الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

درجاتي ضعفت في الامتحان بسبب عدم فهم الأسئلة، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالبة في الصف الثالث الثانوي، أحب جميع مواد القسم العلمي وكل ما يتعلق بها، فمنذ أن كنت في المرحلة الأساسية، كنت مولعة بمادة العلوم، بما تحويه من فروع: كالفيزياء والكيمياء وغيرها، ولذلك كنت متحمسة جدًّا لدراستها بشكل تفصيلي في المرحلة الثانوية.

في أول سنة من المرحلة الثانوية، بدأت الدراسة بجد واجتهاد، علمًا بأنني أحب الدراسة بطبيعتي، وليس لدي مشكلات في الفهم أو التركيز، ولم أُعانِ من أي صعوبة في أي مادة من قبل.

حين بدأت السنة الأولى، كنت أُبدي حماسي في الدروس، حتى إن معلمتي حين كانت تطرح الأسئلة، كنت أجيب بحماس وثقة، حتى على الأسئلة الصعبة التي لم يكن بقية الصف يعرف إجابتها، كنت سعيدة بهذا المستوى، وأشعر أن مستواي في الكيمياء تحديدًا ممتاز.

لكن، عندما جاء موعد أول امتحان، وبدأتُ أُعد له، درست جيدًا، وفوجئت يوم التوزيع بأن درجتي كانت 100/70، لقد صُدمت! راجعت ورقة الامتحان، ووجدت أنني لم أفهم الأسئلة كما ينبغي، وشعرت بأنني أدرس المادة بشكل خاطئ، أو أن عقلي غير قادر على فهمها بالشكل المطلوب.

حاولت معالجة المشكلة بجد، لكنّ هذا الإحساس ظلّ يلازمني: كأنني لا أفهم الكيمياء كما ينبغي، ومضت السنة الأولى على هذا النحو، وكذلك السنة الثانية؛ فبرغم محاولاتي الجادة، لم تتحسن درجاتي.

ثم جاءت المصيبة الكبرى: اندلاع الحرب في بلادي، ولم نتمكّن –كغيرنا– من إكمال السنة الدراسية، وانتقلنا إلى ولاية أخرى لنكمل عامنا الدراسي الأخير، لكنني عدت للمشكلة ذاتها: لا أعرف من أين أبدأ ولا كيف أبدأ.

حاولت الاستفادة من مقاطع اليوتيوب التعليمية، لكنها لم تُجدِ نفعًا! أرجو منكم مساعدتي في أقرب وقت، فأنا –منذ بدء هذه الحرب– أصبحت طموحاتي أعلى من أي وقت مضى، لكن بهذا المستوى المتدني في الكيمياء، والذي يؤثّر سلبًا على نفسيتي وبقية المواد، لن أتمكن من تحصيل درجات مرتفعة أو بلوغ المعدل الممتاز الذي اعتدت عليه في السابق.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Maryam حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولاً، نود أن نعبّر عن تقديرنا العميق لشغفك واهتمامك بالعلوم، ورغبتك المستمرة في التفوق على الرغم من التحديات التي تواجهينها، وما تمرين به ليس سهلًا، خاصة مع الظروف الصعبة التي تعيشينها في بلدك، ومع ذلك، فإن اعترافك بالمشكلة ورغبتك في التحسين هو خطوة كبيرة وإيجابية نحو الحل.

أولاً، دعينا نحلل المشكلة:
- يبدو أن هناك اختلافًا بين مستوى التحضير والدراسة، وبين القدرة على فهم وتفسير أسئلة الامتحان، هذا قد يشير إلى حاجتك لتطوير مهارات تحليل الأسئلة، وفهم ما يُطلب منك تحديدًا، وليس فقط معرفة المعلومات النظرية.

- الحرب والظروف التي مررت بها قد أثرت على تركيزك وقدرتك على استيعاب المواد بشكل كامل، الضغط النفسي يؤثر بشكل كبير على الأداء الأكاديمي.

- الانتقال من مكان إلى آخر والتغيرات التي تصاحب ذلك يمكن أن تخلق إحساسًا بعدم الاستقرار، مما يؤثر على قدرتك على التركيز والتكيف مع نظام تعليمي جديد.

إليك بعض الخطوات العملية للتحسين:
1. خذي وقتًا لتحليل ورقة الامتحان السابقة، التي حصلت فيها على درجات أقل من المتوقع، حاولي فهم ما إذا كانت المشكلة في فهم السؤال، في طريقة الإجابة، أو في الجزء النظري الذي يعتمد عليه السؤال.

2. ركزي على حل أسئلة امتحانات سابقة، أو تدريبات مشابهة من مصادر مختلفة، حاولي الإجابة على الأسئلة دون الرجوع إلى الكتاب، ثم قومي بمراجعة الإجابات ومحاولة فهم الأخطاء.

3. ابدئي بدراسة الكيمياء بشكل مقسم إلى وحدات صغيرة، وخصصي وقتًا محددًا لكل وحدة، ثم اختبري نفسك في نهاية كل وحدة، هذا سيعطيك ثقة أكبر، ويساعدك على التعامل مع المادة بشكل تدريجي.

4. إذا كانت المشاهدة على يوتيوب غير فعالة لكِ، جربي مصادر أخرى مثل مواقع تعليمية موثوقة، أو قنوات تقدم شرحًا متدرجًا للمواد، حاولي التركيز على موضوع محدد بدلاً من مشاهدة عدة مواضيع في وقت واحد.

5. حاولي تطبيق تقنيات الاسترخاء، مثل التنفس العميق لبضع دقائق يوميًا، هذه الأساليب يمكن أن تساعد في تهدئة العقل وزيادة القدرة على التركيز.

6. اجعلي الدعاء جزءًا من يومك، قال الله تعالى: "وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدْعُونِيٓ أَسْتَجِبْ لَكُمْ" (غافر: 60)، توجهي إلى الله بالدعاء ليمنحك القوة والقدرة على الفهم والتحصيل.

7. التفكر في قوله تعالى: "وَعَسَىٰٓ أَن تَكْرَهُواْ شَيْـًۭٔا وَهُوَ خَيْرٌۭ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰٓ أَن تُحِبُّواْ شَيْـًۭٔا وَهُوَ شَرٌّۭ لَّكُمْ ۗ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" (البقرة: 216)، هذه الآية تذكير بأن الأمور التي قد تبدو لنا صعبة أو سلبية قد تحمل في طياتها خيرًا كثيرًا لا ندركه.

8. الطموحات العالية هي دافع ممتاز، ولكن من المهم أيضًا أن تكوني واقعية مع نفسك، وأن تتقبلي أن لكل إنسان تحدياته الخاصة.

باختصار: استعيني بالله، ثم تابعي بتطبيق الخطوات العملية، واستثمري في تحسين مهاراتك الأكاديمية والنفسية، ولا تنسي أن تقبلي نفسك بمرونة، وأن تعطي نفسك الوقت اللازم للتغلب على هذه الصعوبات.

نسأل الله أن يوفقك ويسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً