وفي إعراب كمثله - وجوه ،
[ ص: 122 ] أحدها : أن الكاف صلة زيدت للتأكيد ، قال
أوس بن حجر :
ليس كمثل الفتى زهير خلق يوازيه في الفضائل
وقال آخر :
ما إن كمثلهم في الناس من بشر
وقال آخر :
وقتلى كمثل جذوع النخيل
فيكون ( مثله ) خبر ليس واسمها شيء . وهذا وجه قوي حسن ، تعرف العرب معناه في لغتها ، ولا يخفى عنها إذا خوطبت به ، وقد جاء عن العرب أيضا زيادة الكاف للتأكيد في قول بعضهم :
وصاليات ككما يؤثفين
[ ص: 123 ] وقول الآخر :
فأصبحت مثل كعصف مأكول
[ ص: 124 ] الوجه الثاني : أن الزائد ( مثل ) أي : ليس كهو شيء ، وهذا القول بعيد ، لأن مثل اسم والقول بزيادة الحرف للتأكيد أولى من القول بزيادة الاسم .
الوجه الثالث : أنه ليس ثم زيادة أصلا ، بل هذا من باب قولهم : مثلك لا يفعل كذا ، أي : أنت لا تفعله ، وأتى بمثل للمبالغة ، وقالوا في معنى المبالغة هنا : أي : ليس لمثله مثل لو فرض المثل ، فكيف ولا مثل له . وقيل غير ذلك ، والأول أظهر .
وَفِي إِعْرَابِ كَمِثْلِهِ - وُجُوهٌ ،
[ ص: 122 ] أَحَدُهَا : أَنَّ الْكَافَ صِلَةٌ زِيدَتْ لِلتَّأْكِيدِ ، قَالَ
أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ :
لَيْسَ كَمِثْلِ الْفَتَى زُهَيْرٍ خَلْقٌ يُوَازِيهِ فِي الْفَضَائِلِ
وَقَالَ آخَرُ :
مَا إِنْ كَمِثْلِهِمُ فِي النَّاسِ مِنْ بَشَرِ
وَقَالَ آخَرُ :
وَقَتْلَى كَمِثْلِ جُذُوعِ النَّخِيلِ
فَيَكُونُ ( مِثْلِهِ ) خَبَرُ لَيْسَ وَاسْمُهَا شَيْءٌ . وَهَذَا وَجْهٌ قَوِيٌّ حَسَنٌ ، تَعْرِفُ الْعَرَبُ مَعْنَاهُ فِي لُغَتِهَا ، وَلَا يَخْفَى عَنْهَا إِذَا خُوطِبَتْ بِهِ ، وَقَدْ جَاءَ عَنِ الْعَرَبِ أَيْضًا زِيَادَةُ الْكَافِ لِلتَّأْكِيدِ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ :
وَصَالِيَاتٍ كَكَمَا يُؤَثْفَيْنَ
[ ص: 123 ] وَقَوْلِ الْآخَرِ :
فَأَصْبَحَتْ مِثْلَ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ
[ ص: 124 ] الْوَجْهُ الثَّانِي : أَنَّ الزَّائِدَ ( مِثْلِ ) أَيْ : لَيْسَ كَهُوَ شَيْءٌ ، وَهَذَا الْقَوْلُ بَعِيدٌ ، لِأَنَّ مِثْلَ اسْمٌ وَالْقَوْلُ بِزِيَادَةِ الْحَرْفِ لِلتَّأْكِيدِ أَوْلَى مِنَ الْقَوْلِ بِزِيَادَةِ الِاسْمِ .
الْوَجْهُ الثَّالِثُ : أَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ زِيَادَةٌ أَصْلًا ، بَلْ هَذَا مِنْ بَابِ قَوْلِهِمْ : مِثْلُكَ لَا يَفْعَلُ كَذَا ، أَيْ : أَنْتَ لَا تَفْعَلُهُ ، وَأَتَى بِمِثْلٍ لِلْمُبَالَغَةِ ، وَقَالُوا فِي مَعْنَى الْمُبَالَغَةِ هُنَا : أَيْ : لَيْسَ لِمِثْلِهِ مِثْلٌ لَوْ فُرِضَ الْمِثْلُ ، فَكَيْفَ وَلَا مِثْلَ لَهُ . وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ .