوَارِدَةَ ، فَهَذَا الِاسْتِقْرَاءُ وَالتَّتَبُّعُ يُبَيِّنُ أَنَّ نَصْرَ اللَّهِ وَإِظْهَارَهُ هُوَ بِسَبَبِ اتِّبَاعِ النَّبِيِّ ، وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ يُرِيدُ إِعْلَاءَ كَلِمَتِهِ وَنَصْرَهُ وَنَصْرَ أَتْبَاعِهِ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ ، وَأَنْ يَجْعَلَ لَهُمُ السَّعَادَةَ ، وَلِمَنْ خَالَفَهُمُ الشَّقَاءَ ، وَهَذَا يُوجِبُ الْعِلْمَ بِنُبُوَّتِهِ ، وَأَنَّ مَنِ اتَّبَعَهُ كَانَ سَعِيدًا ، وَمَنْ خَالَفَهُ كَانَ شَقِيًّا ،
nindex.php?page=treesubj&link=30172وَمِنْ هَذَا ظُهُورُ بُخْتَ نَصَّرَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فَإِنَّهُ مِنْ دَلَائِلِ نُبُوَّةِ مُوسَى إِذْ كَانَ ظُهُورُ
بُخْتَ نَصَّرَ إِنَّمَا كَانَ لَمَّا غَيَّرُوا عُهُودَ
مُوسَى ، وَتَرَكُوا اتِّبَاعَهُ ، فَعُوقِبُوا بِذَلِكَ ، وَكَانُوا إِذْ كَانُوا مُتَّبِعِينَ لِعُهُودِ
مُوسَى مَنْصُورِينَ مُؤَيَّدِينَ كَمَا كَانُوا فِي زَمَنِ
دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَغَيْرِهِمَا . قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=4وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا ( 4 )
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=5فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا ( 5 )
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=6ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا ( 6 )
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=7إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا ( 7 )
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=8عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا [ ص: 417 ] فَكَانَ ظُهُورُ
بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى عَدُوِّهِمْ تَارَةً ، وَظُهُورُ عَدُوِّهِمْ تَارَةً مِنْ دَلَائِلِ نُبُوَّةِ
مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَذَلِكَ ظُهُورُ أُمَّةِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَدُوِّهِمْ تَارَةً ، وَظُهُورُ عَدُوِّهِمْ عَلَيْهِمْ تَارَةً هُوَ مِنْ دَلَائِلِ رِسَالَةِ
مُحَمَّدٍ وَأَعْلَامِ نُبُوَّتِهِ ، وَكَانَ نَصْرُ اللَّهِ
لِمُوسَى وَقَوْمِهِ عَلَى عَدُوِّهِمْ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ ، كَمَا جَرَى لَهُمْ مَعَ
يُوشَعَ وَغَيْرِهِ مِنْ دَلَائِلِ نُبُوَّةِ
مُوسَى ، وَكَذَلِكَ انْتِصَارُ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ مَعَ خُلَفَائِهِ مِنْ أَعْلَامِ نُبُوَّتِهِ وَدَلَائِلِهَا ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ يَنْتَصِرُونَ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ أَحْيَانًا ، فَإِنَّ أُولَئِكَ لَا يَقُولُ مُطَاعُهُمْ : إِنِّي نَبِيٌّ ، وَلَا يُقَاتِلُونَ أَتْبَاعَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى دِينٍ ، وَلَا يَطْلُبُونَ مِنْ أُولَئِكَ أَنْ يَتَّبِعُوهُمْ عَلَى دِينِهِمْ ، بَلْ قَدْ يُصَرِّحُونَ بِأَنَّا إِنَّمَا نُصِرْنَا عَلَيْكُمْ بِذُنُوبِكُمْ ، وَأَنْ لَوِ اتَّبَعْتُمْ دِينَكُمْ لَمْ نُنْصَرْ عَلَيْكُمْ ، وَأَيْضًا فَلَا عَاقِبَةَ لَهُمْ ، بَلِ اللَّهُ يُهْلِكُ الظَّالِمَ بِالظَّالِمِ ثُمَّ يُهْلِكُ الظَّالِمِينَ جَمِيعًا ، وَلَا قَتِيلُهُمْ يَطْلُبُ بِقَتْلِهِ سَعَادَةً بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَلَا يَخْتَارُونَ الْقَتْلَ لِيُسْعَدُوا بَعْدَ الْمَوْتِ ، فَهَذَا وَأَمْثَالُهُ مِمَّا يَظْهَرُ بِهِ الْفَرْقُ بَيْنَ انْتِصَارِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَتْبَاعِهِمْ ، وَبَيْنَ ظُهُورِ بَعْضِ الْكُفَّارِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَوْ ظُهُورِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ .
[ ص: 418 ] وَبَيِّنٌ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28747_31060ظُهُورَ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى هُوَ مِنْ جِنْسِ ظُهُورِهِمْ عَلَى الْمُشْرِكِينَ عُبَّادِ الْأَوْثَانِ ، وَذَلِكَ مِنْ أَعْلَامِ نُبُوَّتِهِ وَدَلَائِلِ رِسَالَتِهِ ، لَيْسَ هُوَ كَظُهُورِ
بُخْتَ نَصَّرَ عَلَى
بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَظُهُورِ الْكُفَّارِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، وَهَذِهِ الْآيَةُ مِمَّا أَخْبَرَ بِهَا
مُوسَى
وَبَيِّنٌ أَنَّ الْكَذَّابَ الْمُدَّعِيَ لِلنُّبُوَّةِ لَا يَتِمُّ أَمْرُهُ ، وَإِنَّمَا يَتِمُّ أَمْرُ الصَّادِقِ ، فَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَقُولُ :
مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ سُلِّطُوا عَلَيْنَا بِذُنُوبِنَا مَعَ صِحَّةِ دِينِنَا الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ كَمَا سُلِّطَ
بُخْتَ نَصَّرَ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُلُوكِ ، وَهَذَا قِيَاسٌ فَاسِدٌ ، فَإِنَّ
بُخْتَ نَصَّرَ لَمْ يَدَّعِ نُبُوَّةً ، وَلَا قَاتَلَ عَلَى دِينٍ ، وَلَا طَلَبَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَنْتَقِلُوا عَنْ شَرِيعَةِ
مُوسَى إِلَى شَرِيعَتِهِ ، فَلَمْ يَكُنْ فِي ظُهُورِهِ إِتْمَامًا لِمَا ادَّعَاهُ مِنَ النُّبُوَّةِ وَدَعَا إِلَيْهِ مِنَ الدِّينِ ، بَلْ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْمُحَارِبِينَ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ إِذَا ظَهَرُوا عَلَى الْقَوَافِلِ ، بِخِلَافِ مَنِ ادَّعَى نُبُوَّةً وَدِينًا دَعَا إِلَيْهِ ، وَوَعَدَ أَهْلَهُ بِسَعَادَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَتَوَعَّدَ مُخَالِفِيهِ بِشَقَاوَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، ثُمَّ نَصَرَهُ اللَّهُ ، وَأَظْهَرَهُ ، وَأَتَمَّ دِينَهُ ، وَأَعَلَى كَلِمَتَهُ ، وَجَعَلَ لَهُ الْعَاقِبَةَ ، وَأَذَلَّ مُخَالِفِيهِ ، فَإِنَّ هَذَا مِنْ جِنْسِ خَرْقِ الْعَادَاتِ الْمُقْتَرِنِ بِدَعْوَى النُّبُوَّةِ فَإِنَّهُ دَلِيلٌ عَلَيْهَا ، وَذَلِكَ مِنْ جِنْسِ خَرْقِ الْعَادَاتِ الَّتِي لَمْ تَقْتَرِنْ بِدَعْوَى النُّبُوَّةِ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ دَلِيلًا عَلَيْهَا .
وَقَدْ يَغْرَقُ فِي الْبَحْرِ أُمَمٌ كَثِيرَةٌ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى نُبُوَّةِ نَبِيٍّ بِخِلَافِ غَرَقِ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ ، فَإِنَّهُ كَانَ آيَةً بَيِّنَةً
لِمُوسَى ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا أَخْبَرَ بِهِ
مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ أَنَّ الْكَذَّابَ لَا يَتِمُّ أَمْرُهُ ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ حَكِيمٌ لَا يَلِيقُ بِهِ تَأْيِيدُ الْكَذَّابِ عَلَى
[ ص: 419 ] كَذِبِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ ، وَلِهَذَا أَعْظَمُ الْفِتَنِ
nindex.php?page=treesubj&link=30255فِتْنَةُ الدَّجَّالِ الْكَذَّابِ لِمَا اقْتَرَنَ بِدَعْوَاهُ الْإِلَهِيَّةَ بَعْضُ الْخَوَارِقِ كَانَ مَعَهَا مَا يَدُلُّ عَلَى كَذِبِهِ مِنْ وَجُوهٍ :
مِنْهَا : دَعْوَاهُ الْإِلَهِيَّةَ وَهُوَ أَعْوَرُ ، وَاللَّهُ لَيْسَ بِأَعْوَرَ ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ قَارِئٍ وَغَيْرُ قَارِئٍ ، وَاللَّهُ تَعَالَى لَا يَرَاهُ أَحَدٌ حَتَّى يَمُوتَ ، وَقَدْ ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْعَلَامَاتِ الثَّلَاثَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ ، فَأَمَّا تَأْيِيدُ الْكَذَّابِ ، وَنَصْرُهُ ، وَإِظْهَارُ دَعْوَتِهِ دَائِمًا فَهَذَا لَمْ يَقَعْ قَطُّ ، فَمَنْ يَسْتَدِلُّ عَلَى مَا يَفْعَلُهُ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ بِالْعَادَةِ وَالسُّنَّةِ فَهَذَا هُوَ الْوَاقِعُ ، وَمَنْ يَسْتَدِلُّ عَلَى ذَلِكَ بِالْحِكْمَةِ فَحِكْمَتُهُ تُنَاقِضُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ إِذِ الْحَكِيمُ لَا يَفْعَلُ هَذَا ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=22وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ( 22 )
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=23سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا
فَأَخْبَرَ
nindex.php?page=treesubj&link=19877_29677أَنَّ سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي لَا تَبْدِيلَ لَهَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ .
وَالْإِيمَانُ الْمُسْتَلْزِمُ لِذَلِكَ يَتَضَمَّنُ طَاعَةَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا نُقِضَ
[ ص: 420 ] الْإِيمَانُ بِالْمَعَاصِي كَانَ الْأَمْرُ بِحَسَبِهِ كَمَا جَرَى يَوْمَ أُحُدٍ ، وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=42وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا ( 42 )
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ، وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا
فَأَخْبَرَ أَنَّ الْكُفَّارَ لَا يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ ، وَلَا يُوجَدُ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلٌ تُسْتَبْدَلُ بِغَيْرِهَا وَلَا تَتَحَوَّلُ ، فَكَيْفَ النَّصْرُ لِلْكُفَّارِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَسْتَحِقُّونَ هَذَا الِاسْمَ ، وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْمُنَافِقِينَ ، - وَهُمُ الْكُفَّارُ فِي الْبَاطِنِ دُونَ الظَّاهِرِ - ، وَمَنْ فِيهِ شُعْبَةُ نِفَاقٍ :
[ ص: 421 ] nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=60لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا ( 60 )
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=61مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا ( 61 )
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=62سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا
وَالسُّنَّةُ هِيَ الْعَادَةُ ، فَهَذِهِ عَادَةُ اللَّهِ الْمَعْلُومَةُ ، فَإِذَا نَصَرَ مَنِ ادَّعَى النُّبُوَّةَ وَأَتْبَاعَهُ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ ، وَإِمَّا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا ، وَإِمَّا بَاطِنًا نَصْرًا مُسْتَقِرًّا كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ نَبِيٌّ صَادِقٌ إِذْ كَانَتْ سُنَّةُ اللَّهِ وَعَادَتُهُ نَصْرَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْأَنْبِيَاءِ الصَّادِقِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ ، كَمَا أَنَّ سُنَّتَهُ تَأْيِيدُهُمْ بِالْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ ، وَهَذِهِ مِنْهَا
nindex.php?page=treesubj&link=30219_23639وَمَنِ ادَّعَى النُّبُوَّةَ وَهُوَ كَاذِبٌ فَهُوَ مِنْ أَكْفَرِ الْكُفَّارِ ، وَأَظْلَمِ الظَّالِمِينَ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=93وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=32فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ [ ص: 422 ] وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=144فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَ اللَّهُ يَمْقُتُهُ ، وَيُبْغِضُهُ ، وَيُعَاقِبُهُ ، وَلَا يَدُومُ أَمْرُهُ ، بَلْ هُوَ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=654318إِنَّ اللَّهَ يُمْلِي لِلظَّالِمِ فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ " ثُمَّ قَرَأَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=102وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ
وَقَالَ أَيْضًا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=110أَبِي مُوسَى أَنَّهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=662033مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الْخَامَةِ مِنَ الزَّرْعِ تُفَيِّئُهَا الرِّيَاحُ تُقْوِمُهَا تَارَةً وَتُمِيلُهَا أُخْرَى ، وَمَثَلُ [ ص: 423 ] الْمُنَافِقِ مَثَلُ شَجَرَةِ الْأَرْزِ ، لَا تَزَالُ ثَابِتَةً عَلَى أَصْلِهَا حَتَّى يَكُونَ انْجِعَافُهَا مَرَّةً وَاحِدَةً " . فَالْكَاذِبُ الْفَاجِرُ وَإِنْ أُعْطِيَ دَوْلَةً فَلَا بُدَّ مِنْ زَوَالِهَا بِالْكُلِّيَّةِ ، وَبَقَاءِ ذَمِّهِ ، وَلِسَانِ السُّوءِ لَهُ فِي الْعَالَمِ ، وَهُوَ يَظْهَرُ سَرِيعًا وَيَزُولُ سَرِيعًا كَدَوْلَةِ
الْأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ ، وَمُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ ، وَالْحَارِثِ الدِّمَشْقِيِّ ، وَبَابَا الرُّومِيِّ ، وَنَحْوِهِمْ .
وَأَمَّا الْأَنْبِيَاءُ فَإِنَّهُمْ يُبْتَلَوْنَ كَثِيرًا لِيُمَحَّصُوا بِالْبَلَاءِ ، فَإِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا يُمَكِّنُ الْعَبْدَ إِذَا ابْتَلَاهُ ، وَيَظْهَرُ أَمْرُهُمْ شَيْئًا فَشَيْئًا كَالزَّرْعِ ، قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=29مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [ ص: 424 ] وَلِهَذَا كَانَ أَوَّلَ مَا يَتْبَعُهُمْ ضُعَفَاءُ النَّاسِ ، فَاعْتِبَارُ هَذِهِ الْأُمُورِ ، وَسُنَّةُ اللَّهِ فِي أَوْلِيَائِهِ وَأَنْبِيَائِهِ الصَّادِقِينَ ، وَفِي أَعْدَاءِ اللَّهِ وَالْمُتَنَبِّئِينَ الْكَذَّابِينَ ، مِمَّا يُوجِبُ الْفَرْقَ بَيْنَ النَّوْعَيْنِ ، وَبَيْنَ دَلَائِلِ النَّبِيِّ الصَّادِقِ ، وَدَلَائِلِ الْمُتَنَبِّئِ الْكَذَّابِ .
وَقَدْ ذُكِرَ
nindex.php?page=treesubj&link=19580_29284_29279ابْتِلَاءُ النَّبِيِّ وَالْمُؤْمِنِينَ ، ثُمَّ كَوْنُ الْعَاقِبَةِ لَهُمْ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=34وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَأِ الْمُرْسَلِينَ
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=214أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ
وَقَالَ تَعَالَى :
[ ص: 425 ] nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=109وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ ( 109 )
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ( 110 )
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=111لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ