! وقد اعترض صاحب المنتخب على النحويين في
nindex.php?page=treesubj&link=28664تقدير الخبر في لا إله إلا هو - فقالوا : تقديره : لا إله في الوجود إلا الله ، فقال : يكون ذلك نفيا لوجود الإله . ومعلوم أن نفي الماهية أقوى في التوحيد الصرف من نفي الوجود ، فكان إجراء الكلام على ظاهره والإعراض عن هذا الإضمار أولى .
وأجاب
أبو عبد الله محمد بن أبي الفضل المرسي في ( ري الظمآن ) فقال : هذا كلام من لا يعرف لسان العرب ، فإن ( إله ) في موضع المبتدأ على قول
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ، وعند غيره اسم لا ، وعلى التقديرين فلا بد من خبر للمبتدإ ، وإلا فما قاله من الاستغناء عن الإضمار فاسد .
[ ص: 74 ] وأما قوله : إذا لم يضمر يكون نفيا للماهية - فليس بشيء ، لأن نفي الماهية هو نفي الوجود ، لا تتصور الماهية إلا مع الوجود ، فلا فرق بين لا ماهية ولا وجود . وهذا مذهب أهل السنة ، خلافا
للمعتزلة ، فإنهم يثبتون ماهية عارية عن الوجود ، وإلا الله - مرفوع ، بدلا من لا إله لا يكون خبرا لـ لا ، ولا للمبتدإ . وذكر الدليل على ذلك .
[ ص: 75 ] وليس المراد هنا ذكر الإعراب ، بل المراد رفع الإشكال الوارد على النحاة في ذلك ، وبيان أنه من جهة
المعتزلة . وهو فاسد : فإن قولهم : نفي الوجود ليس تقييدا ، لأن العدم ليس بشيء ، قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا ( مريم : 9 ) . ولا يقال : ليس قوله : غيره كقوله : إلا الله ، لأن غير تعرب بإعراب الاسم الواقع بعد إلا . فيكون التقدير للخبر فيهما واحدا . فلهذا ذكرت هذا الإشكال وجوابه هنا .
! وَقَدِ اعْتَرَضَ صَاحِبُ الْمُنْتَخَبِ عَلَى النَّحْوِيِّينَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28664تَقْدِيرِ الْخَبَرِ فِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ - فَقَالُوا : تَقْدِيرُهُ : لَا إِلَهَ فِي الْوُجُودِ إِلَّا اللَّهُ ، فَقَالَ : يَكُونُ ذَلِكَ نَفْيًا لِوُجُودِ الْإِلَهِ . وَمَعْلُومٌ أَنَّ نَفْيَ الْمَاهِيَّةِ أَقْوَى فِي التَّوْحِيدِ الصِّرْفِ مِنْ نَفْيِ الْوُجُودِ ، فَكَانَ إِجْرَاءُ الْكَلَامِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَالْإِعْرَاضُ عَنْ هَذَا الْإِضْمَارِ أَوْلَى .
وَأَجَابَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْفَضْلِ الْمُرْسِيُّ فِي ( رَيِّ الظَّمْآنِ ) فَقَالَ : هَذَا كَلَامُ مَنْ لَا يَعْرِفُ لِسَانَ الْعَرَبِ ، فَإِنَّ ( إِلَهَ ) فِي مَوْضِعِ الْمُبْتَدَأِ عَلَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ ، وَعِنْدَ غَيْرِهِ اسْمُ لَا ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ خَبَرِ لِلْمُبْتَدَإِ ، وَإِلَّا فَمَا قَالَهُ مِنَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنِ الْإِضْمَارِ فَاسِدٌ .
[ ص: 74 ] وَأَمَّا قَوْلُهُ : إِذَا لَمْ يُضْمَرْ يَكُونُ نَفْيًا لِلْمَاهِيَّةِ - فَلَيْسَ بِشَيْءٍ ، لِأَنَّ نَفْيَ الْمَاهِيَّةِ هُوَ نَفْيُ الْوُجُودِ ، لَا تُتَصَوَّرُ الْمَاهِيَّةُ إِلَّا مَعَ الْوُجُودِ ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ لَا مَاهِيَّةَ وَلَا وُجُودَ . وَهَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ ، خِلَافًا
لِلْمُعْتَزِلَةِ ، فَإِنَّهُمْ يُثْبِتُونَ مَاهِيَّةً عَارِيَةً عَنِ الْوُجُودِ ، وَإِلَّا اللَّهُ - مَرْفُوعٌ ، بَدَلًا مِنْ لَا إِلَهَ لَا يَكُونُ خَبَرًا لِـ لَا ، وَلَا لِلْمُبْتَدَإِ . وَذَكَرَ الدَّلِيلَ عَلَى ذَلِكَ .
[ ص: 75 ] وَلَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا ذِكْرَ الْإِعْرَابِ ، بَلِ الْمُرَادُ رَفْعُ الْإِشْكَالِ الْوَارِدِ عَلَى النُّحَاةِ فِي ذَلِكَ ، وَبَيَانُ أَنَّهُ مِنْ جِهَةِ
الْمُعْتَزِلَةِ . وَهُوَ فَاسِدٌ : فَإِنَّ قَوْلَهُمْ : نَفْيَ الْوُجُودِ لَيْسَ تَقْيِيدًا ، لِأَنَّ الْعَدَمَ لَيْسَ بِشَيْءٍ ، قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا ( مَرْيَمَ : 9 ) . وَلَا يُقَالُ : لَيْسَ قَوْلُهُ : غَيْرُهُ كَقَوْلِهِ : إِلَّا اللَّهُ ، لِأَنَّ غَيْرَ تُعْرَبُ بِإِعْرَابِ الِاسْمِ الْوَاقِعِ بَعْدَ إِلَّا . فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ لِلْخَبَرِ فِيهِمَا وَاحِدًا . فَلِهَذَا ذَكَرْتُ هَذَا الْإِشْكَالَ وَجَوَابَهُ هُنَا .