الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طفلتي لديها مشكلة في الحفظ والتركيز، فما علاجها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لديّ طفلة بعمر ست سنوات، مشكلتها عدم القدرة على التركيز والحفظ، ولم ألاحظ عليها ذلك إلا بعد إدخالها الروضة في العام الماضي.

لاحظت مدرّستها حينها عدم قدرتها على استيعاب ما يُقال لها، ولم أستطع تعليمها في المنزل، فاضطررت إلى سحبها من الروضة، وفي الفصل الدراسي الثاني أجرينا لها الفحوصات اللازمة، وكانت جميع النتائج سليمة، ولله الحمد.

ألاحظ أنها ذكية في كثير من الأمور، ومشكلتها تتركز في العملية التعليمية فقط، هذا العام أعدتها إلى الروضة، رغم أنها بعمر يناسب المرحلة الابتدائية، فهي تتحدث بطلاقة وتعرف الكثير شفهياً، لكن مشكلتها في الكتابة والحفظ.

كما ألاحظ عليها كثرة تكرار الأسئلة، فتسأل السؤال ذاته عدة مرات، وقد عرضتها على استشارية نفسية، فوصفت لها دواء كونسرتا بتركيز 18 ملغم، تُعطى منه حبتين يومياً، ولاحظت تحسناً بسيطاً – والحمد لله.

حالياً تحاول كتابة الحروف، وتكتب بعضها لكن بشكل مقلوب، ولا تستطيع إتقان رسم الحرف بشكل صحيح، مع أنها تمسك القلم بطريقة جيدة، كما أرى أن لديها رغبة قوية في التعلُّم، فهي تقضي وقتاً طويلاً بالقلم والورقة، لكنها حين أُحاول تعليمها تبادرني بقولها: "أنا أعرف".

فيما يخص الحفظ: تحاول ترديد بعض الأناشيد، أو سور قصيرة من القرآن مما تسمعه من زميلاتها، لكنها تعجز عن الحفظ المتقن، أُكرر لها المقاطع كثيراً، وتحاول أن ترددها، ولكنها تقدّم وتؤخّر الكلمات، وفي النهاية لا نفهم ما تقول.

أنا قلقة جداً عليها، خصوصاً أنها ستدخل المدرسة قريباً بإذن الله، وأتساءل:

كيف ستستمر في الدراسة وهي بهذا الشكل؟ وما السبب وراء هذه الحالة؟ وهل لحبوب "كونسرتا" أضرار جانبية؟ فقد قرأت أنها قد تسبب الهلوسة، فهل هذا صحيح؟

تعبت كثيراً من شدة التفكير، وأرجو منكم إفادتي، ولكم جزيل الشكر والتقدير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/.. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

أريد أن أبدأ فيما انتهت إليه الطبيبة، وهي أنها قامت بوصف حبوب الكونسرتا لهذه الابنة، الكونسرتا من الأدوية الممتازة جدّاً، والتي تعطى لعلاج داء فرط الحركة الزائدة مع ضعف التركيز لدى الأطفال.

هذا الدواء له ضوابطه ولا يمكن أن يقدم الطبيب على وصفه، إلا إذا لاحظ أن الطفل كثير الحركة وضعيف التركيز، وهذه علة معروفة لدى بعض الأطفال.

إذا أخذنا بهذه الفرضية فإني أقول لك إن ابنتك ربما تكون تعاني من داء الحركة الزائد، وهذا هو الذي أضعف تركيزها ومقدرتها على الاستيعاب، وداء فرط الحركة الزائدة يكون لدى الطفل في جميع المواقع والمواضع تقريباً، الطفل يكون كثير الحركة ومشتت الانتباه، ومن الصعب أن نجعله يركز على أمر معين، أو موضوع معين حتى وإن كان من الأشياء التي يحبها ويفضلها.

إذا كان هذا هو السبب فأعتقد أن العلاج – أي الكونسرتا – هو العلاج الأفضل، وهو العلاج الأسلم، وسيساعد الطفلة كثيراً، وهو يعطي مفعوله الرئيسي بعد أسبوع إلى أسبوعين من بداية العلاج، وهذه الابنة – حفظها الله – أنت أعطيتها جرعات البداية، ولاحظت أن هناك تحسنًا بسيطا، وهذا يعني أن التحسن الأكثر ندعو الله أن يأتي به.

أنصحك بالاستمرار في الدواء إذا كان فعلاً هذه الابنة تعاني من فرط حركة الزائد وضعف التركيز وتشتيت الانتباه، والدواء دواء سليم، والجرعة التي أعطتها الطبيبة تناسب عمر هذه الابنة، والدواء لا يسبب الهلوسة إلا إذا أعطي بجرعات كبيرة وغير طبية.

أرجو أن لا تنزعجي لهذا الأمر أبداً، وكل الذي قد يسببه -الكونسرتا- أنه ربما يقلل الشهية للطعام قليلاً، وبعض الأطفال أيضاً ربما يقل نومهم نسبياً، وهذا ناتج لأن الدواء في الأصل ينتمي إلى مجموعة الأدوية المنبهة والتي تسمى بالأنفاتمينات، وبالرغم من أنه دواء منبه في الأصل، ولكن وجد أنه يقلل ضعف التركيز، وكثرة الحركة لدى الأطفال.

الدواء صحيح وممتاز، وأرجو إعطاءه للابنة ما دام هنالك سبب طبي يحتم ذلك، وأعتقد أن هذه الابنة أيضاً في حاجة لإجراء مقاييس الذكاء، بالرغم من ملاحظتك أنها ذكية، وأنا أحترم ذلك كثيراً، إلا أن اختبارات الذكاء التي تقوم على أسس مهنية منضبطة هي الأفضل، وهي الأحسن من أجل إجراء التقييم الحقيقي لمقدرات الطفلة.

بعض الأطفال ربما يكون الذكاء العام لديهم جيداً، ولكن يكون لهم ضعف أكاديمي في بعض المقدرات، مثلاً: تجد الطفل لا يستطيع تهجي الحروف ولكنه ممتاز جدّاً في الحساب مثلاً، أو يكون الطفل لديه مشكلة في الحساب ويكون جيداً في الهجاء، أو تكون لديه مشكلة في الكتابة، وهكذا.

هذه نسميها بالعلل التعليمية الخاصة، أي أن الطفل مقدراته منتقصة في متطلبات تعليمية معينة، وفي نهاية الأمر يكون العلاج طبعاً بالتحفيز، بالترغيب، وبالتكرار للطفل، والاستفادة أيضاً من الألعاب ذات الطابع التعليمي.

هذا هو الوضع، وإذا اتضح أن هذه الابنة لديها بعض المحدودية في مقدراتها، فأرجو أن لا تنزعجي أبداً لذلك، فقط المطلوب بالطبع هو أن تقضي معها وقتاً أكثر، وتقومي بتحبيبها وترغيبها وتكرار بعض المصطلحات بالنسبة لها، وإذا كان الأمر ناتجًا عن فرط الحركة الزائدة، فإن الكونسرتا مع التشجيع يساعدها كثيراً.

أرجو أيضاً أن تتيحي الفرصة للطفلة بأن تختلط بالأطفال الآخرين؛ لأن الطفل يتعلم من الطفل، وإن شاء الله حينما تذهب إلى المدرسة سوف تنطلق مقدراتها بصورة أفضل، وأرجو أن تواصلي مع الطبيبة التي وصفت لها الكونسرتا، ونشكر لك هذا التواصل معنا في إسلام ويب.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً