هل أصبر على زوجي المؤذي والمريض نفسيًا لأجل مصلحة الأبناء؟
2025-04-29 02:18:13 | إسلام ويب
السؤال:
أنا متزوجة منذ ٧ سنوات، لدي بنت وابن، ومشكلتي أن زوجي يسيء عشرتي، وأظن أنه مريض نفسي، عرضت مشكلتي على مستشارة أسرية، ولم أستطع أن أشرح لها كل ما يفعله زوجي، ومما شرحت لها قالت: إنه قد يكون مريضاً نفسياً.
زوجي يفتعل المشاكل قاصداً، وينسج قصة ويبين أنه مظلوم، ويبدأ بالصراخ واتهامي ودفعي، وفي آخر مرة لطمني على وجهي.
تكون أسباب المشاكل بداخله، مثل: شعوره بالنقص، أو لماذا كنت أنا سعيدة بفعل شيء، وهو فعله لأجلي، وتزداد حدة صوته، ويبدأ بالشد على أسنانه، وتجحظ عيناه، ويطلب مني أن أؤكد معه أني مخطئة، ويشحن نفسه شحناً شديداً، ثم يبدأ بدفعي، ولا يقبل أن يسكت أمام الأولاد، ويبدأ بإسماع طفلتي الكبرى -٦سنوات- قاصداً، ويقول لي: أنت تُعلمين ابنتي أن لا ترد علي، وأن لا تسمع لي، أنت تجعلينني أصرخ، أنت تجعلين ابنتك عندما تكبر تتصرف مثلك.
لا أشعر بالإهانة من تصرفاته، أغضب حينها ثم أجد في نفسي سكينة، وأخشى أني صرت أقبل الذل، ولو أنه يبدو خطيراً، ففي لحظة غضب أمسك رأسي وشده للجهة الأخرى، حتى سمعت طقطقة عنقي.
حاولت إيقافه ومنع هذه الخلافات، ولكنه يريد فعل هذا، ولا يراه خطأً! لديه عيوب أخرى مثل أنه تارك للصلاة، إلا فرض الجمعة، وبخيل، قد يفتعل مشكلات بنفس الطريقة السابقة، إذا طلبت منه نقوداً لا يريد إنفاقها، فهو يجمع المال، ويهينني، ويقول فيّ ما ليس بي، بيني وبينه، ويدعو علي.
كلما سألت واستشرت قيل لي أولادك، والأفضل أن يكونوا عند أبيهم، وهكذا، فهل البقاء عند أب مريض نفسيًا أفضل من الابتعاد عنه؟ أجد في نفسي صبراً، -لله الحمد- ولكن أطفالي الذين يخافون من هذا الوضع، هل هو آمن لهم؟ أريد أن أربيهما عبدين صالحين لله سويين نفسياً، قويين، ووجود مثل هذا الحال يضعفهما، وأب كهذا لا يعين.
لماذا يصر الجميع على أن الأفضل بقاء الأطفال في بيت أبيهم؟ لم أجد إجابة، ولا أملك مالاً للاستشارات.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحباً بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يصلح هذا الزوج، وأن يكتب له العافية، وأن يهديه لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.
كنا حقيقة بحاجة لمزيد من التفصيل، وأيضًا معرفة تاريخ هذا الذي يحدث، هل هذه السنوات كلها التي عشت معه بنفس الحالة؟ أم يا ترى جاءه هذا المرض في وقت متأخر؟
الأمر الثاني: هل هذه التصرفات تحدث بينه وبين أهله؟ تحدث بينه وبين زملائه؟ تحدث بينه وبين من هم في بيئة العمل أم هي فقط معك داخل البيت؟ أيضًا نرجو ذكر الإيجابيات الموجودة فيه، حتى نرى الصورة كاملة، مسألة علاقته بأبنائه، واهتمامه بأطفاله، وحسن رعايتهم، والإنفاق عليهم، هذه أيضًا نحتاج أن نتعرف عليها.
كذلك: هل هناك وسيلة لتفادي مثل هذه المشاكل؟ أم كما ظهر لنا أنها تبدأ من غير مقدمات ومن غير أسباب؟ لا شك أن هناك ثمة إشكال موجود، وهل هو يعترف مثلًا حتى في لحظات الهدوء، أنه مريض أو أنه بحاجة إلى علاج، أو عنده استعداد أن يذهب لطبيب أم أنه لا يفكر بذلك؟
أسئلة نحتاج أن تجيبِي عليها؛ لأن هذه تساعدنا، وتقدير هذه الأمور لا بد للطبيب أن يحدد، هل هذا المرض له عمر محدد؟ هل هناك وقت محدد يمكن أن يزول؟ هل له تطورات يمكن أن تحدث؟ هل هذا المرض يمنعه من القيام بوظيفته كأب؟ هذه أمور نحن نحتاج إلى أن نعرف فيها الرأي الطبي، والرأي الشرعي.
أتمنى حقيقة من الإخوة أن يحولوها أيضاً للدكتور/ محمد عبد العليم، حتى يصنف هذا النوع من الأعراض من الناحية النفسية، لأننا نبني على إفادات الطبيب النفسي في مثل هذه الأحوال.
على كل حال: نحن لا نؤيد فكرة الاستعجال في خراب البيت، لأن لك الدور في علاجه وإعانته، إلى أن يبلغ العافية، ونتمنى أيضًا أن تستمعي لرأي العقلاء ممن حولك من الأهل، لأنهم -بلا شك- أيضاً يقدرون أموراً نحن لا نراها من حيث مصلحتكم كأسرة، من حيث الإيجابيات الموجودة في هذا الرجل، إلى غير ذلك من الأمور التي ربما لا ترى لنا نحن عن بعد.
نكرر الترحيب بك، ونحتاج للإجابة عن مثل هذه التساؤلات، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على تجاوز هذه الصعاب، وعموماً استمرار الحياة الزوجية أم التوقف فيها مبني على الإجابة على هذه التساؤلات، وخاصة رأي الطبيب النفسي الذي يحدد نوع المرض، وإمكانية العلاج منه، والتطورات التي يمكن أن تحدث من هذا المرض، هذه كلها أشياء سنبني عليها الحكم من الناحية الشرعية.
الذي نريد أن نقوله: عليك أن تدركي أن عليك مسؤولية، في علاجه ومساعدته، والسعي في هدايته، خاصة في أمر الصلاة، فإن فيها الصلاح وفيها الخير، وأتمنى أن تجدي من العقلاء من أهلك وأهله من يستطيع أن يعاونك على تجاوز هذه الصعاب.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق.
_________
انتهت إجابة د. أحمد الفرجابي...مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
وتليها إجابة د. محمد عبد العليم...استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
_________
أرحب بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.
قطعًا ما ورد في رسالتك أمر جدير بالاهتمام والمعالجة، ونحن طبعًا نثق في كل كلمة وردت في هذه الرسالة.
حتى يتم تشريح وتحليل واستكشاف هذا النوع من المشاكل الأسرية والزوجية، لا بد أن يكون المعالِج أو الطبيب النفسي أو المرشد النفسي مهنيًا منضبطًا، ولا بد أن يبحث ويجمع كل المعلومات المطلوبة، وليس من طرف واحد.
حين يتم الاستقصاء التام يستطيع المعالج أن يضع خطة إرشادية، ويضع طرق العلاج، وإن كان هنالك أحد الزوجين يعاني من مرض نفسي أو علة نفسية من أي نوعٍ، في هذه الحالة تسمى الأمور بمسماها الصحيح.
أيتها الفاضلة الكريمة: العنف الأسري في بيت الزوجية مرفوض رفضًا تامًّا -وفي حالتك وحسب ما ورد في رسالتك- فالعنف قد تعدى العنف اللفظي، وأصبح عنفًا جسديًّا، وهذا قطعًا غير مقبول، بل هو خطير، ولا يُقبل لا شرعًا ولا عُرفًا، ولا اجتماعيًا.
نصيحتي لك -أيتها الفاضلة الكريمة-: هو أن يتم إدخال أطراف يكونون -أو يكون الشخص الذي يدخل فيما بينكما- محط ثقة بالنسبة لزوجك، وهذا الشخص لا أريد أن أسميه محكِّمًا أو شيئاً من هذا القبيل، إنما دخوله سيساعدكم، سيساعدك، وسيساعد زوجك، وقطعًا حسب خبرة هذا الشخص يمكن أن يصل إلى حلول.
هذه هي الطريقة المثلى، أنا لا أعتقد أنك لوحدك تستطيعين أن تحلي هذه المشكلة، ما دام الأمر فيه اعتداء جسدي واعتداء لفظي وعنف، والعنف من هذا النوع يأتي تحت طائلة القوانين، نعم ولا شك في ذلك.
أنا أنصحك بأن تتحدثي مع زوجك الكريم بكل لطف، عن أن الزواج أصبح فيه صعوبات كثيرة، دون أن تضعي اللوم عليه مباشرة، وأنك أصبحت في درجة من عدم القدرة على التحمل، تخافين معها ألَّا تديري بيتك بالصورة المطلوبة، ولذا يجب أن يكون هنالك عون من جهة ما، أحد من الأهل، أو حتى إذا قبل أن تذهبوا إلى مرشد أو مرشدة متخصصة في المشاكل الزوجية، هذه أيضًا قد تكون خطوة إيجابية.
هذه وجهة نظري، وعلى ضوء ما يصل إليه المرشد أو الطرف من جانب الأهل، بعد ذلك يمكنك أن تتخذي القرار الذي يصلح أمر أسرتك وزوجك وأولادك.
أنا طبعاً متحفظ جدًّا في أن أسمي زوجك الكريم مريضاً نفسياً، هذا ليس صحيحًا أبدًا، أنا مقتنع بكل ما ورد في رسالتك، ولكن دون أن يتم التحدث إليه أو فحصه، لن يكون من الإنصاف أبدًا أن أسميه مريضًا نفسيًا أو مضطرباً نفسيًا، لكن كلامك يُقدَّر جدًّا، ونصيحتي لك هي الاستعانة بطرف ثالث.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.