الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حياتي منقلبة رأسا على عقب فكيف أرجع للسابق؟

السؤال

أنا طالبة جامعية، بدأت أعاني من مشاكل في حياتي مع بداية هذا الفصل، فتحولت من طالبة امتياز إلى طالبة على وشك الرسوب، وكنت حريصة جدا على صلواتي, وقراءة القرآن والأذكار، فبعد أن كنت أشعر بالراحة والطمأنينة في أدائي لعباداتي, أصبحت أؤديها بملل وضيق شديد, ولا أصدق متى أنتهي منها، حتى إني بدأت أنسى الأذكار التي طالما كنت أقولها غيبا, وبدأت أحتاج لمن يذكرني بالأدعية، وبعد أن كنت أدرس باجتهاد أصبحت لا أدرس أبدا, لدرجة أني لا أستطيع أن أمسك كتابا, فكلما حاولت أن أدرس سرعان ما أشرد ذهنيا، بالإضافة إلى شعوري بالضيق والكره لكل من حولي, ولا أطيق الكلام, وأنزعج جدا من سماع أي صوت، حتى أنني أضع هاتفي على الصامت, وأفتح الأبواب والأدراج والماء بصوت خافت جدا, على الرغم من أني أسكن لوحدي في الغرفة، وأصبحت أعاني من آلام في مختلف أنحاء جسدي, وضيق في التنفس, وخمول كل يوم، وعندما أخبرت أصدقائي وأهلي عن حالتي قالوا لي بأني محسودة, ونصحوني بقراءة سورة البقرة, والرقية الشرعية, وفعلا عملت بنصيحتهم لفترة وجيزة, وارتحت قليلا, ولكني سرعان ما عدت إلى حالتي المأساوية, ولا أدري الآن ماذا أفعل؟ فالامتحانات النهائية على وشك البدء, وستؤثر هذه الدرجات على معدلي التراكمي الذي طالما تعبت من أجل أن أرفعه.

وأخيرا: أحب أن أنوه بأنني بحمد الله بعيدة عن المعاصي, ولكنى أعلم جيدا بأنني مقصرة في عباداتي.

آسفة جدا على الإطالة, ولكن الذي دفعني لكتابة موضوعي هو: أن أمي بدأت تنزعج من تراجعي الدراسي, وتشعرني بأنني مهملة ومقصرة بإرادتي, مع أنني أحاول بذل كل ما في وسعي للحصول على الأفضل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سناء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن هذا التغير في المزاج وفي الدافعية, وقلة الطاقات النفسية والجسدية، غالبًا يكون مرده لحالة من الاكتئاب النفسي القلقي البسيط، وربما يكون هذا ناتجًا من انشغالك الشديد بأمر الامتحانات, وتضخيم الموضوع وتجسيده بصورة سلبية، هذا ربما يكون هو السبب الرئيسي، وربما يكون أيضًا لديك أصلاً شيء من الاستعداد للقلق والتوتر، ويعرف تمامًا أن القلق طاقة نفسية إيجابية ممتازة جدًّا, تحسن من دافعيتنا ومن إنتاجنا، وأن نسمو بأنفسنا، لكنه حين يزداد القلق ويخرج عن مساره الطبيعي يؤدي إلى الإحباط, وإلى الحيرة, وإلى ضعف التركيز, وافتقاد الرغبة.

الذي أريده منك أولاً أن تثقي في مقدراتك، فأنت بفضل الله تعالى لديك المقدرات، لديك المميزات النفسية والسلوكية، ولا شك أن لديك آمالا وأهدافا في هذه الحياة، فيجب أن تفكري على هذا النسق، أي النسق الإيجابي، وتسألي نفسك (لماذا أنا هكذا؟ ليس هنالك ما يدعوني للكدر، ليس هنالك ما يدعوني للخوف) لا تقبلي هذا الوضع، يجب أن تنهضي بنفسك بقوة وشدة.

وفي أمر الصلاة لا تدعي للشيطان مجالاً ليتلاعب بك أبدًا، وكذلك في موضوع الدراسة.

إذن: رفع الهمة هو مسئولية شخصية, يستطيع الإنسان أن يقوم بها مهما كانت حالته النفسية إذا استشعر أهمية الأمور، وأنت إن شاء الله تعالى مستشعرة لأهمية الأمور.

الدراسة والعبادة، هذه مفاهيم نفسية معرفية مهمة جدًّا، ومعرفة قيمة الأشياء تدلنا دائمًا إلى الوصول إليها مهما كانت العوائق, ومهما كانت الحالة النفسية.

ثانيًا: أنا أرى أنك سوف تستفيدين كثيرًا من بعض الأدوية البسيطة المضادة للقلق, والتي تحسن المزاج, وتحسن الدافعية.

أنصحك بتناول عقار يعرف تجاريًا باسم (فلوناكسول), واسمه العلمي هو (فلوبنتكسول), الجرعة المطلوبة هي نصف حبة صباحًا ومساءً، تناوليها لمدة شهرين، ثم اجعليها حبة واحدة في الصباح لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

والدواء الثاني يعرف تجاريًا باسم (سبرالكس) ويعرف علميًا باسم (إستالوبرام) والجرعة المطلوبة هي خمسة مليجرامات، أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرامات، تناولي هذه الجرعة الصغيرة لمدة أربعة أيام، ثم اجعليها حبة كاملة (عشرة مليجرامات) تناوليها لمدة شهرين، ثم خفضيها إلى نصف حبة لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء, هذه أدوية سليمة, وأدوية فاعلة، وأنت محتاجة لها لفترة مؤقتة، وهي لا تحتاج لوصفة طبية، وهذا دليل على سلامتها.

بالطبع يجب أن تناقشي والدتك في هذا الأمر، أنك قد استرشدت بنا في إسلام ويب، وهي نصيحتنا التي نقدمها لك، وإن ارتأت والدتك أن تذهبي إلى طبيب نفسي فهذا أيضًا فيه خير كثير، ومعظم الخدمات الطبية الجامعية يكون ملحق بها خدمات نفسية.

من الضروري جدًّا أن تضعي خارطة ذهنية تقسمي من خلالها وقتك، ومن حقك تمامًا أن تأخذي قسطًا من الراحة، أن ترفهي عن نفسك، وأن تمارسي الرياضة، وأن تخصصي وقتا للدراسة ووقتا للعبادة، وهكذا, لا بد من وضع هذه الخارطة الذهنية, وإلزام نفسك بها.

وعليك أن تسمّي الله في الأمور كلها، وأن تعقدي النية, فالنية مطلوبة في كل شيء، في أعمال الدنيا وفي أعمال الآخرة, فالعبادات لا تصح بدون نية، وكذلك أعمال الدنيا لا تنفذ دون أن نعقد النية، فكوني ذات همة، وارفعي من قدر نفسك، وحاولي أيضًا أن تجدي مؤازرة من زميلاتك وأخواتك من النموذج الطيب من الفتيات.

أما عن موضوع الحسد وخلافه فأنا أؤمن بذلك، لكني أرى أن مشكلتك هي مشكلة نفسية عابرة مؤقتة، وعلى العموم أنت تداركت واتخذت ما هو سليم، فوضتِ أمرك إلى الله, وقرأتِ سورة البقرة, والرقية الشرعية، وحصنت نفسك وأكثرت من الدعاء والأذكار، وإن شاء الله تعالى أنت في حرز الله, وفي حفظه.

أسأل الله لك التوفيق والسداد, والشفاء والعافية، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر تسنيم

    جزاكم الله كل خير

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً