417 - وقد أومأ إليه
أحمد فيما خرجه في الرد على
الجهمية ، فقال : إذا أردت أن تعرف أن
nindex.php?page=treesubj&link=28729_28836_28730الجهمي كاذب على الله حين زعم أنه في كل مكان ولا يكون في مكان دون مكان ، فقل له : أليس كان الله ولا شيء فحين خلق الشيء خلقه في نفسه أو خارجا من نفسه ؟ فإن قال : خلقه في نفسه كفرا! وإن قال : خلقه خارجا من نفسه ثم دخل فيهم كان أيضا كفرا ، حين دخل في مكان وحيز بل وحش ، وإن قال : خلقهم خارجا من نفسه ولم يدخل فيهم; رجع عن قوله وهو قول أهل السنة وهذا من كلام
أحمد يدل على
nindex.php?page=treesubj&link=28729إثبات النفس ، لأنه جعل ذلك حجة عليهم ، ولو لم يعتقد ذلك لم يحتج به ، وقد أخبر بذلك في آي من كتابه منها قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54كتب ربكم على نفسه الرحمة ) وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك ) وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=28ويحذركم الله نفسه ) وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=41واصطنعتك لنفسي ) ولأنه ليس في إثبات النفس ما يحيل صفاته ولا يخرجها عما تستحقه ، لأنا لا نثبت نفسا منفوسة مجسمة مركبة ذات روح ، ولا نثبت نفسا بمعنى الدم على ما تقوله العرب : له نفس سائلة وليست له نفس ويريدون بذلك الدم ، لأن الله سبحانه يتعالى عن ذلك ، بل نثبت نفسا هي صفة زائدة على الذات ، كما أثبت له حياة ونفسا فقلنا حي بحياة ، وباق ببقاء ،
[ ص: 445 ] وإن لم يكن حياته وبقاؤه عرضين كحياتنا وبقائنا ، كذلك في النفس فإن قيل : فأثبتوا له روحا لأنه قد وصف نفسه بذلك ، فقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=29ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ) قيل : لا نثبت ذلك ، لأن السمع لم يرد بذلك على وجه الصفة للذات ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=29ونفخت فيه من روحي ) المراد به أمره ، لقيام الدليل على أن صفات ذاته لا تحل المحدثات ، ويفارق هذا إثبات النفس ، لأنه ليس في إثباتها ما يحيل صفاته ولا يخرجها عما تستحقه لما ذكرنا فإن قيل : ليس المراد بالنفس ها هنا إثبات صفة ، وإنما المراد بذلك الذات ، كما تقول العرب : هذا نفس الأمر ، ويريدون به إثبات الأمر لا أن له نفسا ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=28ويحذركم الله نفسه ) معناه : عقوبته ، وقيل : إياه ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116تعلم ما في نفسي ) أي في غيبي (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116ولا أعلم ما في نفسك ) أي غيبك ، وقيل في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116ولا أعلم ما في نفسك ) يرجع إلى نفس
عيسى ، وأضاف نفسه إلى الله من طريق الملك والخلق ، فيكون معناه : لا أعلم ما في ملكك مما خلقته إلا ما أعلمتني ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54كتب ربكم على نفسه ) معناه : كتب عليه ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=41واصطنعتك لنفسي ) معناه : اصطنعتك لذاتي أو لرسالتي ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=687960ذكرته في نفسي " معناه : أخفيت ثوابه كما أخفى ذكري في نفسه ، ومنه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=17فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ) وقول النبي صلى الله عليه وسلم إخبارا عن الله عز وجل : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=654406أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين [ ص: 446 ] رأت ، ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر " قيل : هذا غلط ، لأنه إن جاز حمل النفس على الذات; جاز حمل الحياة والبقاء على الذات فيقال : ذات حية ذات باقية ، وقد أجمعنا ومثبتو الصفات على أنه حي بحياة وباق ببقاء ، كذلك جاز أن يكون ذاتا بنفس ، ولأن هذا يؤدي إلى جواز القول بأن الله نفس ، وأنه يجوز أن يدعى فيقال : يا نفس اغفر لنا ، وقد أجمعت الأمة على منع ذلك .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=28710_28991تأويل قوله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=41واصطنعتك لنفسي ) معناه : لذاتي ورسالتي ، فلا يصح لأنه يسقط فائدة التخصيص
بموسى ، لأن غيره من الأنبياء اصطنعه لذاته ورسالته ، فوجب أن يكون لتخصيص النفس ها هنا فائدة وجواب آخر : وهو أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=41واصطنعتك لنفسي ) المراد به الله الذي له النفس ، وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=28710_28977قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54كتب ربكم على نفسه الرحمة ) المراد به الله الذي له النفس ، وكذلك قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=28ويحذركم الله نفسه ) المراد به الله الذي له النفس وجواب آخر : وهو أنه لا يصح حمل قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=28ويحذركم الله نفسه ) على عقوبته لأنه قد قال في سياقها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=28وإلى الله المصير ) ولو كان على ما
[ ص: 447 ] قالوه; لكان تقديره : وإلى عقوبة الله المصير ، ولا يصح أيضا حمل قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54كتب ربكم على نفسه الرحمة ) بمعنى عليه ، لأن ذلك لا ينفي إثبات النفس صفة له ، فيحصل تقديره ، كتب ربكم عليه ذي النفس ، لأن النفس صفة له ، ومثل هذا قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=166أنزله بعلمه ) والمراد به بعلمه وذاته ، لأن علمه لا يختص بذلك ، ولا يصح أيضا حمل قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116ولا أعلم ما في نفسك ) على غيبك لأن ذلك يسقط فائدة التخصيص ، لأنه غير عالم بغيب غير الله تعالى ، فعلم أن المراد به النفس التي هي صفة ، وكذلك لا يصح حمله لا أعلم ما في ملكك ، لأنه غير عالم بما في ملك غير الله من المخلوقين ، فلا فائدة من تخصيصه بالله تعالى ، فعلم أن المراد به ما ذكرنا .
وأما حملهم النفس على إخفاء الثواب فلا يصح ، لأنه لا فائدة في إخفاء الثواب ، بل الفائدة في إظهاره لأنه يحصل به الترغيب في الطاعات ، والحث عليها ، ولهذا عدد الجنة وأنهارها وثمارها ، كل ذلك حثا على الترغيب في الطاعات ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=17فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ) فإنه لم يخف ذكر الثواب ، ألا ترى أنه قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=17من قرة أعين ) فأثبت أن هناك ما تقر به العين ، وإنما أخفى تفصيل الثواب ، وهكذا الجواب عن قول النبي صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=654406ما لا عين رأت ولا أذن سمعت " معناه : لم تر وتسمع بتفصيله ، فأما جملته فقد أعلمنا به ، ولا يجوز إثبات روح .
417 - وَقَدْ أَوْمَأَ إِلَيْهِ
أَحْمَدُ فِيمَا خَرَّجَهُ فِي الرَّدِّ عَلَى
الْجَهْمِيَّةِ ، فَقَالَ : إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28729_28836_28730الْجَهْمِيَّ كَاذِبٌ عَلَى اللَّهِ حِينَ زَعَمَ أَنَّهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَلَا يَكُونُ فِي مَكَانٍ دُونَ مَكَانٍ ، فَقُلْ لَهُ : أَلَيْسَ كَانَ اللَّهُ وَلَا شَيْءَ فَحِينَ خَلَقَ الشَّيْءَ خَلَقَهُ فِي نَفْسِهِ أَوْ خَارِجًا مِنْ نَفْسِهِ ؟ فَإِنْ قَالَ : خَلَقَهُ فِي نَفْسِهِ كُفْرًا! وَإِنْ قَالَ : خَلَقَهُ خَارِجًا مِنْ نَفْسِهِ ثُمَّ دَخَلَ فِيهِمْ كَانَ أَيْضًا كُفْرًا ، حِينَ دَخَلَ فِي مَكَانٍ وَحَيِّزٍ بَلْ وَحَشَّ ، وَإِنْ قَالَ : خَلَقَهُمْ خَارِجًا مِنْ نَفْسِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ فِيهِمْ; رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَهَذَا مِنْ كَلَامِ
أَحْمَدَ يَدُلُّ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=28729إِثْبَاتِ النَّفْسِ ، لِأَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ ، وَلَوْ لَمْ يَعْتَقِدْ ذَلِكَ لَمْ يَحْتَجَّ بِهِ ، وَقَدْ أَخْبَرَ بِذَلِكَ فِي آيٍ مِنْ كِتَابِهِ مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ) وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ) وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=28وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ) وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=41وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي ) وَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِي إِثْبَاتِ النَّفْسِ مَا يُحِيلُ صِفَاتِهِ وَلَا يُخْرِجُهَا عَمَّا تَسْتَحِقُّهُ ، لِأَنَّا لَا نُثْبِتُ نَفْسًا مَنْفُوسَةً مُجَسَّمَةً مُرَكَّبَةً ذَاتَ رُوحٍ ، وَلَا نَثْبُتُ نَفْسًا بِمَعْنَى الدَّمِ عَلَى مَا تَقُولُهُ الْعَرَبُ : لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ وَلَيْسَتْ لَهُ نَفْسٌ وَيُرِيدُونَ بِذَلِكَ الدَّمَ ، لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَتَعَالَى عَنْ ذَلِكَ ، بَلْ نُثْبِتُ نَفْسًا هِيَ صِفَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى الذَّاتِ ، كَمَا أَثْبَتَ لَهُ حَيَاةً وَنَفْسًا فَقُلْنَا حَيٌّ بِحَيَاةٍ ، وَبَاقٍ بِبَقَاءٍ ،
[ ص: 445 ] وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَيَاتُهُ وَبَقَاؤُهُ عَرْضَيْنِ كَحَيَاتِنَا وَبَقَائِنَا ، كَذَلِكَ فِي النَّفْسِ فَإِنْ قِيلَ : فَأَثْبَتُوا لَهُ رُوحًا لِأَنَّهُ قَدْ وَصَفَ نَفْسَهُ بِذَلِكَ ، فَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=29وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) قِيلَ : لَا نَثْبُتُ ذَلِكَ ، لِأَنَّ السَّمْعَ لَمْ يُرَدْ بِذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الصِّفَةِ لِلذَّاتِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=29وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ) الْمُرَادُ بِهِ أَمْرُهُ ، لِقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ صِفَاتِ ذَاتِهِ لَا تَحِلُّ الْمُحْدَثَاتِ ، وَيُفَارِقُ هَذَا إِثْبَاتُ النَّفْسِ ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي إِثْبَاتِهَا مَا يُحِيلُ صِفَاتِهِ وَلَا يُخْرِجُهَا عَمَّا تَسْتَحِقُّهُ لِمَا ذَكَرْنَا فَإِنْ قِيلَ : لَيْسَ الْمُرَادُ بِالنَّفْسِ هَا هُنَا إِثْبَاتَ صِفَةٍ ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِذَلِكَ الذَّاتُ ، كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ : هَذَا نَفْسُ الْأَمْرِ ، وَيُرِيدُونَ بِهِ إِثْبَاتَ الْأَمْرِ لَا أَنَّ لَهُ نَفْسًا ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=28وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ) مَعْنَاهُ : عُقُوبَتَهُ ، وَقِيلَ : إِيَّاهُ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي ) أَيْ فِي غَيْبِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ) أَيْ غَيْبَكَ ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ) يَرْجِعُ إِلَى نَفْسِ
عِيسَى ، وَأَضَافَ نَفْسَهُ إِلَى اللَّهِ مِنْ طَرِيقِ الْمِلْكِ وَالْخَلْقِ ، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ : لَا أَعْلَمُ مَا فِي مِلْكِكَ مِمَّا خَلَقْتَهُ إِلَّا مَا أَعْلَمْتَنِي ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ ) مَعْنَاهُ : كَتَبَ عَلَيْهِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=41وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي ) مَعْنَاهُ : اصْطَنَعْتُكَ لِذَاتِي أَوْ لِرِسَالَتِي ، وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=687960ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي " مَعْنَاهُ : أَخْفَيْتُ ثَوَابَهُ كَمَا أَخْفَى ذِكْرِي فِي نَفْسِهِ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=17فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ) وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِخْبَارًا عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=654406أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ [ ص: 446 ] رَأَتْ ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ " قِيلَ : هَذَا غَلَطٌ ، لِأَنَّهُ إِنْ جَازَ حَمْلُ النَّفْسِ عَلَى الذَّاتِ; جَازَ حَمْلُ الْحَيَاةِ وَالْبَقَاءِ عَلَى الذَّاتِ فَيُقَالُ : ذَاتٌ حَيَّةٌ ذَاتٌ بَاقِيَةٌ ، وَقَدْ أَجْمَعْنَا وَمُثْبِتُو الصِّفَاتِ عَلَى أَنَّهُ حَيٌّ بِحَيَاةٍ وَبَاقٍ بِبَقَاءٍ ، كَذَلِكَ جَازَ أَنْ يَكُونَ ذَاتًا بِنَفْسٍ ، وَلِأَنَّ هَذَا يُؤَدِّي إِلَى جَوَازِ الْقَوْلِ بِأَنَّ اللَّهَ نَفْسٌ ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُدْعَى فَيُقَالُ : يَا نَفْسُ اغْفِرْ لَنَا ، وَقَدْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى مَنْعٍ ذَلِكَ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=28710_28991تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=41وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي ) مَعْنَاهُ : لِذَاتِي وَرِسَالَتِي ، فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ فَائِدَةَ التَّخْصِيصِ
بِمُوسَى ، لِأَنَّ غَيْرَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ اصْطَنَعَهُ لِذَاتِهِ وَرِسَالَتِهِ ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ لِتَخْصِيصِ النَّفْسِ هَا هُنَا فَائِدَةٌ وَجَوَابٌ آخَرُ : وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=41وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي ) الْمُرَادُ بِهِ اللَّهُ الَّذِي لَهُ النَّفْسُ ، وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=28710_28977قَوْلُهُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ) الْمُرَادُ بِهِ اللَّهُ الَّذِي لَهُ النَّفْسُ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=28وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ) الْمُرَادُ بِهِ اللَّهُ الَّذِي لَهُ النَّفْسُ وَجَوَابٌ آخَرُ : وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ حَمْلُ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=28وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ) عَلَى عُقُوبَتِهِ لِأَنَّهُ قَدْ قَالَ فِي سِيَاقِهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=28وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ) وَلَوْ كَانَ عَلَى مَا
[ ص: 447 ] قَالُوهُ; لَكَانَ تَقْدِيرُهُ : وَإِلَى عُقُوبَةِ اللَّهِ الْمَصِيرُ ، وَلَا يَصِحُّ أَيْضًا حَمْلُ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ) بِمَعْنَى عَلَيْهِ ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْفِي إِثْبَاتَ النَّفْسِ صِفَةً لَهُ ، فَيَحْصُلُ تَقْدِيرُهُ ، كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَيْهِ ذِي النَّفْسِ ، لِأَنَّ النَّفْسَ صِفَةٌ لَهُ ، وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=166أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ ) وَالْمُرَادُ بِهِ بِعِلْمِهِ وَذَاتِهِ ، لِأَنَّ عِلْمَهُ لَا يَخْتَصُّ بِذَلِكَ ، وَلَا يَصِحُّ أَيْضًا حَمْلُ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ) عَلَى غَيْبِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ يُسْقِطُ فَائِدَةَ التَّخْصِيصِ ، لِأَنَّهُ غَيْرُ عَالِمٍ بِغَيْبٍ غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى ، فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ النَّفْسُ الَّتِي هِيَ صِفَةٌ ، وَكَذَلِكَ لَا يَصِحُّ حَمْلُهُ لَا أَعْلَمُ مَا فِي مِلْكِكَ ، لِأَنَّهُ غَيْرُ عَالِمٍ بِمَا فِي مِلْكِ غَيْرِ اللَّهِ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ ، فَلَا فَائِدَةَ مِنْ تَخْصِيصِهِ بِاللَّهِ تَعَالَى ، فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا ذَكَرْنَا .
وَأُمًّا حَمَلَهُمُ النَّفْسَ عَلَى إِخْفَاءِ الثَّوَابِ فَلَا يَصِحُّ ، لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي إِخْفَاءِ الثَّوَابِ ، بَلِ الْفَائِدَةُ فِي إِظْهَارِهِ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ التَّرْغِيبُ فِي الطَّاعَاتِ ، وَالْحَثُّ عَلَيْهَا ، وَلِهَذَا عَدَّدَ الْجَنَّةَ وَأَنْهَارَهَا وَثِمَارَهَا ، كُلُّ ذَلِكَ حَثًّا عَلَى التَّرْغِيبِ فِي الطَّاعَاتِ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=17فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ) فَإِنَّهُ لَمْ يُخْفِ ذِكْرَ الثَّوَابِ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=17مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ) فَأَثْبَتَ أَنَّ هُنَاكَ مَا تَقَرُّ بِهِ الْعَيْنُ ، وَإِنَّمَا أَخْفَى تَفْصِيلَ الثَّوَابِ ، وَهَكَذَا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=654406مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ " مَعْنَاهُ : لَمْ تَرَ وَتَسْمَعْ بِتَفْصِيلِهِ ، فَأَمَّا جُمْلَتُهُ فَقَدْ أَعْلَمَنَا بِهِ ، وَلَا يَجُوزُ إِثْبَاتُ رُوحٍ .