وقد
nindex.php?page=treesubj&link=29615_28712أدخل المتكلمون في أسماء الله تعالى القديم ، وليس هو من الأسماء الحسنى ، فإن القديم في لغة العرب التي نزل بها القرآن : هو المتقدم على غيره ، فيقال : هذا قديم ، للعتيق ، وهذا حديث ، للجديد . ولم يستعملوا هذا الاسم إلا في المتقدم على غيره ، لا فيما لم يسبقه عدم ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=39حتى عاد كالعرجون القديم ( يس : 39 ) . والعرجون القديم : الذي يبقى إلى حين وجود العرجون الثاني ، فإذا وجد الجديد قيل للأول : قديم ، وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=11وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم ( الأحقاف : 11 ) ، أي متقدم في الزمان . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=75أفرأيتم ما كنتم تعبدون nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=76أنتم وآباؤكم الأقدمون ( الشعراء : 75 - 76 ) . فالأقدم مبالغة في القديم ، ومنه : القول القديم والجديد
nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي رحمه الله تعالى . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=98يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار ( هود : 98 ) ، أي يتقدمهم . ويستعمل منه الفعل لازما ومتعديا ، كما يقال : أخذني ما قدم وما حدث ، ويقال : هذا قدم هذا
[ ص: 78 ] وهو يقدمه . ومنه سميت القدم قدما ، لأنها تقدم بقية بدن الإنسان وأما إدخال القديم في أسماء الله تعالى ، فهو مشهور عند أكثر أهل الكلام . وقد أنكر ذلك كثير من السلف والخلف ، منهم
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم .
ولا ريب أنه إذا كان مستعملا في نفس التقدم ، فإن ما تقدم على الحوادث كلها فهو أحق بالتقدم من غيره . لكن أسماء الله تعالى هي الأسماء الحسنى التي تدل على خصوص ما يمدح به ، والتقدم في اللغة مطلق لا يختص بالتقدم على الحوادث كلها ، فلا يكون من الأسماء الحسنى . وجاء الشرع باسمه الأول . وهو أحسن من القديم ، لأنه يشعر بأن ما بعده آيل إليه وتابع له ، بخلاف القديم . والله تعالى له الأسماء الحسنى لا الحسنة .
قوله : ( يفنى ويبيد ) .
ش : إقرار بدوام بقائه سبحانه وتعالى ، قال عز من قائل :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=26كل من عليها فان nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=27ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ( الرحمن : 26 - 27 ) . والفناء والبيد متقاربان في المعنى ، والجمع بينهما في الذكر للتأكيد ، وهو أيضا مقرر ومؤكد لقوله : دائم بلا انتهاء .
وَقَدْ
nindex.php?page=treesubj&link=29615_28712أَدْخَلَ الْمُتَكَلِّمُونَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى الْقَدِيمَ ، وَلَيْسَ هُوَ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى ، فَإِنَّ الْقَدِيمَ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْقُرْآنُ : هُوَ الْمُتَقَدِّمُ عَلَى غَيْرِهِ ، فَيُقَالُ : هَذَا قَدِيمٌ ، لِلْعَتِيقِ ، وَهَذَا حَدِيثٌ ، لِلْجَدِيدِ . وَلَمْ يَسْتَعْمِلُوا هَذَا الِاسْمَ إِلَّا فِي الْمُتَقَدِّمِ عَلَى غَيْرِهِ ، لَا فِيمَا لَمْ يَسْبِقْهُ عَدَمٌ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=39حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ( يس : 39 ) . وَالْعُرْجُونُ الْقَدِيمُ : الَّذِي يَبْقَى إِلَى حِينِ وُجُودِ الْعُرْجُونِ الثَّانِي ، فَإِذَا وُجِدَ الْجَدِيدُ قِيلَ لِلْأَوَّلِ : قَدِيمٌ ، وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=11وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ ( الْأَحْقَافِ : 11 ) ، أَيْ مُتَقَدِّمٌ فِي الزَّمَانِ . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=75أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=76أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ ( الشُّعَرَاءِ : 75 - 76 ) . فَالْأَقْدَمُ مُبَالَغَةٌ فِي الْقَدِيمِ ، وَمِنْهُ : الْقَوْلُ الْقَدِيمُ وَالْجَدِيدُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790لِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=98يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ ( هُودٍ : 98 ) ، أَيْ يَتَقَدَّمُهُمْ . وَيُسْتَعْمَلُ مِنْهُ الْفِعْلُ لَازِمًا وَمُتَعَدَّيًا ، كَمَا يُقَالُ : أَخَذَنِي مَا قَدُمَ وَمَا حَدُثَ ، وَيُقَالُ : هَذَا قَدَمَ هَذَا
[ ص: 78 ] وَهُوَ يَقْدُمُهُ . وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْقَدَمُ قَدَمًا ، لِأَنَّهَا تَقْدُمُ بَقِيَّةَ بَدَنِ الْإِنْسَانِ وَأَمَّا إِدْخَالُ الْقَدِيمِ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَهُوَ مَشْهُورٌ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْكَلَامِ . وَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ ، مِنْهُمُ
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابْنُ حَزْمٍ .
وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ مُسْتَعْمَلًا فِي نَفْسِ التَّقَدُّمِ ، فَإِنَّ مَا تَقَدَّمَ عَلَى الْحَوَادِثِ كُلِّهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِالتَّقَدُّمِ مِنْ غَيْرِهِ . لَكِنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ تَعَالَى هِيَ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى الَّتِي تَدُلُّ عَلَى خُصُوصِ مَا يُمْدَحُ بِهِ ، وَالتَّقَدُّمُ فِي اللُّغَةِ مُطْلَقٌ لَا يَخْتَصُّ بِالتَّقَدُّمِ عَلَى الْحَوَادِثِ كُلِّهَا ، فَلَا يَكُونُ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى . وَجَاءَ الشَّرْعُ بِاسْمِهِ الْأَوَّلِ . وَهُوَ أَحْسَنُ مِنَ الْقَدِيمِ ، لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ مَا بَعْدَهُ آيِلٌ إِلَيْهِ وَتَابِعٌ لَهُ ، بِخِلَافِ الْقَدِيمِ . وَاللَّهُ تَعَالَى لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى لَا الْحَسَنَةُ .
قَوْلُهُ : ( يَفْنَى وَيَبِيدُ ) .
ش : إِقْرَارٌ بِدَوَامِ بَقَائِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، قَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=26كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=27وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ( الرَّحْمَنِ : 26 - 27 ) . وَالْفَنَاءُ وَالْبَيْدُ مُتَقَارِبَانِ فِي الْمَعْنَى ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الذِّكْرِ لِلتَّأْكِيدِ ، وَهُوَ أَيْضًا مُقَرِّرٌ وَمُؤَكِّدٌ لِقَوْلِهِ : دَائِمٌ بِلَا انْتِهَاءٍ .