السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو منكم التكرم بالإجابة على استشارتي، فقد كثرت الاتهامات من حولي ضدي بأني غامض للغاية، بل ويصفني البعض بـ"الكهف المظلم"، وآخرها ما حدث اليوم، إذ قال لي أحد معارفي: إنني أخفي الكثير والكثير، وكان يقصد ذلك بسخرية وسوء نية، بل صرّح بأن في شخصيتي شيئًا من الخبث، أو ما يشابهه.
الحقيقة أن هذه السمة لازمتني منذ الصغر، فأنا بطبعي كتوم إلى أقصى حد، لا أحب أن يعرف أحد بماذا أفكر أو ماذا أنوي فعله، حتى أقرب الناس إليّ من والديّ.
أجد صعوبة في إبلاغهم عن وجهتي إذا خرجت من المنزل، وكثيرًا ما أمرض ولا أُعلم أحدًا بحالتي، ومن الأمثلة الأخرى أنني إذا جلست على الإنترنت، لا أطيق أن يشاركني أحد الجلوس أو يطّلع على ما أتصفحه أو مع من أتحدث، حتى وإن كان الحديث عاديًا.
لا أُفشي أسراري لأحد، فخصوصيتي بالنسبة لي "منطقة محظورة"، ولا أرى لأحد حقًا في أن يسألني عنها، إلا أن كنت أنا من قرر البوح. وبالمثل، لا أحب التدخل في خصوصيات الآخرين، ولا أوجّه لهم أسئلة عن شؤونهم الخاصة، ولهذا أشعر بالضيق الشديد إذا سألني أحد عن أمر لا أرغب في مشاركته.
سؤالي هنا: هل هذا يُعد خبثًا فعلاً كما يُقال لي؟ لأنني شخصيًا لا أرى في ذلك أمرًا غير طبيعي، فأنا فقط أحب أن أحتفظ بحياتي الخاصة لنفسي، ولا أجد ضرورة لإطلاع الآخرين عليها.
أما المشكلة الأخرى، فهي أنني أغار بشدة من الأشخاص الناجحين في أي مجال، وأشعر أنني أقل منهم، حتى وإن كانوا أصغر مني سنًا، ومع ذلك لا أُظهر هذه المشاعر أبدًا، فأنا في الظاهر أبدو للناس واثقًا من نفسي، وأني ذو صفات طيبة، بينما لا أرى في نفسي شيئًا من ذلك.
هذا التناقض بين ظاهري وباطني يرهقني كثيرًا، ويجعلني أسهر الليالي أفكر في نفسي: لماذا أنا هكذا؟ ولماذا لا أستطيع أن أتغيّر؟
أفيدوني -جزاكم الله خيرًا- وأرشدوني لما فيه صلاح أمري.