[ ص: 236 ] الوجه الثاني أن يقال : بل النفاة خالفوا العلم الضروري
[1] فإن
nindex.php?page=treesubj&link=28785كون العبد مريدا فاعلا بعد أن لم يكن فاعلا [2] أمر حادث بعد أن لم يكن ، فإما أن يكون له محدث
[3] وإما أن لا يكون له محدث ، فإن لم يكن له محدث لزم حدوث الحوادث بلا محدث ، وإن كان له محدث فإما أن يكون هو العبد أو الرب تعالى أو غيرهما .
فإن كان هو
[4] العبد فالقول في إحداثه لتلك الفاعلية كالقول في إحداث أحداثها ، ويلزم التسلسل ، وهو هنا باطل بالاتفاق ، لأن العبد كائن بعد أن لم يكن فيمتنع أن تقوم به حوادث لا أول لها .
وإن كان غير الله فالقول فيه كالقول في العبد فتعين أن يكون الله هو الخالق لكون العبد مريدا فاعلا وهو المطلوب .
وأهل السنة يقولون بهذا العلم الضروري فيقولون
[5] : إن العبد فاعل والله خلقه فاعلا
[6] والعبد مريد مختار والله جعله مريدا مختارا .
قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=29إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=30وما تشاءون إلا أن يشاء الله [ سورة الإنسان 29 ، 30 ] وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=28لمن شاء منكم أن يستقيم nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=29وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين [ سورة التكوير 28 ، 29 ] .
[ ص: 237 ] فأثبت مشيئة العبد ، وجعلها لا تحصل إلا بمشيئة الله تعالى ، وقال الخليل صلى الله عليه وسلم :
[7] nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=40رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي [ سورة إبراهيم : 40 ] .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم [ سورة إبراهيم : 37 ] .
وقال هو
وإسماعيل صلى الله عليهما وسلم
[8] :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=128ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك [ سورة البقرة 128 ] .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=73وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا [ سورة الأنبياء : 73 ] .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=41وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار [ سورة القصص 41 ] ، وأمثال ذلك في الكتاب والسنة .
فدليلهم
[9] اقتضى مشيئة العبد وأنه فاعل بالاختيار
[10] وهذا الدليل اقتضى أن هذه المشيئة والاختيار حصلت بمشيئة الرب فكلا
[11] الأمرين حق .
فمن قال : إن العبد لا مشيئة له ولا اختيار ، أو قال : إنه لا قدرة [ له ]
[12] أو أنه لم يفعل ذلك الفعل أو لا
[13] أثر لقدرته فيه ولم يحدث تصرفاته
[14] فقد أنكر موجب الضرورة الأولى .
[ ص: 238 ] ومن قال : إن إرادته وفعله حدثت بغير سبب اقتضى حدوث ذلك وأن العبد أحدث ذلك وحاله عند إحداثه كما كان قبل إحداثه ، بل خص أحد الزمانين بالإحداث من غير
[15] سبب اقتضى تخصيصه ، وأنه صار مريدا فاعلا محدثا بعد أن لم يكن كذلك
[16] ، من غير شيء جعله كذلك ، فقد قال بحدوث الحوادث بلا فاعل .
وإذا قالوا : الإرادة لا تعلل كان [ هذا ]
[17] كلاما لا حقيقة له ، فإن الإرادة أمر حادث فلا بد له من محدث ، وهذا كما قالوا : إن البارئ يحدث إرادة لا في محل بلا سبب اقتضى حدوثها ولا إرادة فارتكبوا
[18] ثلاث محالات : حدوث حادث
[19] بلا إرادة من الله ، وحدوث حادث بلا سبب حادث ، وقيام الصفة بنفسها لا في محل .
وإن شئت قلت : كونه مريدا أمر ممكن ، والممكن
[20] لا يترجح [ وجوده على عدمه ولا يترجح ]
[21] أحد طرفيه على الآخر إلا بمرجح تام .
وهذا مما يحتج به
الرازي عليهم وهو صحيح في نفسه لكنه تناقض في مسألة حدوث العالم
[22] .
[ ص: 239 ] والحجة التي ذكرها هذا الإمامي مذكورة عن
أبي الحسين البصري [23] وهي صحيحة كما أن الأخرى صحيحة فيجب القول
[24] بهما جميعا ، [ مع أن جمهور
[25] nindex.php?page=treesubj&link=30239القدرية يقولون : العلم بكون العبد محدثا لأفعاله نظري لا ضروري ، وهؤلاء يخالفون
أبا الحسين .
وأبو الحسين يقول مع ذلك : إن الفعل يتوقف على الداعي والقدرة وعندهما يجب الفعل ، وهو حقيقة قول أهل الإثبات ، ولهذا يعبر غير واحد منهم بنحو ذلك
كأبي المعالي والرازي وغيرهما .
لكن إذا قيل مع ذلك : إن
nindex.php?page=treesubj&link=28785الله خالق أفعال العباد أمكن الجمع بينهما عند من يقول إن الله خلق الأشياء بالأسباب .
ومن لم يقل ذلك يقول : خلق الفعل عند هذه الأمور لا بها ، وهو قول من لم يجعل للقدرة أثرا في مقدورها كالأشعري وغيره ]
[26] .
فإن قيل : كيف يكون الله محدثا لها والعبد محدثا لها .
قيل : إحداث الله لها بمعنى أن خلقها [ منفصلة عنه قائمة بالعبد ]
[27] فجعل العبد فاعلا لها بقدرته ومشيئته
[28] التي خلقها الله [ تعالى ] ،
[ ص: 240 ] وإحداث العبد لها
[29] بمعنى أنه حدث منه هذا الفعل [ القائم به ]
[30] بالقدرة والمشيئة التي خلقها الله فيه .
وكل من الإحداثين مستلزم للآخر وجهة الإضافة مختلفة [ فما أحدثه الرب فهو مباين له قائم بالمخلوق وفعل العبد الذي أحدثه قائم به ]
[31] فلا يكون العبد فاعلا للفعل بمشيئته وقدرته حتى يجعله الله كذلك فيحدث
[32] قدرته ومشيئته والفعل الذي كان بذلك وإذا جعله الله فاعلا وجب
[33] وجود ذلك .
فخلق الرب لفعل العبد يستلزم وجود الفعل ، وكون العبد فاعلا له بعد أن لم يكن يستلزم كون الرب خالقا له ، بل جميع الحوادث بأسبابها هي من هذا الباب
[34] .
[ فإن قيل : هذا قول من يقول هي فعل للرب وفعل للعبد .
قيل : من قال هي فعل لهما بمعنى الشركة فقد أخطأ ، ومن قال : إن فعل الرب هو ما انفصل عنه ، وقال : إنها فعل لهما كما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11812أبو إسحاق الإسفراييني ، فلا بد أن يفسر كلامه بشيء يعقل .
وأما على قول جمهور أهل السنة الذين يقولون : إنها مفعولة للرب
[ ص: 241 ] لا فعل له إذا فعله ما قام به والفعل عندهم غير المفعول ، فيقولون إنها مفعولة للرب لا فعل له
[35] وإنها فعل للعبد .
كما يقولون في قدرة العبد : إنها قدرة للعبد مقدورة للرب لا إنها نفس قدرة الرب .
وكذلك إرادة العبد هي إرادة للعبد مرادة للرب .
وكذلك سائر صفات العبد هي صفات له وهي
[36] مفعولة للرب مخلوقة له ليست بصفات له .
ومما يبين ذلك أن الله تعالى قد أضاف كثيرا من الحوادث إليه وأضافه إلى بعض مخلوقاته ، إما أن يضيف عينه أو نظيره .
كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=42الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى [ سورة الزمر 42 ] ] .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=60هو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار [ سورة الأنعام 60 ] .
مع قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=11قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم [ سورة السجدة 11 ] .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=61توفته رسلنا وهم لا يفرطون [ سورة الأنعام 61 ] .
وكذلك قوله تعالى في الريح :
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=25تدمر كل شيء بأمر ربها [ سورة الأحقاف : 25 ] .
[ ص: 242 ] وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=137ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون [ سورة الأعراف 137 ] .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=9إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم [ سورة الإسراء 9 ] .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=16يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام [ سورة المائدة 16 ] .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=3نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن [ سورة يوسف 3 ] .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=76إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون [ سورة النمل 76 ] .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب [ سورة النساء 127 ] .
أي : ما يتلى عليكم في الكتاب يفتيكم فيهن .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=5فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج [ سورة الحج : 5 ] ، فأضاف الإنبات
[37] إليها .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=7والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج [ سورة الحجر 19 ] .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=10هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=11ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات [ سورة النحل 10 ، 11 ] .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=24حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا [ سورة يونس 24 ] .
[ ص: 243 ] وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=7إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها [ سورة الكهف 7 ] .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=6إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب [ سورة الصافات 6 ] .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=4يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها [ سورة الحديد : 4 ] .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=2ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء [ سورة النحل : 2 ] .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=193نزل به الروح الأمين [ سورة الشعراء : 193 ] .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=105وبالحق أنزلناه وبالحق نزل [ سورة الإسراء : 105 ] .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=18وأنزلنا من السماء ماء [ سورة المؤمنون : 18 ] .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=21وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء [ سورة فصلت : 21 ] ، وقال
سليمان عليه الصلاة والسلام :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=16ياأيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء [ سورة النمل : 16 ] .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=23فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون [ سورة الذاريات : 23 ] ، فهم نطقوا وهو أنطقهم ، وهو الذي أنطق كل شيء .
فإذا كان [ تبارك وتعالى ]
[38] قد جعل في الجمادات قوى تفعل ، وقد أضاف الفعل إليها ولم يمنع ذلك أن يكون خالقا لأفعالها ، فلأن لا
[ ص: 244 ] يمنع إضافة الفعل إلى الحيوان وإن كان الله خالقه - بطريق الأولى .
فإن
nindex.php?page=treesubj&link=30239القدرية لا تنازع في أن الله خالق ما في الجمادات من القوى والحركات وقد أخبر الله
[39] أن الأرض تنبت ، وأن السحاب يحمل الماء كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=2فالحاملات وقرا [ سورة الذاريات : 2 ] .
والريح تنقل السحاب كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=57وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت [ سورة الأعراف : 57 ] ، وأخبر أن الريح تدمر كل شيء ، وأخبر أن الماء طغى بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=11إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية [ سورة الحاقة : 11 ] .
بل قد أخبر بما هو أبلغ من ذلك من سجود هذه الأشياء وتسبيحها كما في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=18ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب [ سورة الحج : 18 ] .
وهذا التفصيل يمنع حمل ذلك على أن المراد كونها مخلوقة دالة على الخالق وأن المراد شهادتها بلسان الحال فإن هذا عام لجميع الناس .
وقد قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=10ياجبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد [ سورة سبأ : 10 ] .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=18إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=19والطير محشورة كل له أواب [ سورة ص : 18 ، 19 ] .
[ ص: 245 ] فأخبر أن الجبال تئوب معه والطير ، وأخبر أنه سخرها تسبح .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=41ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه [ سورة النور : 41 ] .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=44وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم [ سورة الإسراء : 44 ] .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=15ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها [ سورة الرعد : 15 ] .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=74ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله [ سورة البقرة : 74 ] .
وبسط الكلام على سجود هذه الأشياء وتسبيحها مذكور في غير هذا الموضع
[40] .
والمقصود هنا أن هذا كله مخلوق لله بالاتفاق مع جعل ذلك فعلا لهذه الأعيان في القرآن ، فعلم أن ذلك لا ينافي كون الرب تعالى خالقا لكل شيء .
[ ص: 236 ] الْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يُقَالَ : بَلِ النُّفَاةُ خَالَفُوا الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ
[1] فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28785كَوْنَ الْعَبْدِ مُرِيدًا فَاعِلًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ فَاعِلًا [2] أَمْرٌ حَادِثٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مُحْدِثٌ
[3] وَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونُ لَهُ مُحْدِثٌ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُحْدِثٌ لَزِمَ حُدُوثُ الْحَوَادِثِ بِلَا مُحْدِثٍ ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مُحْدِثٌ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْعَبْدَ أَوِ الرَّبَّ تَعَالَى أَوْ غَيْرَهُمَا .
فَإِنْ كَانَ هُوَ
[4] الْعَبْدَ فَالْقَوْلُ فِي إِحْدَاثِهِ لِتِلْكَ الْفَاعِلِيَّةِ كَالْقَوْلِ فِي إِحْدَاثِ أَحْدَاثِهَا ، وَيَلْزَمُ التَّسَلْسُلُ ، وَهُوَ هُنَا بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ ، لِأَنَّ الْعَبْدَ كَائِنٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ فَيَمْتَنِعُ أَنْ تَقُومَ بِهِ حَوَادِثُ لَا أَوَّلَ لَهَا .
وَإِنْ كَانَ غَيْرَ اللَّهِ فَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي الْعَبْدِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ هُوَ الْخَالِقُ لِكَوْنِ الْعَبْدِ مُرِيدًا فَاعِلًا وَهُوَ الْمَطْلُوبُ .
وَأَهْلُ السُّنَّةِ يَقُولُونَ بِهَذَا الْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ فَيَقُولُونَ
[5] : إِنَّ الْعَبْدَ فَاعِلٌ وَاللَّهُ خَلَقَهُ فَاعِلًا
[6] وَالْعَبْدُ مُرِيدٌ مُخْتَارٌ وَاللَّهُ جَعَلَهُ مُرِيدًا مُخْتَارًا .
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=29إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=30وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [ سُورَةُ الْإِنْسَانِ 29 ، 30 ] وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=28لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=29وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [ سُورَةُ التَّكْوِيرِ 28 ، 29 ] .
[ ص: 237 ] فَأَثْبَتَ مَشِيئَةَ الْعَبْدِ ، وَجَعَلَهَا لَا تَحْصُلُ إِلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَقَالَ الْخَلِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
[7] nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=40رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي [ سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ : 40 ] .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ [ سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ : 37 ] .
وَقَالَ هُوَ
وَإِسْمَاعِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ
[8] :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=128رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ [ سُورَةُ الْبَقَرَةِ 128 ] .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=73وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا [ سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ : 73 ] .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=41وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ [ سُورَةُ الْقَصَصِ 41 ] ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ .
فَدَلِيلُهُمْ
[9] اقْتَضَى مَشِيئَةَ الْعَبْدِ وَأَنَّهُ فَاعِلٌ بِالِاخْتِيَارِ
[10] وَهَذَا الدَّلِيلُ اقْتَضَى أَنَّ هَذِهِ الْمَشِيئَةَ وَالِاخْتِيَارَ حَصَلَتْ بِمَشِيئَةِ الرَّبِّ فَكِلَا
[11] الْأَمْرَيْنِ حَقٌّ .
فَمَنْ قَالَ : إِنَّ الْعَبْدَ لَا مَشِيئَةَ لَهُ وَلَا اخْتِيَارَ ، أَوْ قَالَ : إِنَّهُ لَا قُدْرَةَ [ لَهُ ]
[12] أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ الْفِعْلَ أَوْ لَا
[13] أَثَرَ لِقُدْرَتِهِ فِيهِ وَلَمْ يُحْدِثْ تَصَرُّفَاتِهِ
[14] فَقَدْ أَنْكَرَ مُوجِبَ الضَّرُورَةِ الْأُولَى .
[ ص: 238 ] وَمَنْ قَالَ : إِنَّ إِرَادَتَهُ وَفِعْلَهُ حَدَثَتْ بِغَيْرِ سَبَبٍ اقْتَضَى حُدُوثَ ذَلِكَ وَأَنَّ الْعَبْدَ أَحْدَثَ ذَلِكَ وَحَالُهُ عِنْدَ إِحْدَاثِهِ كَمَا كَانَ قَبْلَ إِحْدَاثِهِ ، بَلْ خَصَّ أَحَدَ الزَّمَانَيْنِ بِالْإِحْدَاثِ مِنْ غَيْرِ
[15] سَبَبٍ اقْتَضَى تَخْصِيصَهُ ، وَأَنَّهُ صَارَ مُرِيدًا فَاعِلًا مُحْدِثًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ
[16] ، مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ جَعَلَهُ كَذَلِكَ ، فَقَدْ قَالَ بِحُدُوثِ الْحَوَادِثِ بِلَا فَاعِلٍ .
وَإِذَا قَالُوا : الْإِرَادَةُ لَا تُعَلَّلُ كَانَ [ هَذَا ]
[17] كَلَامًا لَا حَقِيقَةَ لَهُ ، فَإِنَّ الْإِرَادَةَ أَمْرٌ حَادِثٌ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُحْدِثٍ ، وَهَذَا كَمَا قَالُوا : إِنِ الْبَارِئَ يُحْدِثُ إِرَادَةً لَا فِي مَحَلٍّ بِلَا سَبَبٍ اقْتَضَى حُدُوثَهَا وَلَا إِرَادَةٍ فَارْتَكَبُوا
[18] ثَلَاثَ مُحَالَاتٍ : حُدُوثَ حَادِثٍ
[19] بِلَا إِرَادَةٍ مِنَ اللَّهِ ، وَحُدُوثَ حَادِثٍ بِلَا سَبَبٍ حَادِثٍ ، وَقِيَامَ الصِّفَةِ بِنَفْسِهَا لَا فِي مَحَلٍّ .
وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ : كَوْنُهُ مُرِيدًا أَمْرٌ مُمْكِنٌ ، وَالْمُمْكِنُ
[20] لَا يَتَرَجَّحُ [ وُجُودُهُ عَلَى عَدَمِهِ وَلَا يَتَرَجَّحُ ]
[21] أَحَدُ طَرَفَيْهِ عَلَى الْآخَرِ إِلَّا بِمُرَجِّحٍ تَامٍّ .
وَهَذَا مِمَّا يَحْتَجُّ بِهِ
الرَّازِيُّ عَلَيْهِمْ وَهُوَ صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ لَكِنَّهُ تَنَاقَضٌ فِي مَسْأَلَةِ حُدُوثِ الْعَالَمِ
[22] .
[ ص: 239 ] وَالْحُجَّةُ الَّتِي ذَكَرَهَا هَذَا الْإِمَامِيُّ مَذْكُورَةٌ عَنْ
أَبِي الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيِّ [23] وَهِيَ صَحِيحَةٌ كَمَا أَنَّ الْأُخْرَى صَحِيحَةٌ فَيَجِبُ الْقَوْلُ
[24] بِهِمَا جَمِيعًا ، [ مَعَ أَنَّ جُمْهُورَ
[25] nindex.php?page=treesubj&link=30239الْقَدَرِيَّةِ يَقُولُونَ : الْعِلْمُ بِكَوْنِ الْعَبْدِ مُحْدِثًا لِأَفْعَالِهِ نَظَرِيٌّ لَا ضَرُورِيٌّ ، وَهَؤُلَاءِ يُخَالِفُونَ
أَبَا الْحُسَيْنِ .
وَأَبُو الْحُسَيْنِ يَقُولُ مَعَ ذَلِكَ : إِنَّ الْفِعْلَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الدَّاعِي وَالْقُدْرَةِ وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ الْفِعْلُ ، وَهُوَ حَقِيقَةُ قَوْلِ أَهْلِ الْإِثْبَاتِ ، وَلِهَذَا يُعَبِّرُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِنَحْوِ ذَلِكَ
كَأَبِي الْمَعَالِي وَالرَّازِيِّ وَغَيْرِهِمَا .
لَكِنْ إِذَا قِيلَ مَعَ ذَلِكَ : إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28785اللَّهَ خَالِقُ أَفْعَالِ الْعِبَادِ أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ مَنْ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْأَشْيَاءَ بِالْأَسْبَابِ .
وَمَنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ يَقُولُ : خَلَقَ الْفِعْلَ عِنْدَ هَذِهِ الْأُمُورِ لَا بِهَا ، وَهُوَ قَوْلُ مَنْ لَمْ يَجْعَلْ لِلْقُدْرَةِ أَثَرًا فِي مَقْدُورِهَا كَالْأَشْعَرِيِّ وَغَيْرِهِ ]
[26] .
فَإِنْ قِيلَ : كَيْفَ يَكُونُ اللَّهُ مُحْدِثًا لَهَا وَالْعَبْدُ مُحْدِثًا لَهَا .
قِيلَ : إِحْدَاثُ اللَّهِ لَهَا بِمَعْنَى أَنْ خَلَقَهَا [ مُنْفَصِلَةً عَنْهُ قَائِمَةً بِالْعَبْدِ ]
[27] فَجَعَلَ الْعَبْدَ فَاعِلًا لَهَا بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ
[28] الَّتِي خَلَقَهَا اللَّهُ [ تَعَالَى ] ،
[ ص: 240 ] وَإِحْدَاثُ الْعَبْدِ لَهَا
[29] بِمَعْنَى أَنَّهُ حَدَثَ مِنْهُ هَذَا الْفِعْلُ [ الْقَائِمُ بِهِ ]
[30] بِالْقُدْرَةِ وَالْمَشِيئَةِ الَّتِي خَلَقَهَا اللَّهُ فِيهِ .
وَكُلٌّ مِنَ الْإِحْدَاثَيْنِ مُسْتَلْزِمٌ لِلْآخَرِ وَجِهَةُ الْإِضَافَةِ مُخْتَلِفَةٌ [ فَمَا أَحْدَثَهُ الرَّبُّ فَهُوَ مُبَايِنٌ لَهُ قَائِمٌ بِالْمَخْلُوقِ وَفِعْلُ الْعَبْدِ الَّذِي أَحْدَثَهُ قَائِمٌ بِهِ ]
[31] فَلَا يَكُونُ الْعَبْدُ فَاعِلًا لِلْفِعْلِ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ حَتَّى يَجْعَلَهُ اللَّهُ كَذَلِكَ فَيُحْدِثَ
[32] قُدْرَتَهُ وَمَشِيئَتَهُ وَالْفِعْلَ الَّذِي كَانَ بِذَلِكَ وَإِذَا جَعَلَهُ اللَّهُ فَاعِلًا وَجَبَ
[33] وُجُودُ ذَلِكَ .
فَخَلْقُ الرَّبِّ لِفِعْلِ الْعَبْدِ يَسْتَلْزِمُ وُجُودَ الْفِعْلِ ، وَكَوْنَ الْعَبْدِ فَاعِلًا لَهُ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ يَسْتَلْزِمُ كَوْنَ الرَّبِّ خَالِقًا لَهُ ، بَلْ جَمِيعُ الْحَوَادِثِ بِأَسْبَابِهَا هِيَ مِنْ هَذَا الْبَابِ
[34] .
[ فَإِنْ قِيلَ : هَذَا قَوْلُ مَنْ يَقُولُ هِيَ فِعْلٌ لِلرَّبِّ وَفِعْلٌ لِلْعَبْدِ .
قِيلَ : مَنْ قَالَ هِيَ فِعْلٌ لَهُمَا بِمَعْنَى الشَّرِكَةِ فَقَدْ أَخْطَأَ ، وَمَنْ قَالَ : إِنَّ فِعْلَ الرَّبِّ هُوَ مَا انْفَصَلَ عَنْهُ ، وَقَالَ : إِنَّهَا فِعْلٌ لَهُمَا كَمَا قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11812أَبُو إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِينِيُّ ، فَلَا بُدَّ أَنْ يُفَسَّرَ كَلَامُهُ بِشَيْءٍ يُعْقَلُ .
وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ جُمْهُورِ أَهْلِ السُّنَّةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ : إِنَّهَا مَفْعُولَةٌ لِلرَّبِّ
[ ص: 241 ] لَا فِعْلَ لَهُ إِذَا فَعَلَهُ مَا قَامَ بِهِ وَالْفِعْلُ عِنْدَهُمْ غَيْرُ الْمَفْعُولِ ، فَيَقُولُونَ إِنَّهَا مَفْعُولَةٌ لِلرَّبِّ لَا فِعْلَ لَهُ
[35] وَإِنَّهَا فِعْلٌ لِلْعَبْدِ .
كَمَا يَقُولُونَ فِي قُدْرَةِ الْعَبْدِ : إِنَّهَا قُدْرَةٌ لِلْعَبْدِ مَقْدُورَةٌ لِلرَّبِّ لَا إِنَّهَا نَفْسُ قُدْرَةِ الرَّبِّ .
وَكَذَلِكَ إِرَادَةُ الْعَبْدِ هِيَ إِرَادَةٌ لِلْعَبْدِ مُرَادَةٌ لِلرَّبِّ .
وَكَذَلِكَ سَائِرُ صِفَاتِ الْعَبْدِ هِيَ صِفَاتٌ لَهُ وَهِيَ
[36] مَفْعُولَةٌ لِلرَّبِّ مَخْلُوقَةٌ لَهُ لَيْسَتْ بِصِفَاتٍ لَهُ .
وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَضَافَ كَثِيرًا مِنَ الْحَوَادِثِ إِلَيْهِ وَأَضَافَهُ إِلَى بَعْضِ مَخْلُوقَاتِهِ ، إِمَّا أَنْ يُضِيفَ عَيْنَهُ أَوْ نَظِيرَهُ .
كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=42اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى [ سُورَةُ الزُّمَرِ 42 ] ] .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=60هُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ [ سُورَةُ الْأَنْعَامِ 60 ] .
مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=11قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ [ سُورَةُ السَّجْدَةِ 11 ] .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=61تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ [ سُورَةُ الْأَنْعَامِ 61 ] .
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الرِّيحِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=25تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا [ سُورَةُ الْأَحْقَافِ : 25 ] .
[ ص: 242 ] وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=137وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ [ سُورَةُ الْأَعْرَافِ 137 ] .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=9إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [ سُورَةُ الْإِسْرَاءِ 9 ] .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=16يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ [ سُورَةُ الْمَائِدَةِ 16 ] .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=3نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ [ سُورَةُ يُوسُفَ 3 ] .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=76إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ [ سُورَةُ النَّمْلِ 76 ] .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ [ سُورَةُ النِّسَاءِ 127 ] .
أَيْ : مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=5فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ [ سُورَةُ الْحَجِّ : 5 ] ، فَأَضَافَ الْإِنْبَاتَ
[37] إِلَيْهَا .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=7وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ [ سُورَةُ الْحِجْرِ 19 ] .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=10هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=11يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ [ سُورَةُ النَّحْلِ 10 ، 11 ] .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=24حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا [ سُورَةُ يُونُسَ 24 ] .
[ ص: 243 ] وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=7إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا [ سُورَةُ الْكَهْفِ 7 ] .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=6إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ [ سُورَةُ الصَّافَّاتِ 6 ] .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=4يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا [ سُورَةُ الْحَدِيدِ : 4 ] .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=2يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ [ سُورَةُ النَّحْلِ : 2 ] .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=193نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ [ سُورَةُ الشُّعَرَاءِ : 193 ] .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=105وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ [ سُورَةُ الْإِسْرَاءِ : 105 ] .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=18وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً [ سُورَةُ الْمُؤْمِنُونَ : 18 ] .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=21وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ [ سُورَةُ فُصِّلَتْ : 21 ] ، وَقَالَ
سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=16يَاأَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ [ سُورَةُ النَّمْلِ : 16 ] .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=23فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ [ سُورَةُ الذَّارِيَاتِ : 23 ] ، فَهُمْ نَطَقُوا وَهُوَ أَنْطَقَهُمْ ، وَهُوَ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ .
فَإِذَا كَانَ [ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ]
[38] قَدْ جَعَلَ فِي الْجَمَادَاتِ قُوًى تَفْعَلُ ، وَقَدْ أَضَافَ الْفِعْلَ إِلَيْهَا وَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ خَالِقًا لِأَفْعَالِهَا ، فَلَأَنْ لَا
[ ص: 244 ] يُمْنَعُ إِضَافَةُ الْفِعْلِ إِلَى الْحَيَوَانِ وَإِنْ كَانَ اللَّهُ خَالِقَهُ - بِطَرِيقِ الْأَوْلَى .
فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30239الْقَدَرِيَّةَ لَا تُنَازِعُ فِي أَنَّ اللَّهَ خَالِقُ مَا فِي الْجَمَادَاتِ مِنَ الْقُوَى وَالْحَرَكَاتِ وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ
[39] أَنَّ الْأَرْضَ تُنْبِتُ ، وَأَنَّ السَّحَابَ يَحْمِلُ الْمَاءَ كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=2فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا [ سُورَةُ الذَّارِيَاتِ : 2 ] .
وَالرِّيحُ تَنْقُلُ السَّحَابَ كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=57وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ [ سُورَةُ الْأَعْرَافِ : 57 ] ، وَأَخْبَرَ أَنَّ الرِّيحَ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ ، وَأَخْبَرَ أَنَّ الْمَاءَ طَغَى بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=11إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ [ سُورَةُ الْحَاقَّةِ : 11 ] .
بَلْ قَدْ أَخْبَرَ بِمَا هُوَ أَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ مِنْ سُجُودِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَتَسْبِيحِهَا كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=18أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ [ سُورَةُ الْحَجِّ : 18 ] .
وَهَذَا التَّفْصِيلُ يَمْنَعُ حَمْلَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ كَوْنُهَا مَخْلُوقَةً دَالَّةً عَلَى الْخَالِقِ وَأَنَّ الْمُرَادَ شَهَادَتُهَا بِلِسَانِ الْحَالِ فَإِنَّ هَذَا عَامٌّ لِجَمِيعِ النَّاسِ .
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=10يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ [ سُورَةُ سَبَأٍ : 10 ] .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=18إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=19وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ [ سُورَةُ ص : 18 ، 19 ] .
[ ص: 245 ] فَأَخْبَرَ أَنَّ الْجِبَالَ تَئَوِّبُ مَعَهُ وَالطَّيْرَ ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ سَخَّرَهَا تُسَبِّحُ .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=41أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ [ سُورَةُ النُّورِ : 41 ] .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=44وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ [ سُورَةُ الْإِسْرَاءِ : 44 ] .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=15وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا [ سُورَةُ الرَّعْدِ : 15 ] .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=74ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ [ سُورَةُ الْبَقَرَةِ : 74 ] .
وَبَسْطُ الْكَلَامِ عَلَى سُجُودِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَتَسْبِيحِهَا مَذْكُورٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ
[40] .
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ هَذَا كُلَّهُ مَخْلُوقٌ لِلَّهِ بِالِاتِّفَاقِ مَعَ جَعْلِ ذَلِكَ فِعْلًا لِهَذِهِ الْأَعْيَانِ فِي الْقُرْآنِ ، فَعُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُنَافِي كَوْنَ الرَّبِّ تَعَالَى خَالِقًا لِكُلِّ شَيْءٍ .